تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أبحاث ودراسات (للمراجعة). هناك الكثير من الكتابات التي هي بحاجة (*)]

ـ[طالبة العلم -هدى-]ــــــــ[20 - 12 - 2007, 11:18 ص]ـ

الصهيونية استهدفت باساطيرها اليهود قبل المسلمين - أزمة الحضارة البشرية ليست مبرراً لتشويه صورة الإسلام - عبد الرزاق الحربي

الموضوعة التي أسعي للتصدي لها واسعة جداً ولا يمكن الإحاطة بها بأوراق معدودة ولعلي لن أنجح حتي بإثارة عناوين أهم النقاط المتعلقة به، لكن ما لا يدرك كله لا يهمل جلّه.

وأبدأ أولاً بالسؤال: هل الصهيونية ظاهرة حضارية؟ أم هي حركة دينية سياسية عنصرية ذات برامج عدوانية؟

ولتيسير الإجابة عن هذين السؤالين نحتاج إلي معرفة المقصود بكلمة الحضارة، حيث يري بعض العلماء ان الحضارة شكل من أشكال الثقافة، واستخدام بعضهم كلمتي (ثقافة وحضارة) بمعني واحد، وهناك من رأي ان الحضارة هي الثقافة حين ترقي وتتعقد وتتميز بخصائص معينة.

في حين ميز بعضهم بين الحضارة والثقافة علي أساس ان الثقافة تعني النواحي الأخلاقية والروحية في حياة المجتمع بينما ترتبط الحضارة بالمظاهر المادية والميكانيكية، أو بكلمة أخري تقوم الحضارة علي العقل. أما الثقافة فأساسها العاطفة والقيم الروحية وهي متحررة من العقل وتعبر عن روح الجماعة التي تنشأ بها.

ثمار العمران البشري

ويري ابن خلدون ان الحضارة هي العمران البشري وهي ثمار كل جهد قام به الإنسان لتحسين ظروف حياته المادية والروحية من جميع الجوانب، ويتواءم هذا المفهوم مع صورة الحضارة الإسلامية

أما معجم العلوم الاجتماعية فقد قال ان الحضارة (تقوم علي الكمال الروحي والكمال الفلسفي والعاطفي للإنسان) ومن الواضح انه صادر عن الكتابات الغربية التي انطلقت في الأساس من التمييز بين الكنيسة والدولة.

إذن فكلمة الحضارة لها معانٍ كثيرة في اللغة العادية والكتابة والعلوم الإنسانية والاجتماعية ولا يوجد معني واحد منها يعد نهائياً، وحتي في العلوم الاجتماعية نفسها لا يوجد اتفاق بين العلماء علي معني محدد للفظ (حضارة). إن الدين بمفهومه الواسع كنظام شامل لجميع شؤون الحياة البشرية المادية والروحية وليس المقصود به الطقوس التعبدية (شعائر وعبادات) فقط، وعلي هذا الأساس والمنطلق والوحدة بين المسجد والدولة وكون الإسلام خاتم الأديان السماوية، تمكن المسلمون من صنع الحضارة الإسلامية، وهي حضارة عالمية أسهمت في بنائها شعوب الأرض قاطبة في آسيا وأفريقيا وأوروبا، وهي حضارة فعلت وتفاعلت، أثرت وتأثرت، فهي لم تكن وليدة الصدفة أو اختراع فردٍ أو عنصر بشري معين بل جاءت حصيلة ثورة الإسلام الانسانية، ومن أهم ما تميزت به الحضارة الإسلامية انها التجربة الوحيدة في التاريخ التي برز فيها نقاء روحي نابع من عقيدة التوحيد، وهو نقاء يقرّ بالقصور البشري وبالكمال الرباني، ومن هنا فان هذه الحضارة لم تكن إقليمية أو عنصرية.

البناء الرصين للحضارة: قامت الحضارة الإسلامية علي مجموعة قيم وأهداف سامية أعطت علي الدوام الحيوية والتدفق والعطاء المفيد المستمر، فقد أرسي الإسلام قواعده علي قيم السماء المتمثلة بسبل مكارم الأخلاق، إذ أثني الله تعالي علي نبيه بقوله (وإنك لعلي خلق عظيم) وقال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) والإسلام إذ جعل من الأسرة النواة الأساسية للمجتمع والمسلم فقد قام بتوزيع الواجبات والحقوق منطلقاً من مبدأ المسؤولية (كلكم راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته) وهو بذلك أرسي اللبنة الأساس في الطريق الصحيح ليملك الأسرة السليمة، والإسلام مارس الأخلاق في الحرفة والتجارة والقانون والسلوك العام مع الرحمة والأمانة والصبر والحلم والوفاء والزهد البناء، والعزة والشجاعة والتواضع والوضوح والبعد عن النفاق، ولا شك فإن مقدار تطبيق مبادئ الاسلام وقيمه معيار لنهضة المسلمين الحضارية، وهكذا انتشرت الحضارة الاسلامية في عصورها الذهبية، أما عصر المسلمين الحالي فإنه متباين كثيراً علي الرغم من ثراء الماضي وازدهاره، وما هو مطلوب جهد جبّار يهدم الهوّة الشاسعة بين الماضي والحاضر ليبعث الأمل والصحوة من جديد، فحاضر المسلمين الحضاري مأساوي تماماً فهناك الثروات المادية الكبيرة، لكن هنالك أيضاً فقراً واضحاً في المهارات الادارية والسياسية التي تنظم أساليب استثمار هذه الموارد لخدمة الانسان والوطن،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير