تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعد أن عرض الله موقف المكذبين والمؤمنين في يوم الفصل عاد فذكر لهم الإرشادات والنصائح المخوفة في الدنيا استكمالا لما ذكره في قوله " إنما توعدون لواقع , فإذا النجوم طمست .... " فهناك ذكر أحداث الآخرة وهنا يعود فيقول لهم: " كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون " وهذا مصداق قوله تعالى "و َإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [البقرة: 126] " فمهما طالت أعماركم فهي قصيرة وأنتم ميتون وبعد الموت سيقع ويكون ما نحن به مخبرون , وعند موتكم " ويل يومئذ للمكذبين " " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " قيل أن المراد من الركوع هنا هو الركوع المعروف في الصلاة ولكن هذا بعيد والأرجح أن المراد من الركوع هو الخضوع والخشوع لله , فإذا حدث وتحقق خوطب الإنسان بباقي الأوامر , أما أن أخاطبه بالركوع الجسدي وهو لم يركع قلبا وعقلا فهذا ما لا يقبل , ثم إن الآية القادمة دليل على هذا الفهم؟ " ويل يومئذ للمكذبين " أي ويل لهم يوم لا يؤمنون ولا يخضعون فهذا سبب كل ما ينزل وسينزل بهم. " فبأي حديث بعده يؤمنون " أي فبأي حديث بعد ما ذكرنا في القرآن عامة والذي هو الذكر الملقى في أول السورة وما جاء في هذه السورة خاصة يؤمنون؟ فلقد ذكرنا لكم الدلائل الجلية والخفية وذكرناكم بما كان منكم وما كان من غيركم وعرفناكم ما سيكون ويقع بكم , وعلى الرغم من ذلك لم تؤمنوا , فماذا تريدون إذا لتؤمنوا؟

فانظر أخي في الله إلى هذا الأسلوب الأدبي العالي الذي لم يسبق , وكيف عرض الصورة بطريقة متداخلة بديعة تقطع على المفكر كل فكرة وتنقله من واد إلى آخر , فلا يملك من يسمع هذا الحديث الواثق إلا أن يعرف أن من يقوله قادر على أن يفعله.

هدانا الله لما فيه خير الصواب وعصمنا من الزلل والخلل

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير