تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه القضية لم تزل تتكرر منذ قرابة نصف قرن، حين أطلق المجمع الفاتيكاني الثاني المنعقد في الفاتيكان في الفترة 1962 - 1965 الدعوة للتقارب بين الأديان، وتلته مئات المؤتمرات والملتقيات والندوات تحت اسم (التقارب الإسلامي المسيحي) في حقبة السبعينيات والثمانينيات الميلادية، ثم (الحوار الإسلامي المسيحي)، وبعد اتفاقية (أوسلو) والسعي للتطبيع مع اليهود سميت (حوار الأديان الإبراهيمية)، ثم في ظل العولمة وسع المدلول فقيل (حوار الأديان) أو (حوار الحضارات) ليتم إدراج الديانات الوثنية من هندوسية وبوذية وكونفوشية، وغيرها.

وأياً كان الأمر فالعبرة بالمضمون،

فإن كان المقصود من الحوار امتثال أمر الله تعالى في قوله: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله"، فنحن أسعد الناس بالحوار، بل يجب أن نكون أصحاب المبادرة بالدعوة إليه، كما يدل قوله: "تعالوا" وقد حاور النبي صلى الله عليه وسلم اليهود في المدينة، وحاور نصارى نجران، وكتب إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام، وكذلك فعل أصحابه من بعده رضي الله عنهم، وسار على هذا النهج القرآني النبوي علماء الأمة في مناظراتهم ومحاجتهم لمخالفيهم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. فهذا اللون من الحوار هو حوار الدعوة) الذي جاء به المرسلون وهو وظيفة الأمة،

وأما الحوار الذي يتحاشى الدعوة إلى توحيد الله ونبذ الشرك واتخاذ الناس بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله فهو حوار باطل، يتضمن التلبيس على الناس في أمر دينهم فيظن السذج والجهال أن الأديان سواء، وأنه يسوغ لأي أحد أن يتدين بما شاء، وأن جميع الأديان موصلة إلى الله، كما يقول بذلك زنادقة الصوفية، أو أن يشتغل المتحاورون بضروب من المجاملات والمداهنات تحت ستار البحث عن أوجه الاتفاق وإقصاء أوجه الافتراق!! فهذا ما لم يسلكه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ولا أهل الإسلام على مر القرون، ولا ينتج دعوة إلى اعتناق الإسلام،

بل إن بعض هؤلاء المتحاورين يعتبر الدعوة الصريحة إلى اعتناق الإسلام في هذه المؤتمرات خيانة لأدب الحوار!! خلاف مضمون الكلمة السواء التي بينتها الآية السابقة.

وأما الحوار المتعلق بالمصالح السياسية، والاقتصادية، ونحوها فهذا يلتحق بباب السياسة الشرعية للأمة كتوقيع العقود والاتفاقيات،فهذا تفرضه طبيعة التعايش بين البشر، وتقاطع المصالح، ولا يلتبس بأمر الاعتقاد والدين، والولاء والبراء.ومن المؤسف أن معظم المؤتمرات المعقودة بين ممثلي الأديان لا يسلك المتحدثون باسم المسلمين فيها المسلك النبوي الصريح في الدعوة، بل يشتغلون في أمور جانبية هامشية، وسط تغطيات إعلامية تبرز الهدف المبيت لغير المسلمين من الظهور بمظهر (الزمالة) و (التآخي) مما يفقد دين الله الحق تميزه، وجاذبيته بحشره جنباً إلى جنب مع اليهود والنصارى والذين لا يعلمون.وقد رصدت في كتابي (دعوة التقريب بين الأديان) (1) أكثر من ثلاثمائة مؤتمر على مدى أكثر من أربعة عقود لا تنحى المنحى الشرعي في الحوار والله المستعان.


(1) مطبوع في أربع مجلدات وهو رسالة دكتوراه.

ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[29 Sep 2008, 12:47 ص]ـ
تكمن المشكلة فيما يتعلق بما يجري الآن سواء اصطلح عليه حوار الأديان أو حوار أهل الأديان في عدة أمور:-

1 - العلماء الذين يقومون على هذا الحوار، ولا نشكك في نوايا أحد على الإطلاق، دائما يأخذون منهج المدافع، وهم بهذا يصرون على إبقاء الإسلام في قفص الاتهام الغربي، لكن قد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحوار بمبادرة اليهود والنصارى بما عندهم، ومثل ذلك ماورد سببا لنزول آية سورة الأنعام" وما قدروا الله حق قدره ... الآية" فقد ابتدر المصطفى صلى الله عليه وسلم الحبر اليهودي وألجمه بالحجة أن الله يبغض الحبر السمين وهذا الحبر هو الحبر السمين. أما علماؤنا الأفاضل ليست لديهم أجندة مبادرة وإنما دائما أجندة رد الفعل والدفاع، ومعلوم أن هذا أسلوب ضعيف جدا في نشر الدين إن لم يكن عقيما.
2 - السياق الذي يتم فيه هذا الحوار يختاره الغربيون لتحقيق مصالحهم الخاصة وليس للعلماء المسلمين في اختياره حظ من قريب أو بعيد، بمعنى أنه سياق يفرض عليهم ولا يختاروه.
3 - أكثر هؤلاء العلماء وإن كان ماهرا بعلمه الذي اختص به حاذقا لحرفته بالعربية، إلا أنه لايجيد اللغة الأجنبية المستخدمة في الحوار وهي في الغالب للغة الإنلجليزية.
4 - يتم إدراج مصطلحات في الحوار تخالف العقيدة والشريعة الإسلامية ولا تقابل بتوضح من أي نوع من علماء الإسلام المشتركين في الحوار.

هذا إلى جوانب أخرى يضيق المقام عن ذكرها

والله الهادي إلى سبيل الرشاد

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير