تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لماذا الدفاع عن قانوننا؟؟]

ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 09:00 م]ـ

لم كل هذا الدفاع عن اللغة:

حفل المنتدى في الأيام والسويعات الماضية بنقاش شابَه كثير من العصبية (ولا أقول التعصب) انبرى فيه كل فريق محاولاً الدفاع عن لغته بالطريقة التي يراها هو مناسبًا لحجم القضية وأبعادها، وأحببت أن ألفت نظر الجماء الغفير من الطرفين - وهما أهل لأن نتعلم منهما - إلى بعض الأمور التي يخشى أن تضيع بين أقدام المتنافسين، وتتوارى في عبارات المعبّرين:

1 – الحديث عن اللغة هو حديث لا يمكن أن يتجرد – شِئنا أو أبينا – عن النحو فمن يدافع عن اللغة يدافع بذات الأمر عن اللغة عامة والعكس. كيف لا والنحو ميزان العربية وقانونها، وإن لم تنضبط اللغة بميزان رَجحتْ كفةُ الباطل فغلب، ولا ينبغي لأحد أن يدعي أن العرب لم تحتج لذلك الميزان،، كلا بل احتاجت إليه بيد أن ميزانها كان سليقة وطبيعة، فلم تحتج إلى إفراده وفصله، نعم كان النحو موجودا حتى في أيام البشير النذير صلى الله عليه وسلم، والدليل أن رجلا لمَّا لحن بحضرته قال رسول الله - بأبي هو وأمي -: " أرشدوا أخاكم فقد ضلَّ " نعم لم يكن يُعرف في صورته الحالية بقواعده ولكن كان مسمًّى وليس اسمًا.

2 – إنما تُمسُّ العربية ويأخذها الوهن بالمساس بقانونها – ولو كان بقصد التسهيل والتيسير – نعم العربية عامة بحاجة إلى تيسير في بعض ما وعر منها أو ما يظن فيه كذلك، لكن التيسير ليس بالضرورة أن يكون في تغيير القواعد أو الاصطلاحات أو المسميات أو طرح العلل وغير ذلك، قد يكون التغيير في طريقة عرضنا للنحو أو غيره، إننا بحاجة إلى طرق عرض جديدة يتعلمها القائمون على أمر التعلم والتعليم، تيسِّر الشارد والمعقد وتعرضه بثوب لا يبرأ من أصالة الماضي ولا يخرج بالعلم عن طوره ومساره. ولا تفقد فيه اللغة رونقها أو أصلها، والتطوير مطلوب لكنه ليس عفويًّا، وينبغي ألا يُقاس اجتهادنا باجتهاد آبائنا فنقول: اجتَهَدُوا فنجتهدُ مثلهم، وإنما لمَّا نقاربهم نجتهد مثلهم، بمعنى: أحط أو قارب ثم اجتهد.

3 – إننا نعلم النية الحسنة للجميع ولسنا نطعن في نية أحد فالكل يتسابق لخدمة دينه من خلال لغة هي - برأيي – من أصول اللغات أو هي أصل لها جميعًا، لكن الذي يجب أن نضعه في أذهاننا أن لساننا يجب أن يكون لسان قرآننا ونبينا وكلما ابتعدنا عن ذلكم اللسان قيد أنملة ابتعدنا عن ديننا ومنهجنا وحضارتنا أذرعًا.

4 – إن سلاح المستعمر - أساتذتنا الكرام - لإضعاف أمتنا هو لغتنا وليُسأل عن ذلك أهل البلاد التي استعمرت، فما نزع المستعمر حضارتها إلا بعد أن نزع لغتها، ولْلَنظُر لقول الرافعي - رحمه الله -: " اللغة هي صورة وجود الأمة بأفكارها ومعانيها وحقائق نفوسها وجودًا متميزًا بخصائصه " ثم يقول: " فأمّا إذا كان منه التراخي والإهمال وترك اللغة للطبيعة السوقية وإصغار أمرها وتهوين خطرها وإيثار غيرها بالحب والإكبار فهذا شعب خادم لا مخدوم، تابع لا متبوع ..... لا جرم كانت لغة الأمة هي الهدف الأول للمستعمرين، فلن يتحول الشعب أول ما يتحول إلا عن لغته ".

وكنت أود نقل كلام ابن تيمية الرائع في نحو هذا لكن الكلام يطول، ولست بمذكِّر الجميع بهذا فهم يعلمون أكثر مما أعلم. نعم كثير من الإخوة يفصلون بين الحديث عن النحو والحديث عن اللغة، لكن هيهات ففي تصوري أن العربية جسد واحد، علم الصرف كعلم التشريح، والنحو هو العظام والمفاصل والأعصاب، والبلاغة تجميل , ....

فلا ينفك علم عن علم، ولو حاولت شرح بيت شعر شرحًا أدبيًّا لا تملك إلاّ أن تجد نفسك تعرّج فيه على النحو دونما تشعر.

5 – أساتذتنا الكرام، الأمر ليس بالهين، والنقاش فيه لا يجب أن ينحى منحىً شخصيًّا، بل هو قضيتنا على اختلاف هويّاتنا واتجاهاتنا، ولكل رأي حجته، فمن جاء بحجة لا تهدم دينًا، أو تنسف معلمًا من معالم حضارتنا، أو تفتت هويتنا، أو تنسخ جلدنا قبلناها على العين والرأس، وقلنا له: هلم، يسر لنا ما تراه مُنبهمًا.

أمّا الطرح النظري الذي لا يعتمد أسس الطرح العلمي فلسنا نشنع على صاحبه، ولا نلقمه حجرًا ليسكت، وإنما نقول له فكرتك قوي سعيُها لو صادفت كبد الحقيقة، ولو أصابت عين العقل، أما والحال بها هكذا فعليك أن تراجع نفسك وتقوي حجتك وتنسق أمرك ولربما بالمراجعة تبين الرشد وحقق صاحب الفكرة ما نريده له ومنه.

6– أساتذتنا الكرام أنتم وأمثالكم أمناء على عربيتنا، فلو كان النقاش فيها هكذا فمتى يُرجى أن تحفظ الأمانة؟؟!! وهبْ أن المخالف اقتنع برأي صاحبه كيف يتبعه بعد أن جرّحه وشانه وعابه وفقأ عينه وسمل لسانه وأخذ سلبه؟؟!! الرفق الرفق، فما كان في شيء إلا زانه وما نُزع من شيء إلا شانه.

شكر الله لكم جهدكم، وحفظ نياتكم، وردنا إلى الحق ردًّا جميلا، إنه ولي ذلك والقادر عليه؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير