تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كلمةٌ لم أسمعها من غالبِ فقهاء العصر!!

ـ[أبو المواهب الطنجي]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 09:23 م]ـ

كلمةٌ لم أسمعها من غالب فقهاء العصر .. !!

مقال نشر بجريدة البصائر الجزائرية

بقلم نواف بن محمد الرشيد

لا أدري هل حُذفت من قاموسهم! أو يجدونَ بنقطها حرجاً في نفوسهم!

وأنا أيضاً (لا أدري) لمَ لا تُنطق كلمةُ (لا أدري)، (لا أعلم) إذا سُئلَ المستفتى عن مَسألةٍ شرعيةٍ لا يَعرف حُكمها!

هل بنطقِ هذه الكلمة ستنقصُ قيمته؟ فإنْ كانَ كذلكَ فلم تنقص قيمةُ الإمام مالك – رحمه الله تعالى – حينما سُألَ عن ثمانٍ وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منها (لا أدري).

حتى قال ابن وهب: لو كتبنا عن مالك (لا أدري)، لملأنا الألواح!!

ولم تُنقص هذه الكلمة كذلكَ قدرَ – الصحابة – رضوان الله عليهم فكانوا يُسألون في بعضِ المسائل ولا يُجيبُون! فقد رُوي عن ابنِ عمر – رضي الله عنه – أنَّه سُئلَ عن ميراث العمة؟؟ فقال: (لا أدري).

أم هل يرى – المستفتى – عيباً في نطقها! فإن كان كذلك فقد وَهَمَ – والله – بل العيبُ الإفتاء بدون تأكدٍ وعلم!. يقول ابن عبَّاس: (إذا تركَ العالم (لا أدري) أُصيبت مقالته).

أم هل يرى – المستفتى – أنَّ هذه الكلمة تُوحي – للسائل – بقلةِ عِلمه، وأنَّه جاهل! فإن كان كذلك فيقال ما قال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله تعالى -: (منْ قال لا أدري فقد أحرز نصف العلم).

وسُئلَ الإمام الشعبي عن مسألةٍ فقال: لا عِلمَ لي بها. فقالوا: ألا تستحي؟ فقال: ولِمَ أستحي ممَّا لم يَسْتحي منهُ الملائكة حين قالت: (لا عِلمَ لنا).

أم هل يَرى – المستفتى – أنَّه لن يُستفتى ويُترك إذا قال (لا أدري)، فإنْ كانَ كذلك فما تُرك مالك وابن حنبل وغيرهما حينما قالاها!.

إنَّ السبب الوحيد في عدم نطق (لا أدري) في المسائل التي (لا يدري) المستفتى ما حكمها! أو غير متأكدٍ من حكمها! هو: عدم استشعاره عظم شأن الإفتاء وخطورته، وأنَّه مُخبرٌ عن الشرع، فلو استشعرَ ذلكَ وأنَّهُ إذا قال ما لايعلم قد يُتهم فيما يَعلم لقال (لا أدري فيما لا يدري) بدونِ ترددٍ.

حينما سُئل الإمام مالك – رحمه الله – عن مسألةٍ فقال: لا أدري، فقال له السائل: إنَّها مسألة خفيفة سهلة! غضب مالكٌ، وقال: مسألة خفيفة سهلة! ليسَ في العلمِ شيءٌ خفيفٌ، أمَا سمعتَ قول الله تعالى: (إنَّا سَنلقي عليكَ قولاً ثَقِيلاً).

من تتبعَ برامجَ الإفتاء في شتى بلادِ العالم ندرَ إنْ لمْ يُعدم أنْ يَسمعَ المستفتى أن يُجيب بـ (لا أدري)!!،. بل يصل الحال في بعضهم إذا سُئلَ عن مَسألةٍ لا يَعرف جوابها تجده يُشرِّقُ ويُغرِّب في أمورٍ لا عَلاقةَ لها بِصلب السُؤال! مِن أجلِ أنْ لا يُقال: سَكَتَ ولم يَعرف!! إنني أصفُ لكم واقعاً، ولا أحسبني قد بالغتُ في هذا. شتَّانَ بينه وبينَ ابن سيرين الذي كانَ إذا سُئلَ عن الحلالِ والحرامِ تَغيَّر لونه، وابن معين الذي يقول: إني لأحدث بالحديث فأسهرُ لهُ مخافةَ أنْ أكون قد أخطأتُ فيه!!

المسألةُ خطيرة وليست سهلة، فهذا دين، وأحكام، وقواعد، وأصول، وخلاف، وناسخ، ومنسوخ.

لطيفة: سألَ عمرُ رجلاً عن شيءٍ، فقال: اللهُ أعلم. فقالَ عُمر: قدْ شقينا إن كُنَّا لا نعلم أنَّ الله أعلم. إذا سُئلَ أحدكُم عن شيءٍ لا يعلمهُ فليقل: لا أدري.

[/ size]

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير