< p> فمع انقشاع عصر الاستعمار والملكية، بدأت تظهر أسماء المحلات ذات الطابع الوطني والقومي والعروبي، فظهرت محلات بقالة وخضروات وأدوات منزلية وغيرها تحمل أسماء مثل «الجلاء» و» العروبة» و» النصر» و» الحرية» و» القومية» و» الوحدة» و» الجمهورية» و» التحرير»، بل وظهرت أسماء دول وشخصيات بعينها ارتبط أصحابها بعلاقات وطيدة مع مصر في تلك الفترة، منها على سبيل المثال لا الحصر «اليمن» و» سورية» و» نهرو» و» تيتو» ووصل الأمر الى اطلاق تواريخ معينة كأسماء على المحلات مثل «23 يوليو» (يوم ثورة 1952) و26 يوليو (يوم الجلاء)، حتى أن «حاتي الملك» غير اسمه إلى «حاتي الجيش» متبعاً مبدأ «عاش الملك، مات الملك».
لكن لوحظ كذلك احتفاظ نوعين من المحلات التجارية بأسمائها حتى عصرنا الحالي: الأولى هي المحلات التي أممت (وتجري حالياً خصخصتها) مثل «عمر أفندي» و» صيدناوي» و» شيكوريل» و» جاتينيو» والثانية هي المحلات التي يملكها أبناء الجاليات وابرزها الجالية اليونانية والأرمينية مثل «برناسوس» و» باسيليوس» و» ياني» وغيرها.
ومضت أيام العروبة والوحدة والقومية، وهبت رياح الانفتاح، وبدأت الاسماء الاجنبية تغزو عقول أصحاب المحلات الصغيرة منها والكبيرة. وظهرت اسماء غريبة لم يعتدها المصريون، وإن فرحوا بها، واعتبرها كثيرون «فاتحة خير» (من الناحية الاقتصادية) فمثلاً ظهرت محلات صغيرة تحمل اسماء مثل «دولار» و» فاشون تريدينغ» و» رد شو» و» اميغو» و» دريمز» وغيرها الكثير·
ولم تخل حقبة الانفتاح من اسماء ذات معان «وطنية» وليست قومية فظهرت اسماء مثل «15 مايو» (ثورة التصحيح التي قام بها الرئيس الراحل السادات) و» الثورة الخضراء»، حتى ان عدداً من محلات بيع المنتجات الغذائية اطلق اسم «الامن الغذائي» على نفسه في اشارة الى العبارات التي تميزت بها تلك الحقبة·
وانتهت حقبة الانفتاح بدلالاتها الاسمية لتبدأ حقبة جديدة وفريدة من الحقب «الاسمية» في تاريخ مصر هي الأكثر تنوعاً واختلافاً والتي شهدت انتعاشاً للأسماء الغربية ذات الدلالات الانفتاحية الاستهلاكية: «جيني» و» الشانزليزيه» و» باريس» و» نيويورك» و» أنكل» سام». وتوازى ذلك مع عودة أسماء على علاقة بالملكية، على غرار «محمد علي» و» الوالي» و» الخديوي» و» أفندينا» و» السلطان» و» بنت السلطان» واختار آخرون أن تكون الاسماء الشعبية هي الموضة فظهرت محلات تحمل اسماء مثل «التكية» و» التكعيبة» و» العمدة» و» الطبلية».
ولأن العولمة تأتي بكل غريب من مشارق الأرض ومغاربها، فقد ظهرت محلات «سامبا» و» رُمبا» و» لاتينو» و» جيبسيز» و» موناليزا» و» بيكاسو» و» تشاو» واختفت تماماً أو كادت الأسماء التي تنم عن انتماءات أو تحيزات للتيار الحكومي باستثناء اسماء ظهرت واختفت بسرعة البرق مثل «ألبان توشكى».
ويبدو أن «الفوضى الخلاقة» عرفت طريقها الى عالم اسماء المحلات ولم تتوقف عند حدود وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس، فهناك مثلاً مقهى في مدينة مرسى مطروح الساحلية اسمه «آخر عنطزة» وآخر يحمل اسم «الليل وآخره». أما حي مدينة نصر في القاهرة مثلاً، فيحفل بكم مذهل من أسماء المقاهي (كوفي شوب) الغريبة، ومنها «طقاطيقو» و «روشنة» و «عسولة» وغيرها.
والى أن تظهر موجة جديدة في عالم أسماء المحلات، ينشغل الكثيرون بالتنديد بمن يطلق أسماء أجنبية أو غير مفهومة على محلاته، والتأييد لأصحاب الأسماء الواضحة أو تلك التي تحمل إسقاطاً دينياً أو اجتماعياً معيناً، لكن قليلين هم من يفكرون في المعنى وراء الأسماء الغريب منها و» المريب».
* الموضوع منقول .. والقمر المنير هو محل في قرية العيزرية ـ طريق القدس أريحا سابقاً قبل الجدار ـ والماشي للتوزيع السريع هو بائع متجول في القدس.