[الرسائل الأدبية في العهد الأندلسي]
ـ[رحاب مكة]ــــــــ[03 - 05 - 2009, 02:17 م]ـ
[الرسائل الأدبية في العهد الأندلسي]
مما تتميز به النثر الأندلسي كثرة الرسائل الأدبية فيه، وكانت تسعف الكتاب في ذلك ملكات أدبية خصبة وهي تلاحظ بوضوح في كثير من رسائلهم الشخصية إذ نرى الكاتب يتحول برسالته في المودة والإخاء أو في العتاب أو في الرثاء من آثار كثرة الحروب عندهم مع نصارى الشمال مثل كتاب الذخيرة لابن بسام
وتكثر عندهم الرسائل الشخصية التي تتخذ الطبيعة موضوعا لها، وفي مقدمتهم ابن الخطيب رسائل متعدد في وصف الطبيعة. وكان للأندلسيين ميل واضح إلى الدعابة والفكاهة، وهما يتضحان في كثير من رسائلهم الشخصية.
رسالة النخلة
هي رسالة عتاب لصديق سبق أن عاتبه في العام الفارط على كتمانه لرطب نخلة، وهي تعد بالأندلس إحدى الغرائب وفريدة العجائب، ويقول إنه سأله من جناها قليلا، فقال له لو علمت أن لكم به هذا الكلف لأمسكته عليكم، ولكنه في العام المقبل إن شاء الله يكون غلتكم وعتادا نفيسا لكم وذخرا حبيسا عليكم، ويمضى ابن برد قائلا له:
" رسمنا تلك العدة في سويداوات قلوبنا، ووكلنا بها حفظة خواطرنا، أما أنت فهلت عليها التراب، وأسلمتها إلى يد البلى، حتى إذا أخذت النخلة زخرفها وازينت زينتها، وبلغت غايتها، وأشبع القمر صبغها، وأحكمت الشمس نضجها، جنيتها على حين نام السمار، وغفلت الجارة والجار، وأبت بها إبابة الأسد بفريسته .. ولما رأينا طلائع الرطب في الأسواق، والجنى من بواكير النخيل على الأطباق، هزت جوانحنا ذكرى العدة، وقلقل أحشاءنا حذر الخيبة، فركضنا الدواب إلى حرمتك، وجعلنا نسرع طمعا في لقائك "
ويذكر ابن برد لصاحبة أنهم حين وصلوا إلى محلته لقيهم فتى ظريف، فسألهم عن مقصدهم، فقالوا له: إن جارك وصديقنا وعدنا منذ عام أن يسهم لنا في جني نخله لديه، فجاءوها ليأكلوا منها ويعلموا أن قد صدقهم ويكونوا عليها من الشاهدين. ويقول ابن برد:
" قال الفتى يالإخواني في الخيبة أنا ساكن في المحلة التي منبت هذه النخلة في ساحتها وقد صرمها (قطعها) منذ خمسة عشر يوما، وقد كنت قبل صرمها أمنحها نظر العاشق إلى المعشوق، فإذا رأت الطير وهي على سعفها ما أواصل إليها من لحظاتي، وأتابع عليها من زفراتي، رمتنى بأفراد من رطبها أحلى من شفاه العذارى، وأنا اليوم أبكي ربعاً خاليا "
ويتجه ابن برد بالحديث إلى صاحبه قائلا: ما هذه الخيانة للعهد، ويسأله شيئا مما ادخره منها لأعياده واعداً له أن يناصبوا عنه أعداءه برا وبحرا وأن لا يعصوا له أمرا.
ويصف له شيئا من كلام العرب في النخل وبدء نباته والبلح وتلون حالاته وبعض منظومهم فيه لعله يذيب من جموده ويولد عقيم جوده، ويورد عليه ما أثر من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: " نعمت العمة لكم النخلة " ويقول: " ليس من حقه أن يستبد بخيرها ويمسك معروفها عنهم، ويختم الرسالة بقوله: " نستغفر الله ونسأله أن يبدلنا من بخلك نوالا، وبمطلك إعجالا " وهي رسالة طريفة بما فيها من فكاهة ومن قدرة على التصوير ومن سلاسة في التعبير.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 05 - 2009, 11:40 م]ـ
ما أجمل تلك الكلمات التي حملت أخبار ونوادر العهد الأندلسي .. إنها لتنعش القلب .. وتغذي العقل .. أحسنتِ أختِ الكريمة في عرض رسائلك .. ننتظر الجديد الماتع فلا تبخلي .. بورك فيك وزادك الله علما.