[محمد العيد آل خليفة الشاعر الجزائري]
ـ[رحيل محي الدين]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 08:29 م]ـ
للجزائر كما للأمم العريقة في المجد والحضارة تراث أدبي وعلمي يربط حاضرها بماضيها فتبني عليه مستقبلها، هذا التراث الذي صنعه أدباء وعلماء وشعراء، فبقوا خالدين بأعمالهم.
ومن الذين كان لهم الصرح الكبير في نظم الشعر، الشاعر محمد العيد آل خليفة الذي كانت له الشخصية المتميزة في الشعر الجزائري الحديث والذي أحتل مكانة مرموقة بغزارة إنتاجه وتنوعه وصدقه في فنه ومشاعره، فعد بذلك نغما جوهريا في صوت الجزائر بوجهها العربي الاسلامي.
وقدحاولت ان اتغرض بايجاز لهذا الشاعر من جوانب مختلفة، عن حياته: مولده و ثقافته، شخصيته و مكانته وتصوفه وحركته الاسلامية فهو رجل اصلاح وتصوف في آن واحد، وانه جاهد بلسانه وقلمه من اجل جزائر حرة ومستقلة فكان منبع النهضة والصمود الذي يصب في قلب الشعب الجزائري، لننتقل بعد ذلك الى المبحث الثاني الذي خص للحديث عن شعره والمراحل التي مرّ بها، ثم ما تناوله من موضوعات اساسية واخرى ثانوية وكذا الخصائص الفنية لشعره
مولده ونسبه:
هو محمد العيد آل خليفة، تنسم ريح الحياة في 27 من جمادى الأولى 1323هـ (1)، الموافق لـ28أوت1904م، بعين البيضاء؛ (2) تنحدر أسرته من القبيلة العربية (المحامبد) والتي سكنت ليبيا في العهد الفاطمي، ومنها انتقلت الى الجزائر في العهد العثماني واستقرّت في "واد سوف" بالجنوب الجزائري (3).
ولد في أحضان أسرة متدينة، وتحت رعاية أبٍ صوفيٍّ صالح، فتزعزع في ذلك الجوّ الأسريّ المفعم بالتقى والعفة والورع وتشربت نفسه هذا الحبّ العميق المتوارث للعقيدة الإسلامية والأخلاق الفاضلة والإيمان الشديد بعزّ الإسلام والوطن (4).
منابع ثقافته:
تعد الأسرة التي عاش فيها "محمد العيد" أول منبع لثقافته، فقد أخذ منها الكثير كحب الوطن وحبّ العقيدة والقيام بتعاليمها، وكذا محبة الأخلاق السامية والتحلي بها.
ثمّ استهل تعلمه وحفظه للقرآن الكريم، في الكتاتيب ثم التحق بالمدرسة التابعة لمسقط رأسه بعين البيضاء حيث بدأ يتلقى المبادئ الأولى في العلوم الدينية واللغوية، على يد الأستاذين: الشيخ أحمد بن ناجي والشيخ محمد الكامل بن الشيخ المكي.
أتمّ حفظ القرآن الكريم وهو صاحب الأربعة عشر سنة، على يد أحد أئمة مساجد بسكرة، ثم توجه لدراسة التوحيد (5) والفقه والنحو والمنطق وغيرها من العلوم الدينية واللغوية، على يد الشيخ"عليّ بن ابراهيم العقبي"، وفي عام1921م، سافر الى تونس، قبلة البعثات الطلابية آن ذاك وانتسب الى جامع الزيتونة، ولماّ وجد أن الكتب المقررة في درجته، كان قد قرأ معظمها بالجزائر، قررّ التخلص من هذه الطريقة النّظامية، التي تلزمه بالحضور في حلقة معينة، فراح يحضر حلقات مختلفة المستويات مماّ سمح له باختيار ما يلائمه من دروسٍ وأساتذة، والى جانب هذا كان يداوم بصفةٍ حرة على بعض الدروس في بعض المواد العصرية كالحساب والجغرافية وغيرها وذلك بالمدرسة الخلدونية، وبقي على هذا الحال مدة سنتين، ولأسبابٍ مرضية عاد الى الجزائر عام1923م، دون أن يحصل على أيةّ شهادة علمية، وكان مايزال طالب علم، متعطشاً الى المزيد، فاتصل بالعديد من الشيوخ، وأخذ عنهم الكثير من العلوم منها؛ الفقه والحساب والفلك والتفسير وعلوم البلاغة، ومن بين هؤلاء الشيوخ؛ البشير الإبراهيمي، والطيب العقبي.
1 - محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته، تأليف أ/محمد ابن سمينة /ديوان المطبوعات الجامعية، ابن عكنون –الجزائر1992 - ص9 (بتصرف).
2 - في الأدب الجزائري الحديث تاريخاً وأنواعها وقضايا وأعلامها تأليف، د /عمر بن قينة، ديوان المطبوعات الجامعية، ابن عكنون –ص66 (بتصرف).
3 - محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته، تأليف أ/محمد ابن سمينة-ص07 (بتصرف).
4 - نفسه-ص09 (بتصرف).
5 - نفسه-ص09 - 10 - 11 (بتصرف).
إضافة الى كلّ هذا كانت البيئة الاجتماعية قد أثرت هي الأخرى في تكوين شخصيته العلمية (1)، وكذا مكتبته الخاصة التي كانت تحوي مصنفات دينية وعلمية، كما شملت أمهات الكتب المشهورة في اللغة والأدب وبعض دواوين الشعراء القدامى والمحدثين (2).
¥