تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ينصب الفاعل كما يجر]

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 09:38 ص]ـ

اختلف النحويون في إعراب (أحد) في قوله تعالى?وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ? [6 - التوبة]، فأما البصريون فزعموا أنه فاعل لفعل مقدر يفسره المذكور بعده، والتقدير (وإن استجارك أحد من المشركين استجارك فأجره)، والذي أجاءهم إلى هذا التكلف غير المقبول أنهم ألزموا أنفسهم بما لا يلزم، إذ ألزموا أنفسهم بوجوب تأخر الفاعل عن فعله، وبأن (إن) الشرطية لا تدخل إلا على الفعل. وأما الكوفيون فلم يجدوا حرجًا من القول بأن (أحد) فاعل لأنهم لا يرون بأسًا في تقدم الفاعل على فعله (انظر: الإنصاف للأنباري،2: 615). ومن المذاهب القول بأن (أحد) مبتدأ. وقول الكوفيين بجواز تقديم الفاعل في مثل (عبدالله قام) وصفه المبرد بالإحالة (المقتضب،4: 128)، لأن الفعل لا يرفع فاعلين، وأنك تنصب المقدم في قولك: (رأيت عبدَالله قام)، وتقول (عبدالله هل قام) ولا يعمل ما بعد حرف الاستفهام فيما قبله، وتقول (ذهب أخواك) و (أخواك ذهبا) ولو كان الفعل عاملا فيه مؤخرًا ومقدمًا لوجب التجرد (*أخواك ذهب)، واحتج ابن مالك بكونه معرضًا لنصب أحرف النسخ (شرح الشافية الكافية، 2: 580). وكلها حجج يسهل ردها. ثم وجدنا ابن مضاء يرد قول البصريين مجيزًا تقديم الفاعل (الرد على النحاة ص103)، ثم جاء الدكتور مهدي المخزومي ودرس المدرسة الكوفية وكتب عنها وتأثر بأفكارها، فخرج في كتابه (في النحو العربي: نقد وتوجيه) بمفهوم جديد للجملة الفعلية مفاده أنها التي تشتمل على فعل مسند، "فجملة (البدر طلع) هي الجملة الفعلية (طلع البدر) نفسها، ولم يطرأ عليها تغيير سوى تقديم المسند إليه الذي نسميه في الجملة الفعلية فاعلاً، ولكنهم منعوا تقديم الفاعل، وأنكروا على من يرى جواز تقديمه" (ص43). ولم يلتفت الدكتور إلى اعتراض المبرد الذي سبق ذكره، ولذلك جاء من يعقب عليه بلطف وبشيء من المواربة فلا هو الرافض لقوله ولا هو المؤيد كل التأييد، وكأنما يصف ما يحدثه قول المخزومي من إشكال، كان ذلكم عبدالقادر المهيري الذي كتب في الحولية التونسية الخامسة بحثًا بعنوان مساهمة في تحديد الجملة الفعلية، وتعرض لقول المخزومي وانتهى إلى أن قبول قول المخزومي يقتضي التخلي عن حكمين من أحكام الفاعل وهما وجوب تأخره عن فعله ووجوب رفعه.

والمعروف أن النحويين يدركون أن الفاعل يتقدم، ولكنهم يسمونه مبتدأ لما ألزموا أنفسهم من أحكام (الشاطبي، المقاصد الشافية،2: 534)، وهم أيضًا يجدونه يجر بحرف الجر الزائد كما في (ما جاء من أحدٍ) فأحد، على الرغم من جره، فاعل. فإذا كان الأمر كذلك فأي بأس في القول إن الفاعل يتقدم على فعله ويُنصب كما يُجر، وعلى هذا يكون (زيد) في (إنّ زيدًا انطلق) فاعلاً للفعل انطلق وإن كان منصوبًا مقدمًا، فالنصب بإنّ هو عمل شكلي لفظي لا يغير المبتدأ عن ابتدائه ولن يغير الفاعل عن فاعليته، لقد آن للنحويين أن يعيدوا النظر في الأحكام الصارمة التي بنيت على نظر جزئي إلى الظاهرة اللغوية قد يغفل الاحتكام إلى المعنى على الرغم من ترديدهم الإعراب فرع على المعنى.

ـ[ضاد]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 12:35 م]ـ

أشكرك أستاذي الفاضل على هذا الطرح. ننتظر ماذا سيجود به النقاش بإذن الله.

ـ[ابن بريدة]ــــــــ[28 - 10 - 2008, 08:47 ص]ـ

وعلى هذا يكون (زيد) في (إنّ زيدًا انطلق) فاعلاً للفعل انطلق وإن كان منصوبًا مقدمًا،

أستاذي الكريم، أسعد الله صباحك بكل خير ..

هذا الرأي يلزمنا القول بدخول (إن) على الجمل الفعلية كما تدخل على الإسمية، فننفي اختصاصها وبذلك ينتفي عملها؛ قياسًا على إهمالها إن لحقتها (ما)؛ لزوال اختصاصها حينئذٍ بالدخول على الجمل الإسمية.

وعلى ذلك ينبغي أن يقال (إنَّ زيدٌ انطلق)، وهذا لم ينطق به العرب.

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[28 - 10 - 2008, 09:08 ص]ـ

أستاذي الكريم، أسعد الله صباحك بكل خير ..

هذا الرأي يلزمنا القول بدخول (إن) على الجمل الفعلية كما تدخل على الإسمية، فننفي اختصاصها وبذلك ينتفي عملها؛ قياسًا على إهمالها إن لحقتها (ما)؛ لزوال اختصاصها حينئذٍ بالدخول على الجمل الإسمية.

وعلى ذلك ينبغي أن يقال (إنَّ زيدٌ انطلق)، وهذا لم ينطق به العرب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير