فصنيعه يدل على أنه لم يرجح , لكنه حمل القارئ المسئولية براويته للروايتين , على أن تصديره لرواية طاووس يدل على أنها الأقوى سندا عنده
رابعا: المختبر لصحيفة همام بن منبه - يجد أن فيها روايات رواها مرفوعة و أوقفها غيره عن أبي هريرة , و لذلك هناك أحاديث كثيرة لم يروها البخاري من هذه الصحيفة - رغم أنه روى أغلبها -
أي أن الخطأ من همام في الرفع متكرر
خامسا: متى نعتبر انفراد الصحابي بحديث قرينة على الضعف؟ عندما يكون الحديث به نكارة و مختلف في وقفه و رفعه - فيكون الترجيح هنا للوقف (أي صحيح موقوفا , ضعيف مرفوعا)
سادسا: قبل أن أذكر من روى الحديث مرفوعا غير همام , علينا أن نتخيل أبي هريرة رضي الله عنه جالس في مجلسه يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فمثله مثل أي محدث يجري الكلام على لسانه فإنه قد يدخل في أثناء تحديثه كلاما من كلامه أو شرحا من عنده و يعرف ذلك تلاميذه من نبرة الصوت و الالتفات , فيلتفت لذلك التلميذ الفطن , و يحسبه من هو أقل من ذلك من جملة حديثه عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
سابعا: من رواه موقوفا
أبو يونس (ثقة) عن أبي هريرة - في مسند أحمد - من طريق عبد الله بن لهيعة من روايه حسن بن موسى عنه فهو يضاهي رواية عبد الله بن وهب عنه
و إيراد الأمام أحمد لهذه الرواية يقوي من شأنها - لأنه كان يستطيع رواية أحاديث عبد الله بن لهيعة بأكثر مما فعل أضعافا مضاعفة - فيدل على أنه كان ينتقي منها
و البخاري رحمه الله كان يكثر من تعليل الأحاديث اعتمادا على رواية لعبد الله بن لهيعة و هذا كثير منه كما في العلل الكبير للترمذي - مثال حديث الوضوء من مس الفرج لأم المؤمنين حبيبة -
و كذلك أبو حاتم في العلل كثيرا نجده يضعف رواية بناءا على رواية عبد الله بن لهيعة - رغم أنه شديد الحمل عليه -
فاعلال رواية همام اعتمادا على رواية عبد الله بن لهيعة فقط - هو فعل أئمة العلل الكبار - فما بالنا إذا كان معنا طاووس!
ثامنا: من رواه مرفوعا
1 - همام بن منبه و قد تكلمنا على حال روايته
2 - عمار بن أبي عمار
و هو عندي صدوق - يرتقي حديثه للصحه عند أدنى متابعة -
رواه عن عمار:
* حماد بن سلمة بالعنعنة في مسند أحمد "أمية بن خالد و يونس بن محمد المؤدب عن حماد"
و بالتصريح بالتحديث بينه و بين عمار كذلك في مسند أحمد رواه مؤمل عن حماد , و مؤمل صدوق سئ الحفظ
و رواه عن حماد أيضا مصرحا بالتحديث علي بن حمشاذ العدل في المستدرك للحاكم
و رواه عن حماد بعنعنة حماد مصعب بم المقدام - صدوق - كما في تاريخ الطبري
و رواه بسند صحيح إلى حماد بن سلمة في كشف الأستار لكن جعل بين حماد و عمار "علي بن زيد " و علي هذا ضعيف غير ثقة (اختبرت أحاديثه بنفسي)
* علي بن زيد كما سبق
قلت: رواية علي بن زيد السالفة الذكر تعل رواية حماد
* يونس بن عبيد كما في تاريخ ابن عساكر بسند ضعيف و فيه "نا يونس بن عبيد عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة قال: أحسبه رفعه: أن ملك الموت"
قلت: هذه الرواية تعل رواية عمار
3 - حبيب بن سالم الأنصاري - مختلف فيه -
وثقه أبو حاتم الرازي و أبو داود
و قال ابن حجر لا بأس به , و البخاري: فيه نظر , و وضعه العقيلي في الضعفاء
فلو توسطنا لقلنا صدوق
رواية حبيب مذكورة في فوائد أبي عبد الله النعالي و في بحر الفوائد للكلاباذي
قلت: اجمالا فمخالفة همام و حبيب لمن هما أوثق منهما و هما طاووس و أبي يونس , تجعل الرفع محكوم عليه بالشذوذ
تاسعا: أن الخطأ في الرفع أيسر في الحدوث - إذ اللسان يجري به - من الخطأ في الوقف
عاشرا: وجدت في تاريخ ابن عساكر رواية همام من طريقين الأولى الطهراني عن عبد الرزاق , و الثانية أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق
وليس فيها جمل "فلطم موسى عين ملك الموت" , "و قد فقأ عيني " , فرد الله عينه "
فنظرت صنيع الحذف هذا ممن؟ , فوجدته من شيخ ابن عساكر: أبو محمد بن الأكفاني (ثقة حافظ)
لأن شيخ الأكفاني وهو الحنائي قد رواها كاملة في "السابع من فوائد الحنائي"
و حذف أجزاء من الرواية الصحيحة - لداعي النكارة - هو صنيع البخاري في صحيحه , و الأمام أحمد في مسنده
و النكارة جزء من علم الحديث و ليست خارجة عليه
¥