أن يكون المعنى: فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن موضع قبره كذا و كذا
على أنه يوجد وسيلة أخرى للتوضيح و الترجيح , و هي أن رواية الكثيب الأحمر وردت فيحديث أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - المذكور سابقا في حديث واقعة الإسراء , فيكون ذكر أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لحديث مكان قبر موسى عليه السلام كنوع منذكر الشئ بالشئ لا أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال الحديث بطوله من أول القصة إلى أخرها
هذا الكلام لا يصلح أن يخاطب به الا من كان يسلم أصلا بأن الحديث ليس من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، و كان من المفترض أن يحمل الأخ / عزت الكلام على ما تتسق به الروايات، و بمثل افتراضه هذا بأنه حدث خطأ من الرواة، فيمكن أن نفترض ذلك في أي حديث، ان كان فيه حكم نهي فربما نقول ان الرواة أخطأوا فزادوا حرف النهي و الحديث على الاثبات! أو ما شابه، فلا يبقى بعد ذلك من السنة ما يحتج به.
اذا قلنا أن الاشارة في " لو كنت ثم (أي: هناك) " و " قبره "، غير راجعة الى معهود لأشكل المعنى، و لا يصح ارجاعها الى حديث من رواية أنس لا ندري هل بلغ أبا هريرة أم لا، فعلى الأخ/عزت أن يأتي بحديث من رواية أبي هريرة فيه أن قبر موسى عند بيت المقدس. و ليس على هذا الاعتماد، و لكن:
لو كان لفظ الحديث: و قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بزيادة الواو، لربما اتجه أن الحديث حديث اخر، أما هكذا فانهم أحيانا يعيدون لفظة "قال" و القائل ممن سبق ذكره، ثم انه اما أن يذكر صراحة، أو أن يعرف من السياق، و يعلم بذلك أن القائل قال جميعه في سياق متصل.
فاذا فهمت ذلك تبين لك لماذا نسب الحافظ الى الوهم الذين ظنوا أن ما ذكره البخاري عقب رواية همام من المعلق، قال في الفتح:
"قوله: (قال وأخبرنا معمر عن همام إلخ) هو موصول بالإسناد المذكور، ووهم منقال إنه معلق." ا. ه
فاعلم أن عبد الرزاق عندما حدث به في المجلس الذي حضره يحيى بن موسى قال عقب رواية طاوس هذا الذي قال، و لم يذكر لفظ رواية همام، و الله أعلم.
قوله:
لنرى صنيع البخاري - و قيامه بالحذف يقينا -:
في كتاب الجنائز من صحيحه ذكر الرواية بلفظ: "فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه فقال أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت فرد الله عليه عينه"
فحذف البخاري هنا لفظة "ففقأ عينه"
لفظة " فرد الله اليه عينه " تعني أنها كانت سليمة، أفلا يفهم من هذا أن موسى هو الذي فقأها و قد تقدمت لفظة " فصكه "؟ أم أننا سنجادل أنه ربما فقأها شخص اخر! (كالمستجير من الرمضاء بالنار)
قوله:
فحذف البخاري هنا لفظة "ففقأ عينه" , و لفظة "فرد الله إليه عينه"
و ما حذفها إلا لنكارتها عنده
هذا مع اعتماده للرواية الموقوفة!
و هذا ادعاء منه عجيب و فيه ما يكفي لنسف علم الجرح و التعديل، و اعلم ان البخاري ربما يختصر من الرواية بما لا يحيل المعنى، أو أن يكتفي بموضع الشاهد للترجمة، لكن كونه يخرج الحديث من وجه فيه نكارة فيحذف منه مواضع النكارة، فهذا لا يقوله من عرف هذا العلم، و لو كان الأمر كذلك فربما حذف شعبة بن الحجاج مواضع النكارة متنا أو اسنادا من حديث قتادة بن دعامة، فيأتي الناس من بعده القطان، و ابن حنبل، و ابن معين، و أبو حاتم و غيرهم فيوثقون قتادة، و ما دروا ان شعبة قام بتحريف روايته!!!، و مثل ذلك بمكن أن يقال في اي توثيق، فلا يبقى للتعديل معنى.
أيها الأخ / عزت انظر الى ما يخرج من رأسك!
قوله:
ثالثا: ترجيح الأئمة - المستفاد من صنيعهم - للرواية الموقوفة من طريق طاووس عن الرواية المرفوعة من طريق همام
1 - البخاري: ذكر الحديث مرتين , مرة: ذكر الرواية الموقوفة كاملة و عقبها بجملة "قال و أخبرنا معمر عن همام حدثنا أبو هرير عن النبي صلى الله عليه و سلم نحوه"
فتصديره للرواية الموقوفة ترجيح لها
و المرة الثانية في كتاب الجنائز من صحيحه , و روى الرواية الموقوفة فقط! و هذا ترجيح آخر منه
¥