تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[القرية الغريبة ..... (قصة قصيرة)]

ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 08:54 م]ـ

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

أترككم مع هذه القصة .... و كالعادة أنتظر توجيهاتكم و آرائكم النقدية:

القرية الغريبة

في ذلك الزمن الغابر الذي عثى عليه الدهر قروناً تلو قرون فأكل عليه و شرب حتى ارتوى و شبع , كانت هنالك قرية أهلها غريبو الأطوار , كانوا يعيشون في الليل و ينامون في النهار , بل لم يكونوا يعرفون النهار أصلاً , فموازين الحياة عندهم مقلوبة , هكذا اعتادوا , فكانت حياتهم ظلام في ظلام , , أجمل أيامهم هي أيام منتصف الشهر حين يكتمل القمر و تنجلي الغيوم عن السماء , أما باقي الأيام فكانت الرؤية عندهم شبه منحسرة إلا من ضوء القمر الخافت , بل قد تنحسر الرؤية تماماً في الأجواء الغائمة.

و في أحد الأيام مرّ بتلك القرية زائر غريب من قرية أخرى , وكان وصوله عندهم وقت الضحى فقرر أن يستريح في تلك القرية بضعة أيام ثم يكمل طريقه , فاتجه فور وصوله إلى السوق فهو مكان تجمع الناس عادةً , لكنه لم يرَ أحداً هناك بل وجد السوق خالياً تماماً و المحلات مقفلة , فانتظر قليلاً فلم يخرج أحد , فلم يملك بداً من الانتظار , فاستلقى و نام حتى أوشكت الشمس على المغيب , و بعد غروب الشمس بدأ الناس يخرجون واحداً تلو الآخر و بدأ السوق يعج بالسكان و أخذت الأصوات تعلو شيئاً فشيئاً , فاستيقظ الزائر و استغرب من أهل تلك القرية فهم يمارسون حياتهم اليومية و يبيعون و يشترون في هذا الظلام الدامس , فاتجه إلى مجموعة منهم و سألهم عن سرّ حياتهم الغريبة , فلم يلقَ جواباً غير العجب و الاستغراب من هذا السؤال , فهم لا يرون أن في حياتهم سراً أو غرابة , فأخبرهم أن الناس ينامون في الليل و يكدحون في النهار و ووضح لهم طريقة الحياة الاعتيادية و أنّ الناس كلهم يعيشون في النهار و ينامون في الليل , فبدت علامات الدهشة و العجب على وجوههم , و استغربوا مما سمعوا فأصروا على عدم النوم في ذلك اليوم , و جلسوا ينتظرون حتى كادوا ييأسون من الانتظار و أخذ بعضهم يشكك في صحة كلامه و البعض الآخر يتذمر و يستنكر , و ما هي إلا ساعات محدودة حتى بدأ النور يشع في أعالي السماء و بدأت الشمس تشرق على استحياء , فاندهشوا مما رأوا و عجبوا من ذلك.

و ما إن مضت بضع أيام حتى عادت الحياة إلى طبيعتها في تلك القرية , و تكيف أهلها مع هذه الطبيعة بل فرحوا أيما فرح بذلك الضوء و بهذه الحياة , فقد أبصروا النور أخيراً.

طلبوا من الرجل البقاء معهم , و ألحوا عليه في الطلب حتى وافق على طلبهم , أحب أهل القرية ذلك الرجل و أكنّوا له الاحترام و التقدير , بل أصبح مسموع الكلمة من قبلهم , فالتفوا حوله و أخذوا يتّبعون رأيه و يصدقون قوله حتى صار من وجهاء تلك القرية.

و مع مرور الوقت و انقضاء الزمن أخذ ت الغيرة تسري في عروق بعض أهل تلك القرية , و هكذا طبيعة البشر , و بدأ الحقد على ذلك الرجل من بعض الوجهاء في تلك القرية , بل ارتدى بعضهم عباءة الكبرياء و الغرور , فحاولوا التخلص من ذلك الرجل و دبروا له المؤامرات و كادوا المكائد , لكنّ محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح فكانت هباءً منثورا.

مضت السنون و توفي ذلك الرجل و توفي أهل القرية , و مضت الأزمنة و العصور فتوالت الأجيال تلو الأجيال في تلك القرية , لكنّ قصة ذلك الرجل لم تنمحِ من أذهانهم فتوارثوها جيلاً جيلا.

و في أحد الأجيال ظهر جماعة من المفسدين الذين لا خلاق لهم في الدنيا و لا في الآخرة , فكرروا فعلة أجدادهم و حاولوا محي صورة ذلك الرجل من أذهان أهل القرية جميعهم , فما استطاعوا , فحاولوا غرس كرهه في صدورهم فخابوا و فشلوا.

ولم ييأس أولئك الشرذمة من الناس فحاولوا تشويه صورته و إبدالها بصورة سلبية في أذهان الناس , فاستهزؤا به و رسموه في أقبح منظر , و صوروه بأسوأ صورة , لكنهم خسئوا و الله و خابوا , فلن يصلوا إليه بجمعهم و لن يطفئوا نوره برسوماتهم فحبه باقٍ إلى الأبد , و سيظل ينمو و ينمو في أفئدتنا حتى يوم الدين.

(رسمتَ) محمداً فأجبتُ عنه=و عند الله في ذاك الجزاء

(أترسُمه) و لستَ له بكفءٍ=فشركما لخيركما الفداء

فإن أبي و والده و عرضي=لعرض محمد منكم فداء

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 10:46 م]ـ

قصة لها مغزى عظيم، وفعلاً أن نوره مازال يشع في البشرية إلى قيام الساعة ...

صلى الله عليه وسلم ....

أشكرك

وتقبل تحياتي

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير