فضلاً عن الفقر الواضح في استلهام قيم الحضارة الاسلامية، وهي قيم انسانية كما أسلفنا.
مقومات النهوض
مشكلة التجسيد: لا تمتلك البلاد الإسلامية في الوقت الحاضر مقومات النهوض والانبعاث، ففي واقعنا الحالي فساد وفرقة وتخلف وظلم اجتماعي واستغلال اقتصادي، وتعصب مقيت وسفك للدم الحلال واستسلام كبير لرد الفعل وشبه انعدام للتفكير العقلاني ــ مع ان الاسلام أكد العقلانية ــ وغياب البُني التحتية العلمية، فنوابغ العلماء من الأقطار الإسلامية يعيشون خارج ديار الإسلام، وليس بين المسلمين اليوم علماء لهم البعد الإسلامي المقبول كما عرفنا في ماضينا، وليس هناك بين المؤرخين كالطبري ولا بين الأطباء كابن سينا ولا بين المحدثين كالبخاري ولا بين الفقهاء كالإمام جعفر الصادق أو مالك أو الشافعي.
وقياساً بعدد السكان في الدول الإسلامية الذي جاوز المليار نسمة، فإن عدد العناوين الجديدة للأبحاث التي تصدر سنوياً متواضع جداً ومازالت الأمية متفشية في أرجاء المجتمعات الإسلامية، أما الإقبال علي شراء الكتب والقراءة فإنه هزيل، لكن علي الرغم من هذا الوضع المأساوي إلا ان المسلمين يمتلكون المقومات الحضارية ــ الإرث الحضاري ــ الذي يمكن الاعتماد عليه، ومن المؤسف القول انه بات تفصلنا عنه ــ أي الإرث ــ مسافة طويلة تتسع كل يوم وتتعمق، فالباحث اليوم في التاريخ الإسلامي مقطوع الصلة تماماً بمن سبقه من سالفيه، في حين لو تفحصنا منهج وطرق تفكير أي باحث في التاريخ في أوروبا نجد هناك تواصلاً بينه وبين سلفه، حتي ماركس نفسه، علي الرغم من الدعوي الثورية والتجديد هو تلميذ مخلص تمام الإخلاص لبواكمية ولحركات الروح الحرة.
حالة مرضية
هل الصهيونية ظاهرة حضارية؟ أقرّ المجتمع الدولي أن الحركة الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية وعلي هذا ليست الصهيونية ظاهرة حضارية أو إنسانية بل إنها حالة مرضية تولدت كحركة دينية سياسية عدوانية بحكم اعتمادها علي ميراث ما يعرف بالكتاب المقدس.
ومن المستحيل الحديث عن حضارة صهيونية أو عادات أو فلكلور أو غير ذلك له هوية يهودية متميزة، ذلك ان اليهود لم يشكلوا وحدة عرقية أو اجتماعية ولم يعيشوا علي أرض واحدة في أجواء طبيعية، وما تقدمه إسرائيل للعالم اليوم ليس سوي تراث سرقته من الفلسطينيين.
الصهاينة نجحوا نجاحات كبيرة في إقرار فكرة الحق التاريخي وتزييف التاريخ القديم لفلسطين والشرق الأوسط.
والمتصفح لكثير من الكتابات العربية التي تصدت لهذه الادعاءات يلاحظ أنها وقعت في الشرك المنصوب لها، فهي رفضت أولاً فكرة الحق التاريخي لكن ما لبث ان انبرت لتبيان زور الدعوي الصهيونية، وكأنها ترفض جميع الدعاوي الصهيونية من باب، وتفتحه في أبواب عديدة أخري من خلال العلاقات التجارية أو التطبيع السياسي وغير ذلك كثير.
وعلي الرغم من مرور فترة طويلة علي الصراع العربي ــ الاسرائيلي، فليس هناك في بلد عربي مسلم أو غير عربي مركز للدراسات (الإسرائيلية)، ولا توجد باللغة العربية دراسة كافية وافية تعرّف باليهودية وتطورها، ولم تحاول أية جهة رسمية إسلامية (دولة أو منظمة) حتي الآن ترجمة التلمود البابلي أو حتي الأورشليمي، حتي ان مكاتبنا فقيرة جداً بما يتعلق باليهودية في حين تسيطر الصهيونية علي ميادين البحث في التاريخ القديم لبلاد الشام، وأصبحت معظم مراكز الاستشراق تحت سيطرتها، فحين كان الدور القيادي لفرنسا وإنكلترا، كان شيخ المستشرقين في فرنسا كلود كاهن، وفي إنكلترا برنارد لويس وعندما تحول الثقل إلي أمريكا انتقل لوجيس إلي برنستون وهو يعمل حتي الآن هناك.
جريدة (الزمان) العدد 1239 التاريخ 2002 - 6 - 20
Azp07
Rzhr
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) هناك الكثير من الأبحاث والدراسات التي هي بحاجة للقراءة والمعرفة كأقل معدل، أو لتكن مرجع ودليل أو مصدر ... الخ، علماً أن الوقت هو أهم ما نملك وهو أسرع ما يمر ... الخ، وبما أنَ أمة أول ما نزل عليها الوحي بآية (إقرأ) قمت بوضع هذه المشاركة وسيتبعها إن شاء الله ما هو مناسب تحت هذا العنوان: أبحاث ودراسات (للمراجعة)، وهي فرصة لمعرفة الغث من السمين، أو تقريب مادة نافعة ونادرة للباحثين.