تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَضَعَهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ"

وما يتضح لي من ذلك هو أن الإمام البخاري أراد بفعله السابق أن يشير إلى أن الموقف تكرر،مرة قبل نزول الحجاب، ومرة بعده، فقدم الرواية الأولى لأنها سبقت، وأخر الرواية الثانية مع أنها أدل على ما أراد؛ لأنها حدثت بعد الأولى، فتغير الترتيب يعني تغير الحكم؛ والدليل على أنه أراد ذلك؛ أنه ذكر الرواية الثانية تحت (باب خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ)،وقد وردت الرواية كالتالي:

حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

"خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلًا فَرَآهَا عُمَرُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ إِنَّكِ وَاللَّهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ فِي حُجْرَتِي يَتَعَشَّى وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَعَرْقًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ"

فواضح بذلك أن البخاري يرى جواز خروج النساء لقضاء حوائجهن.

ولعمري فالرواية الثانية فيها ما يدل على أنها حدثت بعد الأولى؛ لأمور منها:

1 - قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ".

2 - قول عمر ابن الخطاب لسودة:" أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ "، مما يشعر أنها خرجت مستترة فعرفها رضي الله عنها لأنها تتميز بميزة تُعرف غيرها بشخصها وإن كانت مستترة.

والأمر واضح، لكني لا أدري لما ذا استشكل الأمر ابن حجر رحمه الله تعالى؛ فقد قال:

"قَوْله: (اُحْجُبْ)

" أَيْ اِمْنَعْهُنَّ مِنْ الْخُرُوج مِنْ بُيُوتهنَّ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ عُمَر بَعْد نُزُول آيَة الْحِجَاب قَالَ لِسَوْدَةَ مَا قَالَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ أَوَّلًا الْأَمْر بِسَتْرِ وُجُوههنَّ، فَلَمَّا وَقَعَ الْأَمْر بِوَفْقِ مَا أَرَادَ أَحَبَّ أَيْضًا أَنْ يَحْجُب أَشْخَاصهنَّ مُبَالَغَة فِي التَّسَتُّر فَلَمْ يُجَبْ لِأَجْلِ الضَّرُورَة، وَهَذَا أَظْهَر الِاحْتِمَالَيْنِ .. " أهـ

قال ابن بطال:

"وفائدة هذا الباب أنه يجوز التصرف للنساء فيما بهن الحاجة إليه، لأن الله أذن لهن فى الخروج إلى البراز بعد نزول الحجاب، فلما جاز لهن ذلك جاز لهن الخروج إلى غيره من مصالحهن، أو صلة أرحامهن التى أوجبها الله عليهن، وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - النساء بالخروج إلى العيدين." أهـ

والله أعلم وأحكم

ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Jun 2008, 01:57 م]ـ

لم العدول إلى تكرار القصة , فالذي يظهر لي والله أعلم أن القصة واحدة وهي سبب نزول آية الحجاب ,خاصة وأن مخرج الحديث واحد وسياقه وما حف به يوحي بذلك , وأما الأذن بالخروج فهو لنفي الحرج عنهن حتى لا يفهم أن المراد بالحجاب هو الجلوس بالبيت وعدم رؤية الرجال لأشخاصهن , بل المراد أن المرأة يجوز لها الخروج في حجابها عند الحاجة وهو الذي يظهر من تقديم البخاري للرواية الأولى والله أعلم.

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[16 Jun 2008, 04:38 م]ـ

لم العدول إلى تكرار القصة , فالذي يظهر لي والله أعلم أن القصة واحدة وهي سبب نزول آية الحجاب ,خاصة وأن مخرج الحديث واحد وسياقه وما حف به يوحي بذلك , وأما الأذن بالخروج فهو لنفي الحرج عنهن حتى لا يفهم أن المراد بالحجاب هو الجلوس بالبيت وعدم رؤية الرجال لأشخاصهن , بل المراد أن المرأة يجوز لها الخروج في حجابها عند الحاجة وهو الذي يظهر من تقديم البخاري للرواية الأولى والله أعلم.

الشيخ الفاضل واضح أن القصة تكررت؛ ولا يسغرب ذلك، والدليل موجود في الروايتين، وواضح من الرواية الثانية أن هناك مستثنى من مستثنى منه، أليس كذلك

ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Jun 2008, 09:55 م]ـ

بارك الله فيك: أما أنا فلم يظهر لي ما ظهر لك ولعل الأخوة يدلون بدلوهم.

ـ[أبو المهند]ــــــــ[17 Jun 2008, 10:15 م]ـ

قال السيوطي في الإتقان {1/ 36} " قال ابن حجر:" لا مانع من تعدد الأسباب." كما جاء في سبب نزول آيات اللعان في سورة النور، ولكن لا أرى ما يراه المدقق " أبو الأشبال عبد الجبار " الله أعلم أرجو ألا يكون لرمد أصابني، فالإشكال لا إشكال!!!

الرواية الأولى واضحة تحكي الخروج إلى قضاء الحاجة ثم نزول آية الحجاب، والثانية تحكي مثالا لمن خرجن، كما تحكي أن ذلك حدث بعد نزول آية الحجاب، فالقصة واحدة صورها متعددة وفحواها واحد، بعيدة عن التكرار كسبب لنزول الآية، أما كون البخاري أوردها في مكانين وبابين فمعلوم أن فقه البخاري في تراجمه، وهنا نبتعد عن تكرار السبب لنازل واحد، وندقق ونحقق، ونستخلص ما شاء الله لنا أن نستخلصه من خلال التفكُّر في فقه البخاري.

وبذا أضم صوتي لصوت الدكتور البريدي، محبا لأبي الأشبال، ولأهل العلم جميعاً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير