[القصيدة العمرية]
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[22 - 05 - 2009, 08:40 م]ـ
حَسبُ القَوافي وحَسبي حين أُلْقيها =
أَنِّي إلى ساحَةِ الفاروقِ أُهْدِيها
لا هُمَّ، هَبْ لي بياناً أستَعينُ به=
على قضاءِ حُقوقٍ نامَ قاضِيها
قد نازَعَتني نَفسي أن أوَفِّيَها=
وليس في طَوقِ مِثلي أنْ يُوَفِّيها
فمُرْ سَرِيَّ المَعاني أنْ يُواتيَني=
فيها فإنِّي ضَعيفُ الحالِ واهيها
مَولَى المُغيرَةِ، لا جادَتكَ غاديَة=
من رَحمَةِ اللهِ ما جادَتْ غَواديها
مزَّقتَ منه أديماً حَشُوه هِمَمٌ=
في ذِمّةِ اللهِ عاليها وماضِيها
طَعَنْتَ خاصِرَةَ الفاروقِ مُنتَقِماً=
من الحَنيفَةِ في أعلى مَجاليها
فأصبَحَتْ دولةُ الإسلامِ حائرةً=
تَشكُو الوَجيعةَ لمّا ماتَ آسيها
مَضى وخَلَّفَها كالطَّودِ راسِخَةً=
وزانَ بالعَدلِ والتَّقوَى مَغانيها
تَنبُْو المَعاوِلُ عنها وهيَ قائِمَةٌ=
والهادِمُون كثيرٌ في نواحيها
حتى إذا ما تَوَلاّها مُهَدِّمُها=
صاحَ الزَّوَالُ بها فاندَكَّ عاليها
واهاً على دَولةٍ بالأمسِ قد مَلأَت=
جَوانِبَ الشَّرقِ رَغداً من أياديها
كم ظَلَّلَتْها وحاطَتْها بأجنحةٍ=
عن أعينِ الدَّهرِ قد كانت تُواريها
مِنَ العِنايةِ قد رِيشَتْ قَوادِمُها=
ومن صَميم التُّقى رِيشَتْ خَوافيها
واللهِ ما غالَها قِدْماً وكادَ لها=
واجتَثَّ دَوْحَتَها إِلاّ مَوالِيها
لو أنّها في صَميم العُرب قد بَقِيَتْ=
لمّا نَعاها على الأيّام ناعِيها
يا ليتَهُم سَمعُوا ما قاله عُمَرٌ=
والرُّوحُ قد بَلَغَتْ منه تَراقِيها
لا تُكْثِرُوا من مَواليكُم فإنّ لهم=
مَطامِعاً بَسَماتُ الضَّعفِ تُخفيها
رأيتَ في الدِّين آراءً مُوَفَّقَةً=
فأنزَلَ اللهُ قرآناً يُزَكِّيها
وكنتَ أوّلَ من قَرَّت بصُحبتِه=
عينُ الحَنيفةِ واجتازَت أمانِيها
قد كنتَ أعدى أعاديها فصِرتَ لها=
بنعمةِ اللهِ حِصناً من أعاديها
خَرَجتَ تَبغي أذاها في محمَّدها=
وللحَنيفةِ جَبّارٌ يُواليها
فلم تَكَدْ تَسمَعُ الآياتِ بالِغةً=
حتى انكَفَأْتَ تُناوي من يُناويها
سَمِعْتَ سُورَةَ طّه من مُرَتِّلِها=
فزلزلت نِيَّةً قد كنتَ تَنويها
وقُلتَ فيها مَقالاً لا يُطاولُه=
قَولُ المُحِبِّ الذي قد بات يُطرِيها
ويومَ أسلَمتَ عَزَّ الحَقُّ وارتَفَعتْ=
عن كاهِلِ الدِّينِ أثقالٌ يُعانيها
وصاحَ فيه بِلالٌ صَيحَةً خَشَعَتْ=
لها القُلوبُ ولَبَّتْ أمرَ بارِيها
فأنتَ في زَمَن المُختارِ مُنجِدُها=
وأنتَ في زَمَنِ الصِّدِّيقِ مُنْجِيها
كم استَراكَ رَسُولُ اللهِ مُغتَبِطاً=
بحِكمَةٍ لكَ عند الرَأْيِ يُلْفيها
ومَوقِفٍ لكَ بعد المصطفى افَتَرقَت=
فيه الصَّحابةُ لمّا غابَ هاديها
بايَعتَ فيه أبا بَكرٍ فبايَعَه=
على الخِلافَةِ قاصِيها ودانِيها
وأُطفِئَت فِتَنةٌ لولاكَ لاستَعَرَت=
بين القَبائِل وانسابَت أفاعيها
باتَ النبيُّ مُسَجّىً في حَظيرَتِه=
وأنتَ مُستَعِرُ الأحشاءِ دامِيها
تَهيمُ بين عَجيج الناس في دَهَشٍ=
مِن نَبْأَةٍ قد سَرَى في الأرضِ ساريها
تَصيحُ: من قال نَفسُ المصطفى قُبِضَتْ=
عَلَوتُ هامَتَه بالسَّيفِ أَبْريها
أنْساكَ، حُبُّكَ طه أنّه بَشَرٌ=
يُجري عليه شُؤُونَ الكَونِ مُجريها
وأنّه وارِدٌ لا بدّ مَوْرِدَه=
مِنَ المَنِيَّةِ لا يُعفيه ساقيها
نَسِيتَ في حَقِّ طه آيةً نَزَلَتْ=
وقد يُذَكَّرُ بالآياتِ ناسيها
ذَهِلْتَ يوماً فكانت فِتنَةٌ عَمَمٌ=
وَثابَ رُشدُكَ فانجابَتْ دَياجِيها
فللسَّقِيفَةِ يومٌ أنتَ صاحِبُه=
فيه الخِلافةُ قد شِيدَتْ أواسيها
مَدَّتْ لها الأَوْسُ كَفّاً كي تَناوَلَها=
فمَدَّتْ الخَزْرَجُ الأيدي تُباريها
وظَنَّ كلُّ فَريقٍ أنّ صاحِبَهُم=
أوْلى بها وأتى الشّحْنَاءَ آتيها
حتى انَبَريتَ لهم فارتدّ طامِعُهُم=
عنها وأخَّى أبو بَكرٍ أواخيها
وقَولَةٍ لعَليٍّ قالَها عُمَرٌ=
أكرِم بسامِعِها أعظِم بمُلقيها!
حَرَقتُ دارَكَ لا أبقي عليكَ بها=
إنْ لم تُبايعْ وبنتُ المصطفى فيها
ما كان غيرُ أبي حَفصٍ يَفُوهُ بها=
أمامَ فارِسِ عَدْنانٍ وحامِيها
كلاهُما في سَبيلِ الحَقِّ عَزْمَتُه=
لا تَنْثَني أو يكونَ الحَقُّ ثانيها
فاذْكُرْهُمَا وتَرَحَّمْ كُلَّما ذَكَرُوا=
أعاظِماً أَلِّهُوا في الكونِ تأليها
كم خِفتَ في الله مَضعُوفاً دَعاكَ بهِ=
وكم أخَفتَ قويّاً يَنثَني تِيها
¥