[باء الحال و المصاحبة.]
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[07 - 11 - 2008, 04:25 ص]ـ
نعرف أن الأداة (مع) تدل على المصاحبة, كما في قوله تعالى: {و دخل معه السجن فتيان}.
غير أنه يؤتى بأدوات أخرى لتنوب عن الأداة (عن) في الدلالة على المصاحبة, ومن بينها حرف الباء.
تأملوا قوله تعالى:
{وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} التوبة: 25
جعل العلامة الزمخشري الباء بمعنى (مع) في هذا المورد, حيث قال:
" {بِمَا رَحُبَتْ} ما مصدرية، والباء بمعنى مع، أي مع رحبها وحقيقته ملتبسة برحبها، على أن الجارّ والمجرور في موضع الحال، كقولك: دخلت عليه بثياب السفر، أي ملتبسًا بها لم أحلها، تعني مع ثياب السفر." (1)
وقال ابن يعيش:
" و أما كونها بمعنى المصاحبة, ففي قولهم:" خرج بعشيرته " و " دخل عليه بثياب السفر ", و " اشترى الفرس بسرجه ولجامه ", والتقدير: خرج وعشيرته معه, فهي جملة من مبتدأ و خبر في موضع الحال, والمعنى مصاحبا عشيرته, فلما كان المعنى يعود إلى ذلك؛ لقبوا الباء بالمصاحبة, وكذلك " دخل بثياب السفر " و " اشترى الفرس بسرجه ولجامه ", أي: وثياب السفر عليه, والسرج واللجام معه. " (2)
وقد ذكر ذلك الرأي علماء آخرون نحو ابن حيان في البحر:
" والباء في بما رحبت للحال، وما مصدرية أي: ضاقت بكم الأرض مع كونها رحبًا واسعة لشدة الحال عليهم وصعوبتها. " (3)
والشيخ الطبرسي في المجمع:
«و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت» أي برحبتها و الباء بمعنى مع و المعنى ضاقت عليكم الأرض مع سعتها كما يقال أخرج بنا إلى موضع كذا أي معنا. " (4)
والرضي في شرح الكافية:
" وتكون بمعنى (مع)، وهي التي يقال لها: باء المصاحبة، نحو {وقد دخلوا بالكفر، وهم قد خرجوا به}، واشتر الدار بآلاتها، قيل: ولا تكون بهذا المعنى إلا مستقرا، أي: كائنين بالكفر، وكائنة بآلاتها ... " (5)
--
هوامش:
1 - الكشاف: 2\ 260
2 - شرح المفصل لابن يعيش 4\ 474
3 - البحر المحيط 6\ 146
4 - مجمع البيان للطبرسي 5\ 27
5 - شرح الكافية للرضي 4\ 285