تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكل من يترك ويبتعد عن أمر أنزله الله تعالى أو رسالة أرسلها فهو ضال بهذا البعد، وعدم العمل به؛ قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) التوبة، فبإنزال الأمر يضل الله تعالى بهذا الإنزال من يبتعد عنه ويكفر به، ويهدي من يتبعه ويعمل به، وقال تعالى: (فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (12) المائدة

وأما وصف الله تعالى للكفار؛ (لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف، أي أبعد منها في الاستجابة لما أنزله الله تعالى؛ بعدم انتفاعهم بما جعله الله لهم.

ولم ألحظ أن الله تعالى وصف كفار مكة بالضلال قبل نزول الوحي؛ لأنهم لم يكن هناك أمر من الله أمروا باتباعه قبل ذلك، إلا في آية واحدة يمن الله تعالى فيها على المؤمنين بعد تغير حالهم؛ قال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (164) آل عمران،

أما قوله تعالى -وهو موضوع حديثنا-: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) الضحى، فإنه لما كان المشركون من أهل مكة مجتمعين على الكفر والشرك، فالخروج عنهم، ونبذ ما هم عليه، ومفارقة ما اجتمعوا عليه؛ يعد لغة ضلالاً ... فهذا الإثبات من الله بالحالة التي كان عليها نبيه باللغة التي نزل بها القرآن شهادة من الله تعالى بأنه كان مبرأً من الكفر والشرك الذي كان عليه قومه ... وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الخلوة بعيدًا عن قومه، ومن ذلك خلوته في غار حراء.

ويقال في اللغة للشجرة المنفردة في خلاء بعيدة عن الأشجار: ضالة.

وقد هالني جواب الدكتور عبد الصبور شاهين في إحدى حلقات قناة المستقلة، عندما سئل عن تفسير الآية، فقال: كان القوم كلهم ضالين.

وقد استشهد أحد القسيسين -في مجلس جمعنا بأحدهم - بهذه الآية على أن الأنبياء يخطئون، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة هذه الآية قد كان منه ضلال - بالمعنى المفهوم بعد نزول الأمر وليس قبله - فلما بينت له الأمر أبدى أنه أول مرة يسمع بمثل هذه الإجابة .. مما يدل على أنه أثار الموضوع مع غيري من جملة شبهات أثارها في ذلك المجلس.

وفُسرت الآية في التفاسير الأربعة بأن الله تعالى وجده على غير ما هو عليه اليوم، وأن الله وجده في قوم ضلال فهداه .. وفي القرطبي زيادات كثيرة بإمكانك الرجوع إليها.

أرجو أن يكون الأمر بهذا الاختصار واضح وبين، فيستطيع كل من يقرأه أن يدفع شبهة الفهم الخاطئ في دلالة الآية عن حال الرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ... والله تعالى أعلم.

أبو مُسلم/ عبد المجيد العرابلي

ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[02 Jul 2008, 02:11 ص]ـ

فهذا الإثبات من الله بالحالة التي كان عليها نبيه باللغة التي نزل بها القرآن شهادة من الله تعالى بأنه كان مبرأً من الكفر والشرك الذي كان عليه قومه ...

لو زدتنا ايضاحا

ما للنص والقوم والآية صريحة --ووجدك -أنت

والضلال هنا يعني أنك لا تعلم الصراط المستقيم

ـ[العرابلي]ــــــــ[02 Jul 2008, 07:07 ص]ـ

لو زدتنا ايضاحا

ما للنص والقوم والآية صريحة --ووجدك -أنت

والضلال هنا يعني أنك لا تعلم الصراط المستقيم

أخي الكريم

الضلال إما عن الطريق إذا كان الضال في سفر

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم مقيمًا في قومه غير مسافر

وإما عن شرع أنزله الله تعالى

ولم يكن هنالك شرع من الله عندهم ولا كتاب.

وإما مفارقة القوم عما هم عليه إلى حيث ينكرونه عليه كوصف قوم نوح لنوح عليه السلام.

وقد كان نفس الحال مع النبي صلى الله عليه السلام

إلا أن اتهام قوم نوح لنوح عليه السلام من حكم عليه باطل

ووصف الله للرسول صلى الله عليه وسلم كان حقًا.

فهي شهادة تبرئة للرسول صلى الله عليه وسلم من الله تعالى

ويفهم من وصفه بالضلال أنه ضلال عن قومه؛ لأنه غير متعلق بسفر ولا شرع ولا كتاب من الله تعالى

والضلال هو إلى حيث لا يعرف الوجه التي توصله

فلم يكن عليه السلام صاحب فكر ولا فلسفة خاصة به يخالف بها قومه

وقد وصف موسى عليه السلام نفسه من الضالين بعد النبوة، لحدث قبل النبوة؛ لأنه من قوم مبعدين كما بينته، ولم يعرفوا لهم وجهة للخلاص من استعباد فرعون لهم، والهوان الذي هم فيه، مع أنهم يشاركون قوم فرعون في نفس المكان.

ومثل ذلك قول العرب للشجرة المنفردة عن باقي الشجر بالضالة.

وقد كان عليه الصلاة والسلام منفردًا عن قومه؛ ليس في السكن، ولكن في عبادتهم للأصنام وإشراكهم بالله .. ولم يكن ينهاهم، أو يعيب عليهم عبادتهم قبل النبوة.

فلما بعث نبيًا ثبته الله تعالى على البعد السابق بدين وكتاب يأمر بالتوحيد ونبذ الشرك وعبادة الأصنام بقوله تعالى "فهدى" ومادة هدى هي في التثبيت ولها موضوعها الخاص بها إن شاء الله تعالى.

وقولنا ما يدل عليه حال النبي عليه الصلاة والسلام وتدل عليه لغة العرب .. وفيه ما يرضي الله تعالى وتطهير نبيه عن كل نقصان ومعصية.

والله سبحانه وتعالى أعلم بما يقول.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير