[ثلاث صور من العالم الإسلامي]
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 05 - 2008, 07:55 ص]ـ
من بيروت:
البقاء للأقوى، فلم تصمد قوى الأكثرية، كما يسمونها، أمام ميليشيات الجنوب الطائفية التي باتت على وشك إعلان قيام الجمهورية الثانية بعد نحو ثلاثين عاما من قيام الجمهورية الأولى، ولكنها اليوم في قلب المحيط السني، وظهر ذلك واضحا من خلال بعض التصريحات الطائفية التي أطلقها بعض قادة "المقاومة الباسلة"!!!، ولولا قوانين المنتدى لأدرجتها، وهي تعبر عن مأزق تاريخي يعيشه القوم منذ مئات السنين تخلصوا منه باختراع ملاحم موهومة ألقوا فيها تبعة أعمالهم على غيرهم، ولله في خلقه شؤون.
والإشكال في هذه الأزمة: تشابك خيوطها، فإن الناظر إلى حال فريق الأكثرية، يجده فريقا ضعيفا مفككا مختلف المشارب والعقائد، فـ: سني غير مستمسك، ونصراني مثلث، ودرزي فاسد المعتقد، ولا يملك هذا الفريق قوة سياسية أو عسكرية للدفاع عن نفسه، فالجيش اللبناني من الضعف بمكان، فضلا عن ازدواجية معاييره في التعامل مع الأزمات، ففي نفس التوقيت تقريبا من العام الماضي، وتحديدا في العشرين من مايو آيار 2007، ظهر فجأة في شمال لبنان تنظيم يدعى: "فتح الإسلام" ليس له منهج محدد المعالم فضلا عن غموض اكتنف قادته وأعضاءه، فسارع الجيش اللبناني الباسل إلى دك مخيم "نهر البارد" ذو الأغلبية السنية، واليوم يقف الجيش متفرجا أمام احتلال ميليشيات الجنوب الطائفية لبيروت الغربية ذات الأغلبية السنية دون أن يحرك ساكنا بحجة عدم التصعيد، مع أن التصعيد قد وصل إلى حد محاصرة الحكومة اللبنانية، في مكاتبها، ورئيس تيار المستقبل في محل إقامته!!!.
وبعد اغتيال رفيق الحريري، وقد كان رأسا في السياسة والاقتصاد، فأعاد لأهل السنة بعض هيبتهم، تولى ابنه القيادة من بعده، مع أنه لا يصلح، عند التحقيق، لقيادة فريق كرة قدم، فضلا عن طائفة بأكملها!!!، والزعامة لا تورث، بل هي ملكات يهبها الله، عز وجل، من شاء من عباده.
لشتّان ما بين اليزيدين في الندى ******* يزيد سليم والأغر ابن حاتم
وفريق الأكثرية: فريق علماني يحتفظ بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي نجحت في توظيفه كما ينبغي في صراعها مع المعسكر الآخر، تماما كما يحدث في العراق، فالصراع في لبنان صورة مصغرة من الصراع في العراق: فريق تؤيده أمريكا، وفريق تؤيده الجارة الشرقية، في علاقة مضطربة، لا تستقر إلا على حرب أهل السنة العدو المشترك تماما كما حدث في حرب أفغانستان والعراق، فلولا تواطؤ الفريقين، باعتراف: "محمد علي أبطحي" أحد كبار مستشاريهم المعممين، فضلا عن الخيانة الداخلية لما سقطت أفغانستان والعراق والله أعلم.
بينما الفريق الآخر: فريق تحركه عقيدة منحرفة غالية، لا يقيم وزنا للدماء، أو المصالح الشرعية المعتبرة، فلا يعنيه إلا سيادة طريقته تماما كأي مبتدع يغلو في بدعته، فتقام الحروب دون استشارة، ثم يعتذر عما أحدثه بحجة أنه لم يكن يتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد!!!!، ولا يعنيه أن يستشير الآخرين قبل إشعال النار، فهم مجرد "طراطير"، عند التحقيق، وليس له أن يخالف التعليمات القادمة من الشرق: مصدر التسليح والتدريب والتمويل، فهو رأس حربة مشروع طائفي متعصب.
وكلا الفريقين عند التحقيق: ذميم، وإن كان فريق الأكثرية أورع في سفك الدماء وتخريب الممتلكات، فليس له بلبنان قوة أو ركن شديد، فهو ممن عناهم الشاعر بقوله:
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ******* ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
بينما الفريق الآخر لا يعرف إلا لغة القوة، وقد استتر تحت دعوة عصيان مدني، كتلك التي شهدتها مصر الشهر الماضي ليتوصل بها إلى إفساد أعظم، ولعل في هذا عبرة لمن يشارك في مثل هذه المظاهر التخريبية بحجة حرية التعبير عن الرأي، وما أحداث مدينة المحلة الكبرى المصرية التي شهدت معارك طاحنة بين بلطجية الأمن المركزي من جهة وأهل المحلة من جهة أخرى عنا ببعيد.
والمفسدة الصغرى لا تدفع بإحداث مفسدة أعظم منها، فليس هذا من دين الله، عز وجل، في شيء.
والخاسر الأكبر كالعادة: أهل السنة، ولكنهم هذه المرة في بيروت الغربية التي سقطت في أيدي الفاتحين في دقائق معدودة.
¥