تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من هو الصديق؟ بقلم: نوَّاف الرشيد

ـ[أبو المواهب الطنجي]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 12:38 ص]ـ

مقال نشر بجريدة الجزيرة.

من هو الصديق؟؟

الصداقةُ كَلمةٌ مِنَ الصعوبةِ إطلاقها على أيِّ شخصٍ لأنَّ أوصافها دقيقة، ومعانيها عميقة، أمَّا شروطها فهي مُستحيلةٌ بالاستقصاءِ والتدقيق، وقد قيل قديماً: حافِظ على الصديقِ ولو على الحريق. وقيلَ لأسباطٍ الشيبانيّ صِف الأخوة وأوجز. قال: أغصانٌ تُغرس في القلوب، فتثمر على قدر العقول.

وما أجمل قول أحد الحكماء عندما سُئل عن الأصدقاء فقال: نفسٌ واحدةٌ في أجسادٍ مُتفرقة.! ويا تُرى هل الصديق من تتوافق أنتَ وإياهُ في هواياتكَ وآرائكَ؟ هذا مُحال ولننظر- كمثال - لحال الكُميت والطِّرماح قال الجاحِظ: لم يُر أعجب حالاً منهما، فإنَّ الكميت كانَ عدنانياً شيعياً يتعصبُ لأهل الكوفة، والطِّرماح كانَ قحطانياً خارجياً يتعصب لأهل الشام، وكانَ بينهما من المخَالطةِ ما لم يكن بين اثنين قطّ، ولم تجرِ بينهما جفوةٌ ولا قطيعةٌ ولا اعتراضٌ!!!

أم هل الصديق من يحفظُ أسرارك (فقط) ولا تكون كأسرار الزجاجة لا يخفى على العين منها الصفو والكدرُ؟ يُبطل هذا المشهور من تعريف الأسرار بأنها: معلومات تخصك تبوح بها للآخرين يستخدمونها ضدك عند الحاجة! أم هل الصديق هو القريب؟ وهذا كذلك باطل فقد رأينا أصدقاء لا يلتقي بعضهم بالآخر إلاَّ في آدم عليهِ السلام!

ويحضرني هنا ما قيل لعبدالله بن المقفع: أصديقكَ أَحبُّ إليكَ أم نسيبك؟ فقال: إنَّما أحب النسيب إذا كانَ صديقاً. وأجمل بالمقولةِ المشهورة: الأخ نسيب الجسم، والصديق نسيب الروح. أم هل الصديق هو الذي يُحبكَ وتحبه؟ فكم أحبَّ إناسٌ أناساً ولربما فدوهم بأرواحهم لكن لم يعتبروهم يوماً أصدقاء! أم وأم وأم؟؟

حقيقة لا أعرف الجواب لكن اطمأنت نفسي لتعريف أحدهم للصديق بأنه: هو الذي تستطيع أن تفكرَ عندهُ بصوتٍ مرتفعٍ.

الصداقةُ أمرها صعب فهيَ تستلزمُ أموراً أذكر منها:

المحبة، والوفاء، والتماس العذر، والوقوف بجانبك عند الكرب، والتضحية من أجلك، والفرحُ بنجاحِك، ومناصحتك عند الزلل، وحسن الظن بكَ. قال ابن المقفع وقد بلغه عن رجل شيء يكرهه: ينبغي للعاقل أن يكذب سوء الظن بصديقهِ، ليكون ذا ودٍّ صحيحٍ وقلب مُستريحٍ.

والغيرة عليكَ. وقد قيل: لتكن غيرتك على صديقك كغيرتكَ على صديقتِكَ!!، وعتابكَ عند الخطأ والمقصود بالعتاب هنا (العتاب الذي يُحيي المودة وهو ما كان في نفس الود):

إذا ذهبَ العِتاب فليس وِدٌ

ويبقى الودُ ما بقيَ العِتابُ

وغضّ الطرفَ عن عيوبك، ولله در جعفر الصادق حينما قال: لا تفتش عن عيب الصديق، فتبقى بلا صديق.

لا يتغير عليكَ إذا نالَ منزلةً، لا يصادقك لطمع. قال أكثم: لا ينبغي أن تثقَ بمودةِ من تضطرهُ إليك حاجة! وقيل: كل مودةٍ عقدها الطمع حلَّها اليأس.

لا تغيب عن باله:

ولا تَكُ مِمَّنْ إنْ نَأى عنهُ صاحِبٌ

فغابَ عَنِ العينينِ غابَ عن القلبِ

ختاماً:

وبعد ذكر هذه (المعجزات) هل نستطيع أن نرى هذه الصفات كلها في شخص واحدٍ؟؟ أم هي ضالةٌ لا توجد!! وهل الصديق اسمٌ على غيرِ معنى!! كما قال أحد الفلاسفة. وإن وجدت هل سنخاف من هذا الصديق وندعو كما دعا ذلكم الأعرابي فقال: اللهم احفظني من الصديق!! فقيل له كيف؟؟ قال: لأني مُحترزٌ من العدو؟؟ الجواب لكم أنتم!!

أمَّا أنا فقد اجتمعت تلكمُ الصفات الحميدة في صديقي ( ..... ) ولعله يعرف نفسهُ. والسلام!!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير