ولذا أكثرت لهم من التمرينات ما وسعني الجهد، فوضَعْتُ عقب كلِّ درس تمرينات شفوية وأخرى كتابية، ثم ذيّلْت كل مرحلة من مراحل الكتاب بطائفة وافية من التمرينات تتناوَلُ ما قررَ في تلك المرحلة درساً فدرسا، ثم ختمتُ الكتابَ بتمرينات عامةٍ تتناوَل جميع موضوعاته موضوعاً فموضوعا، وعلى هذا فإن الطالب سيدرب على كل درس أربع مراتِ في أوقات مختلفة، وفي ذلك بلاغ أي بلاغ.
ولا تقولَن في نَفسكَ إن الدروس كثيرة، والحصص قليلة، وإن إجراء هذه التمرينات كلَها سيؤدي إلى عَدَم إنجاز الكتاب فدروس الكتاب ستة وثلاثون درساً والحصصُ المقررة للنحو تزيد في العام على مائة وثلاثين حصة، وعلى هذا ففي وسعك أن تخصصَ لكل درس ثلاث حصص إحداهما للتقرير والثانية والثالثة للتدريب وتبقى بعد ذلك فضلة للتمرينات المرحلية ولتمرينات نهاية العام.
5 - ثم إن الكتاب كما أشرت لك - أيها الأخ الكريم - من قبل حافلٌ بضروب رائعة من بيان الأبينَاء وفنون بارعة من فصاحة الفصحاء، فأتمنى عليك أن توصيَ طلابك باقتناء دفاترصغيرة لِيُدَونوا فيها ما يروق لهم من هذه الروائع بُغية الاستعانة بها في إنشائهم إذا كتبوا والارْتفَاقِ بها في خطبهم إذا خطبوا، والاستمداد منها في حديثهم إذا تكلموا فهم سيكونون - بإذن الله - دعاة إلى الله هداة إلى الخير، والبيانُ أولُ عُدَّة يَعْتَدها الدعاة الهداة.
6 - هذا بالنسبة لطلابك، أما بالنسبة لك فأتمنى عليك ألا تَقتصِرَ في إعداد درسك على هذا الكتاب وَحْدَه، وإنما أرغب إليك أن تضم له كتابا آخَرَ أوْفى منه وأشمل.
ليس الغرضُ من ذلك أن تعطيَ الطلابَ شيئاَ فوق ما في الكتاب المقرًر وإْنما الغرضُ منه أن تكون أشَد قدرةً على التصرف في الدرس، وأكثر استعداداً للسيطرة عليه، والتصدي لكل ما قد يَطْرأ من مشكلات أو يُطرُحْ من أسئلة ليست في الحِسْبان.
والكتابُ الذي أوصيك بالرجوع إليه هو:"كتاب جامع الدروس العربية" للمغفور له الشيخ مصطفى الغلاييني، فأنا لا أعرف كتاباً في النحو أقربَ منه مأخذاَ، ولا أصح تبويباً وتقسيماً، مع وَفرُةِ مادته ووضوح أمثله، فاجعله قرينَكَ فهو خيرُ قرين، وصيره خدينك فهو أكرم خدين.
7 - وما دمنا في صَدَدِ الحديث عن إعداد الدرس فإني آملُ مِنْكَ أن تولِيَ التمريناتِ ما تستحق من الاهتمام، فكم من مُدَرس وقف أمامَ طلابه حائراَ في الإجابة عن تمرين فوجئ به فأحدثت حيرتُه بلبلة في درسه، وثَّلمة في شخصيته، ولو أنه كلَّف نَفسه الإجابة عن هذه التمرينات وهو يُعد الدرس لما عَّرضَها إلى ما عَّرَضها إليه.
8 - وإذا وَجَدْتَ، مادَة الدرس أكثَرَ من أن تُعطي في حصةٍ واحدة فالمرجو منكَ ألا تُرْهق طلابَك بتقريرها كلِّها، وإْنما خذ منها ما يتسع له الوقت، واستكمل الباقي في الحصة التالية فإن الأذهان إذا شبعتْ عافَتْ ما يُلْقَى إليها وازورت عنه ازوراراَ. ولكن لا تجعل هذا ديدَنَك، فالدروس الطويلة في الكتاب أقل من أصابع اليد الواحدة.
9 - ثم إن كل درسٍ من دروس القواعِدِ مؤلف من عِدَّة أجزاء، فالمرجو منكَ ألا تنتقل من جزء إلى آخَرَ إلاَّ بعد الاستيثاق من فهم الطلاب لِمَا قرِّرَ. ولا يكفي في الدلالة على فهمهم أن تسألهم: أفهمتم؟ فيجيبوا: نعم. وإنَّما آيةُ الفهم التي لا تخطئ ودليله الذي لا يَضِل هو قدرَة الطالب على أن يأْتي بمثالٍ من عندِه علىٍ القاعِدَة المقررة، فاجْعَلْ دأبك بعد الانتهاء من كل جزء من أجزاء الدرس أن تكلف طائفة من الطلاب المتفوقين إيرادَ أمثلة على الجزء المقرَّر، ثم انتقل منهم إلى المتوسطين فالضعفاء.
10 - ثم إنه لابد لك من أنْ تَضعً في اعتبارك أن كل درس جديد يعتمد على بعض المعلومات السابقةِ والمصطلحات المشهورة، وأن الطلاب كثيراَ ما يكونون ناسين لتلك المعلومات جاهلين بتلك المصطلحات فلا بد من تذكيرهم ما نسوه، وإيقافهم على ما جهلوه حتى يستطيعوا فهم الدرس الذي يُراد تقريره ومن هنا قيل: "ما لا يُفْهَمُ الدرسُ إلا به إنما هو من الدرس ".
12 - وأخيراَ فلا بد من أن يحفظ الطلابُ القواعِدَ التي ذيلتْ بها الدروس ليستطيعوا الرجوعَ إليها كلما أشكل عليهم أمْر وهي - كما سترى - موجزة العبارة مبسطة المعنى سهلة الحفظ.
هذا وددت أن أقوله لك يا أخي المدرس، فإن وجدت فيه نفعا فذلك ما أبغي، وإن لم تجد فعذرني أنني أردت الخير.
والله أساْل أن يَحفظكَ لدينك وأمتك وأن يكافئك على جهدك، فأْنا لا أعرف أجراًْ في الدنيا يساوي جهد المعلم ويكافئه ولثوابُ الآَخرَةِ خير وأظم أجراَ. وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة على نبينا محمدٍ عبدِ الله ورسوله.
والسلام عليك - أيها الأخ الكريم - ورحمة الله وبركاُته. السلام عليك ورحمة الله وبركاته
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[16 - 05 - 2008, 12:02 ص]ـ
نصائح جميلة وغالية، من أخ ٍ فاضل، محب للعربية، ويتقن تدريسها بأساليب جيدة، بارك الله فيك أخى الكريم ونفعنا الله بك فى منتدانا الفصيح وننتظر مشاركتك المستمرة معنا فى الفصيح.
¥