قدم حياة الأرض على حياة الأنعام والناس، لأن حياة الأرض سبب فيما بعدها من حياة الأنعام والناس
(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير) فاطر 32
تقديم الأكثر على الأقل
(وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور * لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور
يقول ابن الأثير (تقديم الإناث على الذكور – مع أن الذكور أشرف – ليناسب ما يرونه بلاء البلاء
يعارضة الدكتور المظعني قائلا:
ولعل من هذا النوع تقديم الإناث على الذكور في معرض الهبات: (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور)
لأن الأنثى أقل شأنا من الذكر في معرض الهبه وكان الرب يرون هبتها عارا فقدمت الإناث على الذكور تنبيها لهم على خطأ تلك النظره لإفادة أن الأنثى والذكر سواء كلاهما هبه من الله.
وأقول: بأن كلام ابن الأثير لا يعارض ما ذكره الدكتور المظعني
فابن الأثير قال أن تقديم الإناث من قبل تقديم ما يرونه بلاء وهذا يوافق الآيه التي قبلها (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور)
ولا يعارضه قول المظعني
حيث رأى أنه من قبيل تقديم الهبه وهذا متعلق بقوله تعالى يهب (لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء اناثا .. الآيه)
فهو بلاء بحسب نظرتهم وهو بنفس الوقت هبه بحسب حقيقة الأمر وتقرير ذلك
وهذا بحد ذاته فائدة ولطيفه من أجمل اللطائف في التقديم والتأخير
(يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) الحج 23
قدمت التحليه والزينه بالمجوهرات على اللباس لبيان شدة ما هم فيه من النعمه حيث التحليه فيها زيادة نعيم ويدل على رغد عيشهم حيث التحليه والزينه شئ زائد عن اللباس
(فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث)
قدم حق اليتيم والسائل، لأنه غني وهما محتاجان وتقديم حق المحتاج أولى
وقدم اليتيم على السائل لأن اليتيم أضعف من السائل. إذ هو لا يكون يتيما إلا دون البلوغ والرشد والسائل قد يكون بالغا راشدا.
(إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات)
لفظة المحصنات فيها تعاطف، لأن المؤمنة قد تخطئ، فكأن القرآن يقول: إنهم يرمون من شأنه ألا يرمى لوجوده في الواقع على خلاف ما يدعون.
(الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون. ذلكم الله ربكم خالق كل شئ لا إله إلا هو فأنى تؤفكون.) غافر 61 - 62
- (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون. بديع السماوات والأرض أني يكون له لد ولم تكن له صاحبه وخلق كل شئ وهو بكل شئ عليم. ذلكم الله ربكم لاإله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل) الأنعام 100 – 102
الحديث هنا عن قوله تعالى (خالق كل شئ) وقوله (لا إله إلا هو) والتقديم والتأخير بينهما في الآيتين
في غافر قدم (خالق كل شئ)
وفي الأنعام عكس فقدم (لا إله إلا هو)
وعند التأمل نرى المقام في غافر مقام تعدد وتذكر بنعم الله فناسب ذلك تقديم (خالق كل شئ) والمقام في الأنعام مقام يزعم فيه المشركون تعدد الآلهه حيث جعلوا له شركاء الجن فقدمت
(لا إله إلا هو) لأن فيها نصا على نفي التعدد المزعوم فالتقديم هنا من باب تقديم الأنسب فالأنسب.
(قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) الأنعام 151
(ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا) الإسراء 31
في الأنعام قال (نحن نرزقكم وإياهم) وقال قبلها (من إملاق)
في الإسراء قال (نحن نرزقهم وإياكم) وقال قبلها خشية إملاق
فما السر في تقديم رزق المخاطبين في الأنعام وتقديم رزق الأولاد في الإسراء؟؟
الجواب: إن الخطاب في الأنعام مع قوم فقراء يهمهم رزقهم أولا ثم رزق أولادهم ثانيا فقدم رزقهم لأنه عندهم أهم.
وفي الإسراء الخطاب مع غير فقراء لكنهم يخشون وقوع الفقر في المستقبل فتجوع أولادهم فرزق أولادهم - لأنه مظنة القله المتوقعه – أهم عندهم من رزقهم لأنهم حاصلون عليه، فقدم رزق أولادهم على رزقهم لأنه أهم لديهم والدليل التعبير في الأولى بقوله (من إملاق) أي فقر واقع فعلا وفي الثانيه (خشية إملاق) أي فقر متوقع.
(وكلا منها رغدا حيث شئتما) البقره 35
(وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية وكلا منها حيث شئتم رغدا) البقره 58
في الآيه الأولى تقديم رغدا على حيث شئتما في خطاب الله تعالى لآدم وحواء لأن طعامهما كان أهم عندهما أما المكان المدلول عليه (حيث شئتما) فما كان يعنيهما في شئ لأنهما اثنان والجنة فسيحة لا تضيق بهما.
وتقديم (حيث شئتم) في خطاب بني اسرائيل لأنه أهم عندهم إذ كانوا جميعا من الناس والمدخول فيه قريه فقد يظنون أنها تضيق بهم إذا سعوا فيها ابتغاء الرزق والسكنى فقدم ما هو عندهم أهم. والله أ علم) انتهى كلامه
وأضيف ايضا لأن بني اسرائيل كانوا هاربين من مصر والهارب من مكان إلى مكان أول ما يعنيه في المكان الجديد أن يسير حيث شاء والله اعلم
¥