تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقيل: إنه ظاهر قول ابن مالك، إلا فيما أغنى عنه التضعيف (4)، لأنه قال في التسهيل: " تدخل في هذا الباب - يريد باب (علم) - على الثلاثي غير المتعدي إلى اثنين همزةُ النقل، فيزاد مفعولاً، إن كان متعدياً، ويصير متعدياً إن كان لازماً، ويعاقب الهمزة، كثيراً، ويغني عنها قليلاً، تضعيفُ العين ما لم تكن همزة " (5).

وذكر ابن أبي الربيع أن أبا علي الفارسي يذهب إلى أن النقل بالهمزة سماع في المتعدي، وقياس في اللازم، وقال: إنه ظاهر قوله (6).

والظاهر أن ما ذكره أبو حيان هو الصحيح، وهو أن قياسية النقل بالهمزة في المتعدي واللازم هو ظاهر قول أبي علي (7). وهذا ما فهمه ابن الطراوة في (الإفصاح) حيث قال: " أجاز في هذا الباب: أَضْرَبْتُ زيداً عمراً، ويُقاس عليه: أَقْبَلْتُ خالداً بكراً، وأَنْصَحْتُ سلمى جملى، ونحوه مما لم يرد به نظم ولا نثر، ولا التبس به فِكْرٌ، إلا حَمْلاً على ما ليس من باب " (8).

وذهب أبو عمرو وجماعة إلى أن النقل بالهمزة قياس في كل فعل إلا باب (علم) (9)، أي في اللازم والمتعدي إلى واحد، لأن همزة النقل في باب (علم) أَوْصلتْ (علم ورأى) إلى مفعول ثالث (10)، وقيل: إنما قيّد المتعدي بكونه إلى واحد ليخرج باب (ظننت) فإن التعدي فيه بالهمزة موقوف على السماع، ومنهم من قاس (ظننت) على (علمت)، فعدّاها بالهمزة إلى ثلاثة.

وظاهر مذهب سيبويه أن النقل بالهمزة قياس في اللازم سماع في المتعدي. هذا ما نص عليه ابن أبي الربيع (11)، وغيره (12).

وقد استنتج ابن أبي الربيع أن هذا هو ظاهر مذهب سيبويه من موضعين في كتابه. قال سيبويه: " لأنه ليس كل فعل يجيء بمنزلة (أَوْلِنِي) قد تعدى إلى مفعولين، فإنما (عَلَيَّ) بمنزلة (أولني)، و (دُوْنَك) بمنزلة (خذ)، لا تقول: آخذني درهمأً، ولا: خذني درهماً " (13).

والموضع الثاني هو فيما لا يتعدى، وذكر فيه أن النقل بالهمزة فيه كثير (14).

وأما النقل بالتضعيف ففيه مذهبان. الأول: أنه سماع في اللازم والمتعدي (15). وذكر ابن أبي الربيع أنه الظاهر من مذهب سيبويه، وصححه (16)، واختاره السيوطي (17). والثاني: أنه قياس فيهما (18).

فتحصل أن ابن أبي الربيع يختار سماعية النقل بالتضعيف في الفعل المتعدي واللازم. وكذلك النقل بالهمزة في المتعدي. ويختار قياسية النقل بالهمزة في اللازم.

وحجة ابن أبي الربيع أن النقل بالهمز في اللازم: " كَثُرَ وفَشا، وليس كذلك النقل بالتضعيف، وما كثر وفشا ينبغي أن يُدّعى أنه قياس، فيقال منه ما قالته العرب، وما لم تَقُلْه، قياساً على ما قالته " (19).

وأما النقل بالهمز في المتعدي، وبالتضعيف في المتعدي وغيره فقليل، لا يبلغ مبلغاً يجعله مقيساً عليه (20).

ويظهر - والله أعلم - أن الأرجح من المذاهب هو ما ذهب إليه سيبويه، ووافقه ابن أبي الربيع من أن النقل بالهمز سماع في المتعدي، وقياس في اللازم، وأن النقل بالتضعيف سماع فيهما.

وإنما رجحت مذهب سيبويه لما علل به ابن أبي الربيع من أن النقل بالهمز في الفعل اللازم كثُر كثرةً توجب القياس عليه، ولأن أمر النقل دائر بين السماع والقياس، وسيبويه - رحمه الله - يحكي السماع، لأنه شافه العرب (21)، وخالط الفصحاء. والله أعلم.

خالد


(1) ينظر: الارتشاف 3/ 54، والمساعد 1/ 446، وتعليق الفرائد 5/ 42، والهمع 5/ 4، ولم أقف على قولٍ للمبرد في كتبه التي رأيت.
(2) قيّده ابن عقيل بأنه متعدٍ لواحد. ينظر: المساعد 1/ 446، وتعليق الفرائد 5/ 42.
(3) ينظر: الارتشاف 3/ 54، والهمع 5/ 14.
(4) ينظر: المساعد 1/ 446، وتعليق الفرائد 5/ 42، وشفاء العليل 1/ 443.
(5) شرح التسهيل 2/ 163، ومثَّل - رحمه الله - للتضعيف المغني عن الهمزة بـ: قرّبتُ الشيء، وهيّأته، وحكّمت فلاناً، وطهّرت الشيء ... الخ.
(6) البسيط 1/ 422.
(7) ينظر: الارتشاف 3/ 54، والإيضاح 105.
(8) الإفصاح ببعض ما جاء من الخطأ في الإيضاح 39.
(9) ينظر: الارتشاف 3/ 54، والمساعد 1/ 446، وتعليق الفرائد 5/ 42، والهمع 5/ 14.
(10) ينظر: شرح التسهيل 2/ 163.
(11) ينظر: البسيط 1/ 416، 422، والمساعد 1/ 446، وتعليق الفرائد 5/ 42.
(12) ينظر: الارتشاف 3/ 54، وشفاء العليل 1/ 443، وهمع الهوامع 5/ 14.
(13) الكتاب 1/ 252.
(14) ينظر: الحاشية (3) من البسيط 1/ 422 فقد نقل المحقق عن ابن أبي الربيع كلاماً له في الكافي في شرح الإيضاح، عن هذا، ولعله يقصد باب افتراق فعلت وأفعلت في الفعل والمعنى من كتاب سيبويه 4/ 55 فما بعدها. وينظر: شرح السيرافي 5/ 87ب فما بعدها.
(15) ينظر: الارتشاف 3/ 54.
(16) ينظر: البسيط 1/ 422.
(17) ينظر: الهمع 5/ 14.
(18) ينظر: الارتشاف 3/ 54، والمساعد 1/ 446، والهمع 5/ 15.
(19) ينظر: البسيط 1/ 416.
(20) ينظر: الملخلص 359.
(21) ينظر: شرح ابن عقيل.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير