تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هل صحيح أن (أشياء) مُنِعت الصرفَ لأجل الثقل؟!

ـ[أبو قصي]ــــــــ[19 - 10 - 2008, 02:21 م]ـ

:::

زعمَ بعضُ المعاصرينَ أنَّ علةَ منع (أشياء) من الصرفِ في قوله تعالى: ((لا تسألوا عن أشياءَ إنْ تُبدَ لكم تسؤكم)) لسببٍ صوتيّ، لا صرفيّ؛ قالَ:

(والرأي عندي أنها مُنعت من الصّرف لسبب صوتيّ، لا لسبب صرفيّ؛ فلو أنها نُوّنت في هذه الآية خاصةً، لوجدنا صعوبة في الانتقال من تنوين همزتها إلى حرف الشرط " إنْ " ... ولذا جاء منعُها من التنوين هنا لمقتضى الحس الجمالي الذي تتسِم به منظومة الألفاظ في القرآن الكريم). ووافقَه على هذا الرأي بعضُهم!

قلتُ:

هذا القولُ المحدَثُ غيرُ صوابٍ في رأيي من وُّجوهٍ:

1 - أنَّ الاعتلالَ لمنعِ المصروفِ بالثِّقلِ اعتلالٌ ضعيفٌ من حيثُ:

أ- إنَّها معدومةُ النظيرِ؛ فليسَ في القرآنِ من أمثالِها ما يُركَنُ إليهِ.

ب- إنَّ ما استحقَّ الصرفَ في العربيةِ لا يُمنعُ، لأنَّ في ذلكَ نقصًا من حقِّهِ وبخسًا؛ حتى بلغَ من ذلكَ أن منعَ البصريونَ إلا الأخفشَ منعَ ما ينصرفُ في ضرورةِ الشِّعرِ؛ فكيفَ الحالُ في كلامِ الله تعالَى؟!

ج- إنَّ علةَ الاستثقالِ منتقضةٌ بقولِهِ تعالَى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif قالوا ما أنزلَ الرحمنُ من شيءٍ إنْ أنتمْ إلا تكذبون http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif [ ياسين: 15]؛ فقولُه: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif إِنْ أَنْ http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif ( / ه/ه) كما لو قالَ: (أشياءٍ إِنْ) فهو (/ه/ه). فإن قيلَ: إن (أشياءَ) يمكنُ التخلصُ من ثِقَلِها بمنعِ الصرفِ. أما (إن أنتم)، فلا يُمكِنُ. قلتُ: هذا معَ ما فيهِ منَ الضعفِ الذي أبنتُ آنفًا، قد يفضي بصاحبِهِ إلى الكفرِ؛ كأنَّه جعلَ الله تعالَى عاجِزًا عن التخلُّصِ من الثقلِ، ومن جهةٍ أخرَى، حينَ ادَّعَى أنَّ في كلامِ الله تعالَى ثِقَلاً كانَ الأفصحَ اجتنابُهُ. فإمَّا أن يُقِرَّ بلازمِ قولِهِ هذا، وإمَّا أن يرجعَ عنهُ.

د- أنَّه ليسَ في (أشياءٍ إنْ) لو كانت كذلكَ استثقالٌ، كما في قولِه: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif إنْ أنتم http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif ؛ بل إنَّكَ إذا نطقتَ بها وجدتَّ فيها جَرسًا جميلاً، وحسنَ إيقاعٍ، وسَلاسةً في المخرَجِ.

2 - أنَّه لو صَحَّ كلامُكم هذا في وجهِ العلةِ، لكانَ ينبغي ألا ترِدَ (أشياء) ممنوعةً منَ الصرفِ في غيرِ كلامِ الله تعالَى. وهذا فاسدٌ من وُّجوهٍ:

أ- ورودُها في الشعرِ القديمِ ممنوعةً. ومن ذلكَ قولُ أُحيحة بن الجلاح (جاهليّ قديمٌ):

وأعرضُ عن أشياءَ لو شئتُ نِلتُها ... حياءً إذا ما كانَ فيها مقاذعُ

وقالَ زهير بنُ أبي سلمى (جاهلي):

قلتُ لها: يا اربعي أقل لكِ في ... أشياءَ عندي من علمِها خبَرُ

وقالَ المقنّع الكندي (إسلامي):

يعاتبني في الدين قومي وإنما ... ديونيَ في أشياءَ تكسبُهم حمدا

ب- أنَّها لو كانتْ كما يقولونَ، لعلةِ الثِّقلِ، لبلغَنا عن العربِ صرفُها، ولم يبلغنا هذا؛ بل العلماءُ الذين اجتهدوا في تخريجِها، كسيبويهِ، والكسائيّ، والفراءِ، لم يزعم أحدٌ منهم أنَّ العربَ تصرِفُها. ولو كانَ هذا، لعوَّلوا عليه، وأشاروا إليهِ، ولأدّاهم إلى وجهِ العلّةِ.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - 10 - 2008, 07:03 م]ـ

أحسنت، بارك الله فيك.

وأقول كما قال الطوفي في الإكسير: .... وما أحسبه حين قال هذا القول إلا كان نائما.

وقد نظم بعضهم أقوال العلماء في كلمة أشياء كما هنا:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=871082

ـ[أبو قصي]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 06:34 ص]ـ

هذا الرجل وأمثاله يا أبا مالكٍ لا يزالون في نومٍ عميقٍ؛ قد أسكرَتهم تلك الألفاظ البرَّاقة الجوفاء من (الوصفية)، و (المعيارية)، و (المناهج والدراسات الحديثة) ... إلخ، حتى عمُوا وصمُّوا كثيرٌ منهم عن بيِّناتِ الهُدى، وواضحاتِ الرَّشَادِ. وهنا مسألة فقهية: وهي هل يؤخذ بفتوى النائم؟ لعلَّ من ينهض للإجابة عنها.

فلا تَعجب إن رأيتَهم يأتون من الرأي ما تستسخفه، وتحمِّق صاحبه؛ فقد اجتالَهم ما هم فيه عن الفطرةِ السويّة، والنظر الصحيح.

قال أبو قصي:

والرأي الذي أراه لهم أن يتوقفوا عن التفكير حالاً؛ فإني أرى الله تعالَى عاذرَهم؛ ألم تر إلى قوله تعالى: ((ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) وقوله: ((ولا تقتلوا أنفسكم)).

وأسأله سبحانه أن يجزيَهم على قدر نياتِهم.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 11:23 ص]ـ

لعل القائل الذي في بالك غير القائل الذي في بالي.

فإن الذي في بالي هو أحد أعضاء مجمع اللغة العربية القدماء في القاهرة، وهو عالم كبير لا ينكر فضله.

ولو كان كل من يخطئ في مسألة ولو خطأ فاحشا يستحق الترك لما كاد يسلم أحد.

قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ولو كان من يهم من المصنفين يترك لما سلم أحد.

ومن تلمس العذر للناس إن أخطؤوا قيض الله له من يتلمس له العذر إن أخطأ، والجزاء من جنس العمل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير