تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأمل والمأمول]

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[28 - 04 - 2009, 01:06 ص]ـ

:::

إلتجأ اختلاف المخلوقين في المتضادات إلى أصلين. يتفرع منهما فصول شتى. فأحد الفصلين ما يجب في حجة العقل الانقياد له والتسليم لما جاء عن الله عز وجل فيه فإنه يقول:

(ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها). وقال عز وجل: (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله). وقال: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات).

مع أيٍ كثيرةٍ تقوم الحجة عند المصغي إلى الحس المنقاد إلى البرهان. ولم يمنعنا

من ذكرها إلا إحاطة علم أكثر الناظرين في هذا الكتاب بها.

سئل بعض الحكماء: ما الذي يحمل الموقن بالقضاء والقدر على الدووب والسعي؟ قال: يحمله عليهما القضاء والقدر.

وقيل: استعمال الجد من دلالة التوفيق.

قرأت في كتاب كليلة ودمنة: إن السبب المانع رزق العاقل هو الذي يسوق رزق الجاهل.

قال الشاعر:

الجد أنهض بالفتى من عقله ... فانهض بجد في الحوادث أو ذر

ما أقرب الأشياء حين يسوقها ... قدر وأبعدها إذا لم يقدر

فاذا تعسرت الأمور فارجها ... وعليك بالأمر الذي لم يعسر

قال بزرجمهر: العاقل لا يجزع من جفاء السلطان وتقديمه الجاهل دونه لمعرفته بأن الأقسام لم توضع على قدر الأخطار وعلى سبيل الاستحقاق.

ولمنصور بن باذان:

يا ذا الذي ذمٍ دهره ... من أجل أن حط قدره

لا تأسفن لشيء ... ففي المغيرة عبره

لو نيل رزق بعقل ... لم يعطه الله بعره

فأخذ بعض المحدثين هذا فقال:

قد كنت للآعتزال منتحلاً ... أزعم أن الحظوظ بالسبب

فالآن قد صرت لا أقول به ... ولست أوصي بالعلم والطلب

فالعلم كالجهل والمطالب ... للرزق كوانٍ والجد كاللعب

وروي عن جعفر بن محمد أنه قال: إن الله وكل الحرمان بالعقل، والرزق بالجهل ليعلم العاقل أنه ليس إليه من الأمر شيء.

وقيل: لا يزال الله يرزق الجهال حتى يعتبر بهم العقلاء.

وكان يقال: غباوة تنفع خير من عقل يضر.

وقيل: الحظ يغلب العقل.

وأنشد الشاعر:

إذا كان الزمان زمان حمقٍ ... فان العقل حرمان وشوم

فكن حمقاً مع الحمقى فإني ... أرى الدنيا بحظهم تدوم

آخر:

لا تأتين الأمر من وجهه ... فانه يعسر من كل باب

وشاور النوكى ولا تعصهم ... تلاق ما تهوى بعين الصواب

وجالس الأنذال تسعد بهم ... فان هذا الدهر دهر الكلاب

الواسطي:

سبحان من أنزل الأيام منزلها ... وصير الناس مرفوضاً ومرموقا

فعاقل فطن أعيت مذاهبه ... وجاهل كان في الأقوامخ مرزوقا

هذا الذي جعل الألباب حائرة ... وصير العاقل النحرير زنديقا

آخر:

خاب امرؤ راح يرجو أن ينال غنى ... بالعقل ما عاش في دهر المجانين

يا رب فاجعل لنا عقلاً نعيش به ... يا مستجيب دعاء المرء ذي النون

وكان يقال: الاجتهاد في الطلب من دليل القضاء والقدر.

وقال بزرجمهر: كيأ يذبذن توشأي وتر. يقول: إذا لم يساعد القدر كانت الآفات من جهة الاجتهاد والطلب.

وكان يقال: إذا كان القدر حقاً فالحرص باطل.

قال الشاعر:

هي المقادير فلمني أو فذر ... إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر

ومن قول الواسطة بين من يقول بالحتم في هذه المعاني وبين من يقول بالإهمال ومحض الاستطاعة قول بعض الحكماء: إن اليقين بالقدر لا يمنع العاقل من التوقي. ولكن التوقي فرض والطلب واجب والقدر غالب. وما أقرب ما قال من

قول النبي صلى الله عليه وسلم: إعملوا فكل ميسر لما خلق له.

ومن قول من يقول بمحض الاستطاعة والاعتزال وأبرأ إلى الله من ذلك، غير أني أحببت ذكره للناظر في كتابي ليتبين له فساد الأصل.

قال بعضهم:

فسدد وقارب في أمورك واجتهد ... فهل لك في ترك المحجة عاذر

ولا تلزم المقدار ذنبك كله ... فأنت ولي الذنب ليس المقادر

فلو كان للمقدار في الذنب شركة ... لكان له حظ من الإثم وافر

آخر:

وعاجز الرأي مضياع لفرصته ... حتى إذا فات أمر عاتب القدرا

آخر:

إذا أعطاك قتر حين يعطي ... وإن لم يعط قال: أبى القضاء

فبخل ربه سفهاً وظلماً ... ليعذر نفسه فيما يشاء

آخر:

اصفع المجبر الذي بقضاء السوء قد رضي ... فاذا قال: لم فعلت؟ فقل هكذا قضي


من الأمل والمأمول:باب ما جاء في المقادير - للجاحظ طيب الله ثراه

ـ[منصور مهران]ــــــــ[28 - 04 - 2009, 02:24 ص]ـ
التحية والتقديرإلى الأستاذ الأديب نور الدين محمود
لديَّ تساؤلات أرجو النظر فيها لعل لها جوابا عندك، منها:
- هل عنوان الرسالة:
(الأمل والمأمول) كما ذكرتم؟
فقد قيل في اسمها:
(الآمل والمأمول) كما اعتمدها محققها د. رمضان شِشِن
وأجدني حريصا على معرفة الصواب منهما.

- هل تحققتم من نسبة الرسالة إلى الجاحظ؟
فقد حام الشك حول هذه النسبة؛ إذ إن المخطوطة الوحيدة من هذه الرسالة لا تحمل اسم مؤلفها، وفيها دلالات على أنها لمؤلف عاش في القرن الرابع الهجري.
رغم أن للجاحظ كتابا اسمه (الآمل والمأمول) فهل هذا هو ذاك؟

آمل التكرم بالجواب إذا تيسر، والله يرعاك.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير