تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النحو العاميُّ إمامٌ في حرم الفصيح!

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 12:28 ص]ـ

:::

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته, و بعد؛

فيقول الأخ الكريم أ. د. أبو أوس:

هذا اتجاه عقلي حكيم يبدأ برصد الظواهر ثم تحليلها، ولكن المشكلة التي تواجه أهل العربية هي أن الاستعمال هو واحد من استعمالين إما أن يكون له نظير قديم بل شاهد مقبول وإما أن يعد خطأ، ومعنى ذلك أنّ هذه اللغة لا مجال أن يجد في استعمالاتها جديد، وليس لأهلها اليوم ما كان لأهلها القدماء من الحق في القول والتصرف بلغتهم تلبية لحاجاتهم، الناس اليوم يفعلون ذلك ولكنك إن سألت نحويًّا أو متنحويًا عرضه على محفوظاته فإن وجد ما يطابقه سكت وإن لم يجد ما يطابقه وضع خطًّا أحمر تحت الجملة، هو مثل المصحح الحاسوبي يضع خطًّا تحت الكلمات التي لا يضمها معجمه.

سبحان الله!

وهل تكون تلبية حاجات الناس بأنْ تُؤخذَ اللغة من أفواه العوامّ؟!

و بأنْ تكون العاميّة حاكمةً على الفصيح؟!

ثمّ تسمّون هذا تطوّرا دلاليًّا؟!

إنّ التصرفَ في اللغة الفصيحة و التعبير بها عن حاجات النفوس لا يكون بكسر قواعدها , وتحكيم لغة العوامّ, ولكن يكون بمعرفة حسنِ التأتّي إلى ما أودعه الله تعالى في هذه اللغة من الأسرار, فتلك اللغة التي حملت مراد الله تعالى لن تعجز بحالٍ عن أن تحمل مرادات المخلوقين!

إنّ الصواب في هذا أن يفقه المعاصرون مسالكَ البيان في لغتهم الفصيحة البليغة , التي سيظلُّ بابُ الإبداع فيها مُشرعًا ما فتحوا قلوبهم و بصائرهم لتمثّل أسرارها و الاقتباس من أنوارها, لا أنْ يجعلوا هذا الكلامَ المُحدثَ الخطأَ المتلقّفَ من أفواه السوقةِ و عامّةِ النّاس = دليلَهم إلى تطوّرها!

إنّ لغة العرب قد بُنيتْ على نظامٍ دقيقٍ عميق يهتدي بحكمة أهلها و مقاصدهم, و هي لذلك قادرة: في أصل بنية نظامها ـ دون إخلالٍ بشيءٍ منه ـ على ابتكار التراكيب و الأساليب الجديدة التي تعبّر عن كل مرادٍ, و تنقل كلَّ إحساس!

فما حاجتنا بعد ذلك إلى أنْ نجعلَ العاميَّ فصيحًا , و نمنح الخطأ صكوك الغفران؟!

*****

و يقول الأخ الكريم ضاد:

بارك الله فيكم.

دخلت البارحة أحد المنتديات الحاسوبية فأصابتني دهشة كبيرة. وجدت عربية حيوية لم أعهدها في غيره من المنتديات, وجدت أناسا طوعوا اللغة لخدمة

الحاسوبية فأتوا بترجمات وتراكيب ومصطلحات لم أعرفها إلا البارحة رغم أنها ليست بالضرورة صحيحة

أو وافق عليها أحد مجمعات اللغة, إلا أني دهشت دهشة الفرحان.

مؤشر تطور وبشير خير من أناس ربما ليس النحو واللسانيات اختصاصهم إلا أنهم حاولوا واجتهدوا, فبارك الله فيهم.

أعود للموضوع, اللغة تتطور وكل منكر لذلك وحاصر للغة في حقبة زمنية بعينها هو يعيش بين الكتب لا بين الناس وفي القديم لا في عصره. هناك تراكيب خلقت وأخرى اعتمدت وغيرها أدخلت ترجمة أو نقلا, والتعامل معها كلها أو الحكم عليها لا بد أن لا يخضع دائما لثنائية الصحيح والخطإ. بوركتم.

و أقول لهما , و لمن نحا نحوَهما:

الذي لم يفهمه اللسانيون المحدثون = هو أنّ اللغة العربية لغةٌ غنيّةٌ؛ فيها من طرائق التراكيب و خصائصها ما يجعلها قادرةً على التعبير و التصوير في كل زمانٍ و مكان؛ دونما حاجةٍ إلى التماس كلامِ العوامّ و إدخاله في الفصيح , و متى كانت العاميّة ملاذًا للفصحاء يلتمسون فيها ما لم يجدوه في العربيّة الفصيحة؟!

و متى كانت الأخطاء تطوّرًا في اللغة؟!

و كيف لنا أن نقول ـ مع هذا ـ إنّ القرآن معجزٌ بلسانٍ عربيٍّ مبينٌ, وهذا اللسان العربي المبين الذي نزل به = قد بلغ من العجز و الافتقار الدلالي ـ كما يقرِّرُه اللسانيون المحدثون ـ ما اُحتيجَ معه إلى أنْ يُسدًّ عجزُه بهذا العاميّ الذي لا يَصِحٌّ؟!

إنهم ليقولون منكرًا من القول و زورا , و الله المستعان على ما يصفون!

إنّ العجز الدلالي ـ حين يوجد ـ لا يكون إلا في المعاصرين الناطقين بهذه اللغة لا في لسان العرب العظيم ,أفلا ترى إلى ابن جنّي حين أخذ بلبِّه من هذه اللغة جمالها و كمالها و جلالها = أوشك ـ و هو يُكاثِرٌ رأيين في أصلها ـ أن يعدّها في صورتها تلك = وحيًا من الله تعالى؛ فقال:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير