ـ[يسري خضر]ــــــــ[10 Jun 2008, 04:00 م]ـ
أخي الكريم حسين جزاك الله خيرا وبارك فيك
لست أدري من قال من أهل العلم إن الدعوة الي الحوار بين أهل االأديان بدعة؟ وهاهم خمسمائة من علماء الاسلام يجتمعون في مكة المكرمة ولمدة ثلاثة أيام يناقشون الحوار وضوابطه، وأطراف الحوار من أتباع الديانات السماوية، وأتباع الفلسفات كالهندوسية والبوذية، وكذلك مستقبل الحوار مع المسيحية، في ظل الإساءات المتكررة للإسلام.الخ
وهم يدركون ويفهمون الآيات التي أوردتها جيدا ويدركون أيضا أن من معالم المنهج القرآني في الدعوة {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
"ومن الملاحظ على التعبير القرآني المعجز في الآية أنه اكتفى في الموعظة بأن تكون (حسنة)، ولكنه لم يكتف في الجدال إلا أن يكون بالتي هي (أحسن)؛ لأن الموعظة تكون مع الموافقين، أما الجدال فيكون مع المخالفين، لهذا وجب أن يكون بالتي هي أحسن، على معنى أنه لو كانت هناك للجدال والحوار طريقتان: طريقة حسنة وجيدة، وطريقة أحسن منها وأجود، كان المسلم الداعية مأمورًا أن يحاور مخالفيه بالطريقة التي هي أحسن وأجود.
ومن ذلك أن يختار أرق العبارات وأخف الأساليب في جداله مع المخالفين، حتى يؤنسهم ويقربهم منه، ولا يوغر صدورهم أو يثير عصبيتهم. وقد ضرب لنا القرآن أمثلة رائعة وبارزة في هذا المجال في حسن مجادلة المخالفين.
ومن ذلك قوله تعالى في جدال المشركين: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. قُلْ لا تُسْأَلونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (سبأ: 24).
ففي هذا الأسلوب الرقيق الرفيق من إرخاء العنان، وتسكين الخصم وإرضاء غروره .. ما يهيئ نفسه للاقتناع أو الاقتراب منه إلى حد كبير. فهو يقول: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ولم يقل لهم: أنتم في ضلال مبين. ثم قال: {قُلْ لا تُسْأَلونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} وكان مقتضى المقابلة أن يقول: {ولا نسأل عما تجرمون} ولكن لم يشأ أن يجيبهم بنسبة الإجرام إليهم، إيناسا وتقريبا وتأليفا لقلوبهم.
ومن الجدال بالتي هي أحسن: التركيز على الجوامع المشتركة بين المتحاورين، لا على نقاط الاختلاف والتمايز بينهما، فإن وجود أرض مشتركة بين الطرفين يساعد على جدية الحوار وجدواه، وإمكان الانتفاع به فيما هو متفق عليه بين الأطراف المتجادلة.
وهذا ما يشير إليه القرآن في الجدال مع أهل الكتاب، حيث يقول تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (العنكبوت: 46) فهو هنا يركز على العقائد التي تقرب المسلمين منهم، وهي أن المسلمين يؤمنون بكل ما أنزل الله من كتاب، كما يؤمنون بكل من بعث الله من رسول، وكذلك يؤمن الجميع بإله واحد. ومن هذه النقطة ينطلق اللقاء لمواجهة الملاحدة والجاحدين الذين لا يؤمنون إلا بالمادة وحدها ولا يعتقدون أن للكون إلها ولا أن في الإنسان روحا ولا أن وراء الدنيا آخرة.
ومن الجدال بالتي هي أحسن ما ذكره صاحب (الظلال) رحمه الله، وهو أن يكون حوارا رقيقا رفيقا بلا تحامل على المخالف ولا ترذيل له وتقبيح، حتى يطمئن إلى الداعي ويشعر أن ليس هدفه هو الغلبة في الجدل، ولكن الإقناع والوصول إلى الحق. فالنفس البشرية لها كبرياؤها وعنادها، وهي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق، حتى لا تشعر بالهزيمة. وسرعان ما تختلط على النفس قيمة الرأي وقيمتها هي عند الناس فتعتبر التنازل عن الرأي تنازلاً عن هيبتها واحترامها وكيانها. والجدل بالحسنى هو الذي يطامن من هذه الكبرياء الحساسة ويشعر المجادل أن ذاته مصونة وقيمته كريمة، وأن الداعي لا يقصد إلا كشف الحقيقة في ذاتها والاهتداء إليها. في سبيل الله، لا في سبيل ذاته ونصرة رأيه وهزيمة الرأي الآخر!
ولكي يطامن الداعية من حماسته واندفاعاته يشير النص القرآني إلى أن الله هو الأعلم بمن ضل عن سبيله وهو الأعلم بالمهتدين. فلا ضرورة للجاجة في الجدل إنما هو البيان والأمر بعد ذلك لله"
أما إن كنت تقصد ازالة الفوارق بين ألأديان أو ما يسمي بالعالمية وتوحيد الاديان الخ فأوافقك عليه ورحم الله الشيخ العلامة بكر بن عبد الله ابو زيد فقد كفي وشفي.في إبطالها وبيان تاريخها وآثارها
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[10 Jun 2008, 06:59 م]ـ
هذا النوع من الاستدلال مثال آخر على آفة (الوثوقية) في تبديع الآخرين بدل محاولة فهم الآخرين، واستسهال الحكم على العمل ببطلانه.
ولعل ما يساعد في التحاكم في مثل هذه المواقف الخلافية: أن نبحث عن سبب الوصول إلى نتائج متناقضة، رغم التحاكم إلى نفس النصوص:
- فهل تكمن المشكلة في فهم النص القرآني؟
- أم في دلالته؟
- أم في استنباط الحكم منه؟
- أم في ربط النصوص بعضها ببعض؟
- أم في تنزيل النص على واقعة من الوقائع؟
وهذا الأمر لا يمنع أيضا إمكانية أن يكون السبب عائدا إلى وضع الرجل نتيجة من النتائج (حسب ميله الشخصي) ثم يتخير من المقدمات ما يوصله إلى النتيجة التي حددها سلفا، فيظن سلامة منهجه في الاستدلال.
¥