[تحليل أسلوبي لقصيدة ابتسم لإيليا أبو ماضي]
ـ[أسامة الشبانة]ــــــــ[19 - 07 - 2009, 09:54 م]ـ
الحمد لله وكفى , وصلاة وسلاما على النبي المصطفى , وعلى من سار على دربه واقتفى. أما بعد:
قصيدة الشاعر: إيليا أبو ماضي بعنوان: ابتسم؟
قال السماء كئيبة! وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما!
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتسم
لن يرجع الأسف الصبا المتصرما!!
قال: التي كانت سمائي في الهوى
صارت لنفسي في الغرام جهنما
خانت عهودي بعدما ملكتها
قلبي , فكيف أطيق أن أتبسما!
قلت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها
لقضيت عمرك كله متألما
قال: التجارة في صراع هائل
مثل المسافر كاد يقتله الظما
أو غادة مسلولة محتاجة
لدم، و تنفثـ كلما لهثت دما!
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها
وشفائها, فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما. و تبيت في
وجل كأنك أنت صرت المجرما؟
قال: العدى حولي علت صيحاتهم
أَأُسر و الأعداء حولي في الحمى؟
قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم
لو لم تكن منهم أجل و أعظما!
قال: المواسم قد بدت أعلامها
و تعرضت لي في الملابس و الدمى
و علي للأحباب فرض لازم
لكن كفي ليس تملك درهما
قلت: ابتسم, يكفيك أنك لم تزل
حيا, و لست من الأحبة معدما!
قال: الليالي جرعتني علقما
قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما
طرح الكآبة جانبا و ترنما
أتُراك تغنم بالتبرم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما؟
يا صاح, لا خطر على شفتيك أن
تتثلما, و الوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى
متلاطم, و لذا نحب الأنجما!
قال: البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما
قلت ابتسم مادام بينك و الردى
شبر, فإنك بعد لن تتبسم
المقدمة:
إيليا أبو ماضي الشاعر المهجري الذي أسماه بعض النقاد بشاعر التفاؤل , نلتقي معه هنا في دراسة لقصيدته التي تبعث التفاؤل والسعادة, وتبرز شيئا من جمال الدنيا المشرق. فهي قد خاطبت النفس البشرية بشكل فيه من النقاء والصفاء.
نجد هذه القصيدة تحمل كما هائلا من الروح العالية عند الشاعر , فهو قد جعل المتلقي يعيش في بحر السعادة بشكل مقنع ورائع.
إن الخطاب الشعري بشكل عام لابد أن يحوي على مقصد ما , فنجد إيليا أبو ماضي في هذه القصيد قد وضح مقصده وبان , وذلك بجعل اليآس متفائل , والحزين سعيد , بجمل متراكبة , وحوار شعري بارع.
إنني في دراسة هذا النص سأسير وفق المنهج الأسلوبي , الذي يجعل النص مادته ومساحته.
مستوى الأصوات:
إن الشاعر قد جعل لقصيدته بحرا إيقاعيا سهلا , ليتناسب ذلك البحر مع الموضوع الذي أنشأ من أجله القصيدة, وأيضا جعل هذا البحر نظما إيقاعيا صوتيا رائعا , أضف إلى ذلك اختياره للكلمات والأحرف التي امتزجت مع موضوع القصيدة.
فلو تجولنا داخل القصيدة لوجدنا أن الشاعر قد كرر جملا من الأصوات والأحرف التي تناسب مقام ومقصد القصيدة. فنشاهده قد كرر حرف (السين) مثل قوله: السماء , وابتسم , نفسي , المواسم , المسافر. لما في حرف السين من تنفيس للحزين , وأيضا يعطي إيقاعا وصفيرا في النطق.
كما نجد الشاعر قد جعل قافيته حرف (الألف) الذي يعبر عن إخراج النفس من الصدر في آخر كل بيت , وكأنه يريد من ذلك الحزين الشهيق والزفير , لإخراج حزنه وتجديد حياته. أضف إلى ذلك من سهولة ذلك الحرف في نطقه.
كما أيضا نجد حرف (القاف) الذي نجده قد تكرر كثيرا , وهو يعبر عن الإيقاع النفسي للحزين , ويجعله يبدي ما في نفسه من حزن وألم. كما يجعل من تكرار هذا الحرف سلسلة من الإيقاعات الصوتية المتكررة فيجعل للقصيدة بهاء ورونقا.
وإننا نلمح ملمحا لطيفا فالشاعر قد أبعد الحروف المستثقلة في النطق كالحرف الضاد , وحرف الصاد , وحرف الثاء , وحرف الظاد , وأعتقد أن الشاعر قد أجاد في ذلك , لأن القصيدة تحمل شيئا من قيم السعادة والتفاؤل , فجعل جل الأصوات التي استخدمها سهلة وواضحة , كما نجد في إيقاعها.
المعجم الأدبي الشعري:
المعجم الشعري هو لغة القصيدة والجدول الذي يختار فيه الشاعر الكلمات التي تؤلف لغته الشعرية , وإن تمحور المعجم الشعري يخضع لحركة القراءة التي يجريها القارئ في النص, فهو شكل من أشكال إنتاج الدلالة النصية.
¥