7 - عبد الرحيم بن حبيب، (وقد سبق ذِكر حاله).
أما من رواه عن بقية مقتصرًا على ذِكْر الصباح فقط؛ فاثنان، وهما:
1 - إسحاق بن راهوية، وإسحاق إمام.
2 - لُوَين، محمد بن سليمان بن حبيب، وهو ثقة، وظاهر صنيع الحافظ في "نتائج الأفكار" (2/ 376) أن لُويْنًا رواه بذكر الصباح والمساء، لكن الذي يظهر أنه تَجَوُّزٌ منه في العبارة، حيث صدَّر الكلام برواية: "من قال حين يصبح أو يمسي ... " ثم ساق سنده، ثم قال: "فذكر الحديث مثله" اهـ فظاهر قوله: "مثله" أنه بلفظه سواء بسواء، والحافظ قد رواه من طريق محمد بن عبد الرحمن، وهو أبو الطاهر المخلص عن عبد الله بن محمد البغوي عن لوين، ومن نظر فيمن خرج الحديث من هذه الطريق لا يجد ذكر المساء، فالظاهر أن في عبارة الحافظ: "تَجَوِّزًا" لأنه لم يسُق لفظها في كتابه، حتى يترجح خلاف هذا، والله أعلم.
والنفس تميل إلى كون الحديث محفوظًا إلى بقية بذكر الصباح والمساء؛ لكثرة من رواه عنه كذلك، لاسيما وسيأتي الكلام على ما يشهد لذكر الصباح والمساء في روايات أو أحاديث أخرى، والله أعلم.
ز- ذكر الحافظ في "نتائج الأفكار" (2/ 376) الحديث من طريق لوين عن بقية، ثم قال: لكن قال: "لا إله إلا أنت" ولم يقل: "وحدك لا شريك لك" إلا أن ذكر الجملة الثانية موجود في الروايات الأخرى، وهو محفوظ، فلا يضر عدم وجودها في هذه الرواية.
ح- الحديث يرويه بقية عن مسلم بن زياد مولى ميمونة أم المؤمنين – رضي الله عنها- وقد حكم بعض أهل العلم عليه بالجهالة، فقد قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام" (4/ 646) برقم (2205): "كان صاحب خَيْلِ عمر بن عبد العزيز، ولا يُعرف روى عنه غير بقية، وحاله مجهول" اهـ، واعتمد ذلك شيخنا الألباني – رحمه الله تعالى- في "الضعيفة" (3/ 144/برقم 1041).
ومن نظر في ترجمة مسلم هذا؛ وجد أمورًا ترفع من شأنه، فمن ذلك:
1 - أنه روى عنه جماعة: بقية، وابن لهيعة، وإسماعيل بن عياش، انظر "تهذيب التهذيب". وهذا يرفع من جهالة عينه، ويبقى النظر في حاله.
2 - أنه كان على خَيْل عمر بن عبد العزيز – رحمه الله- وهذا يدل على أنه مؤتمن على بعض مال المسلمين، ولو كان عمر – رحمه الله- يعلم عنه ما يطعن في أمانته وصدقه؛ لما ولاّه بعض مال المسلمين، وقد لمَحَ هذا المعنى الحافظ ابن حجر - رحمه الله- فقال في "نتائج الأفكار" (2/ 377) متعقبًا قول ابن القطان: "ورُدَّ بأنه وُصِف بأنه كان على خيل عمر بن عبد العزيز، فدل على أنه أمين () " وإذا كان ذلك كذلك؛ فيا ليت الحافظ رفع من شأنه في "التقريب" فإنه اقتصر على قوله: "مقبول" ومعلوم أن الرجل إذا كان معروف العين، وتولى عملاً عند عمر بن عبد العزيز ذاك العبد الصالح، والخليفة الراشد؛ فالأولى أن يقال فيه: "صدوق" لاسيما وسيأتي ما يقوي ذلك، والحافظ في "التقريب" في عدة تراجم يترجم بقوله: "صدوق" لمن ليس فيه تعديل، سوى أنه ذُكر في ترجمته أنه مؤذِّن فلان، أو جليس فلان من الصحابة مثلاً، وهذا نحو ما نحن فيه، والله أعلم.
3 - مسلم هذا ذكره ابن حبان في "الثقات" وإن كان ابن حبان يتوسع في توثيق المجاهيل؛ لكن هذا نذهب إليه إذا لم يكن في الترجمة ما يدل على صحة قوله، والأمر هنا بخلاف ذلك.
4 - مسلم هذا قد أخرج له البخاري في "الأدب المفرد" هذا الحديث، وللبخاري نوع نقاوة في رجاله، وإن كان ذلك خارج الصحيح، نعم له في الصحيح شرط أشد وأنقى، ومما يدل على ذلك ما ذكره العلامة المحقق البصير المعلمي اليماني في "التنكيل" (1/ 123) ترجمة أحمد بن عبد الله أبي عبد الرحمن العكي، وكذا في (1/ 209) ترجمة إسماعيل بن عرعرة، بأن البخاري لا يروي في مصنفاته – الصحيح وغيره- بواسطة أو بغير واسطة إلا عمن يميز صحيح حديثه من سقيمه، وهذه مرتبة من يُقبل حديثه، وقد أطال المعلمي – رحمه الله- في تقرير ذلك، فارجع إليه.
فإن قيل: يوجد في رجال البخاري في "صحيحه" فضلاً عن غيره من مصنفات البخاري من لا يُحتج به؛ قلت: فيما يتصل بالدفاع الخاص عن البخاري ليس هذا موضعه، وفيما يتصل بالجواب العام؛ فالأصل قبول من احتج به البخاري حتى يظهر خلافه أو تقييده بحالة دون أخرى، ولم يظهر لنا جرح في مسلم هذا، فالأصل تمشيته، والله أعلم.
¥