تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أصالة التذكير]

ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[24 - 10 - 2008, 11:24 م]ـ

حكم علماء اللغة بأصالة المذكر لعدة أمور، منها:

1 - أن مدلول المذكر أسبق وجودًا من مدلول المؤنثِ، فخلْقُ آدمَ قبلَ خلق حواءَ.

2 - اللفظ المذكر قد يطلق على المذكر والمؤنثِ، كلفظ: ولد.

3 - التذكيرلا يفتقرإلى زيادة، والتأنيث لا يحصل إلاَّ بزيادة، ولذلك كان المذكر بالنسبة للمؤنث كالنكرة بالنسبة للمعرفة، ولمّا كانت النكرة أسبق من المعرفة استغنت عن العلامة، فكذا المذكر لا يحتاج إلى علامة. والله أعلم

ـ[ابن القاضي]ــــــــ[25 - 10 - 2008, 08:14 ص]ـ

أشكرك على التذكير بأصالة التذكير.

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[25 - 10 - 2008, 08:44 ص]ـ

هذا مقتبس من بحث المذكر والمؤنث ماهيته وأحكامه:

اتخاذ علامة تميز المؤنث من المذكر هي حيلة لغوية ظاهرة الحكمة بما هي اختصار للألفاظ. وليست إضافة علامة التأنيث إلى لفظ التذكير بدالٍّ على تحيز جنسيّ (1)؛ بل هي دالة على أن الخطاب في الأصل عام لا تمايز فيه بين ذكر وأنثى؛ فلمّا أريد تمييز الأنثى بالخطاب جعلت العلامة المميزة، فصار اللفظ المؤنث بعلامة، وكان يمكن أن يكون اللفظ المذكر هو الذي بعلامة ولكن ذلك لو حدث لما درأ غلواء القائلين بالتحيّز، والمسألة لا تتعدى الوسم اللفظي كما وسم المثنى والجمع السالم والمنسوب. وقد أدرك سيبويه هذا بثاقب بصيرته حين وصف المذكر بالأولية المتصفة بالخفة، قال: "واعلم أن المذكر أخف عليهم من المؤنث؛ لأن المذكر أوَّل، وهو أشدّ تمكنًا، وإنما يخرج التأنيث من التذكير. ألا ترى أنَّ (الشيء) يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أو أنثى، و (الشيء) ذكر، فالتنوين علامة للأمكن عندهم والأخف عليهم، وتركه علامة لما يستثقلون" (2). وقال في موضع آخر "وإنما كان المؤنث بهذه المنزلة ولم يكن كالمذكر؛ لأن الأشياء كلها أصلها التذكير ثم تختصّ بعدُ، فكل مؤنث شيء، والشيء يذكّر، فالتذكير أوّل، وهو أشدّ تمكنًا، كما أن النكرة هي أشد تمكنًا من المعرفة؛ لأن الأشياء إنما تكون نكرة ثم تعرّف. فالتذكير قبل، وهو أشد تمكنًا عندهم. فالأول هو أشد تمكنًا عندهم… والشيء يختصّ بالتأنيث فيخرج من التذكير" (3). ومن أجل هذا التأصيل يذهب المبرد إلى أبعد من ذلك حين يقعد قاعدة جريئة وهي قوله: "وكل ما لا يعرف أمذكر هو أم مؤنث، فحقه أن يكون مذكَّرًا؛ لأن التأنيث لغير الحيوانات إنما هو تأنيث بعلامة، فإذا لم تكن العلامة، فالتذكير الأصل" (4).

وثمة زعم بأن هذا التفريع هو استمداد للموروث الديني، منها أن إبراهيم بركات يضيف إلى تعليلات النحاة كون هذا التأصيل والتفريع يمكن أن يردّ إلى أصل المخلوقات الآدمية بخلق آدم أولاً ثم خلق حواء منه (5). ونجد لهذه الفكرة مزيدًا من التعميق والتفصيل في ما يقول عيسى برهومة: "ويستشف من هذا التقسيم خفايا تتجاوز حدود اللغة، لتمتد في سندها إلى بَدْء التكوين وباكورة الخلق. (فالأصالة والفرعية) التي اتكأت عليها الأجيال للتعاطي مع الجنسين ليست منفصلة عن قصة خلق آدم، واشتقاق حوّاء من ضلعه، فهذه القصة وما أسبغ عليها من تحويرات أسطورية وتوراتية تُعْتَدّ المرجع المؤسّس لأدوار الجنسين في الحياة منذ طفولة البشرية حتى عصر الانفجار المعرفي" (6)؛ ولكن كيف تكون كذلك وهي قصة متأخرة في حياة الإنسانية، فالتقسيم الاجتماعي سابق عليها، أملته الظروف الحيوية التي عاشها الإنسان متنقلاً من الصيد إلى الفلاحة، وأما العربية فلغة قوم وثنيين أو دهريين لم يعرفوا هذه الفكرة عن الخلق إلا بعد معرفتهم الأديان السماوية. وليس مردّ التأصيل والتفريع إلى النحويين أنفسهم متأثرين بأحكام شرعية بل إلى اللغة نفسها (7). وكون الأصل والفرع مبنيًّا على معطيات تصريفية (موسوم/مجرد) هو ما رجحه عيسى الشريوفي ورآه أكثر الآليات عملية وفعالية لتصنيف المادة اللغوية على أنه نبّه إلى أن اللغة قد لا تطّرد فيها المتقابلات فثمة مذكر لا مؤنث له وثمة مؤنث لا مذكر له (8). وهذا أمر منطقي منذ أن كانت الأشياء غير مبنية على الثنائية التقابلية، ولئن شاع التقابل في الصفات على نحو واضح فإنها قد تتخلف حين يستبد المذكر بصفات ويستبد المؤنث بصفات وحين نجد من الأسماء والصفات ما هو مشترك بين الذكر والأنثى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ذكر أحمد مختار عمر في فصل عن اللغة بين الحياد والتحيز للذكورة أن معظم اللغات التي تفرق بين المذكر والمؤنث بلاحقة إضافية تتخذ من صيغة المذكر أصلاً، ومن صيغة المؤنث فرعًا، ويندر العكس، انظر: اللغة واختلاف الجنسين (ط1، عالم الكتب/ القاهرة، 1996م) ص59. وانظر: عيسى برهومة، اللغة والجنس: حفريات لغوية في الذكورة والأنوثة (ط1،دار الشروق للنشر والتوزيع/عمان، 2002م) ص94.

(2) سيبويه، الكتاب 1: 22.

(3) سيبويه، الكتاب 3: 241 - 242.

(4) أبوالعباس محمد بن يزيد المبرد، المذكر والمؤنث، تحقيق: رمضان عبدالتواب وصلاح الدين الهادي (وزارة الثقافة/ القاهرة، 1970م) ص108.

(5) إبراهيم إبراهيم بركات، التأنيث في اللغة العربية (ط1، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع/ المنصورة، 1988م) ص35.

(6) عيسى برهومة، اللغة والجنس، 72 - 73.

(7) نسبت رشيدة عبد الحميد اللقاني القول بأصالة المذكر وفرعية المؤنث إلى النحويين العرب لا العربية نفسها وأنهم تأثروا في مقولتهم بالأحكام الشرعية غافلة عن أن هذه الظاهرة سابقة على ظهور الإسلام، وذهبت إلى أن المذكر أصل والمؤنث أصل محتجة بأنه "لو كان المذكر أصلاً لكان كل مذكر في اللغة العربية مذكرًا في باقي اللغات". وهذا احتجاج لا ينتهي منه العجب. انظر: التأنيث في العربية (دار المعرفة الجامعية/الاسكندرية، 1990م) ص39 - 43.

(8) الشريوفي، المؤنث المجازي ومشكلات التقعيد، 42.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير