تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من شرفة ابن رشد]

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[24 - 04 - 2009, 12:30 ص]ـ

http://www.akhbarelyom.org.eg/adab/issues/812/images/453454rrr.jpg

حلم* ?غريب قاد عبد الفتاح كيليطو إلي هذيان لذيذ في كتابه الجديد* "?من شرفة ابن رشد*"?،* ?في هذا الحلم يظهر له ابن رشد ومترجمه* (?أي كيليطو*) ?إلي العربية ع. ك* (?سنكتشف أن ع ك هو نفسه عبد الفتاح كيليطو،* ?ولكنٌ* ?الاثنين مختلفان،* ?فكيليطو لا يوافق علي ترجمات ع. ك،* ?بينما يتٌهمه الأخير دائما* ?بأنه يكره اللغة العربية*) .. ?ولكن ماذا قال ابن رشد في الحلم؟

لقد نطق بجملة* ?غريبة*:"?لغتنا الأعجمية*" ?وربما قالها قديما،* ?وربما لم يقلها،* ?لا أحد يجزم،* ?غير أن ما كان يعني المؤلف هو حالة التضاد في الكلمتين،* ?فالأعجمي في اللغة هو الأجنبي،* ?وهكذا يصبح معني الجملة* "?لغتنا الأجنبية*" ?أو* "?لغتنا* ?غير العربية*". ?ولكن كيف يستقيم الحال مع هذا التناقض؟ تذكٌروا جملة جاك دريدا*:"?لا أملك إلا لغة واحدة،* ?ليست لي*" ?ولو حوٌلنا هذه الجملة كما يقول المؤلف ستصير*:"?لا نملك إلا لغة واحدة ليست لنا*"?،* ?وعبر الجدال بين الاثنين،* ?المؤلف والمترجم،* ?يورد كيليطو شذرات عن مفاهيم اللغة وكيف تكون* ?غريبة عنا أحيانا*. ?يقول علي لسان ع ك* "?أي ثقة لي في فقيه لغة يجتبع كتاباته بقائمة مصادر ومراجع؟ *! ""حين نتكلم لغة،* ?أو عن لغة،* ?فنحن نجلحق الضيم بالأخري،* ?والمؤكد المعلوم أن هذه الأخيرة لا تنتظر سوي لحظة القتل*""اللغتان* -?علي لسان الجاحظ*- ?مثل الضرٌتين،* ?بينهما حرب إبادة،* ?بدون رحمة*"! ?

ويبدي المؤلف اندهاشه من أن كثيرين يستعيدون ابن رشد بدون أن يقرأوه،* ?ولا يستثني نفسه من هذا*:"?جميعكم* ?،* ?مثلي،* ?تؤجٌلون قراءة الكتٌاب الكبار*"* ?يستعيدونه لاستحضار*:"?الأندلس والانفتاح علي الآخر والتسامح وتطابق العقل مع الإيمان*"! ?

والسؤال البديهي*: ?لماذا يكتب كيليطو عن شخص لم يقرأه؟ * ?والإجابة تستدعي استحضار كتاب لجان بيير بايار* -?لم يقرأه المؤلف أيضا*- ?بعنوان* "?كيف نتكلم عن الكتب التي لم نقرأها؟ *" ?وبهذا المعني فإن اللغة تصبح عنصرا* ?للتزييف في أحيان،* ?وكما ننسي قراءتنا لأعمال آخرين فإننا ننسي أحيانا* ?قراءتنا لأعمالنا نحن*:"?هذه الحادثة المزعجة تحصل كثيرا* ?للأساتذة،* ?ينسب إليهم طلبتهم أقوالا* ?ما نطقوا بها أبدا* ?حسب زعمهم*"! ?

هذه هي الشرفة الأساسية في الكتاب،* ?شرفة ابن رشد التي انفتحت عليها كل الشرفات* ?الأخري*. ?وبحسب ظهر الغلاف فإن* "?عنوان أي كتاب أشبه بالشرفة التي تطلٌ* ?علي النص وتجغري بالتعرف عليه*". ?في هذا الكتاب يحاول كيليطو أن يفهم،* ?وهو في هذه المحاولة قد يقف ليستنطق أشخاصا،* ?أو ليورد أحداثا* ?من التاريخ تضئ النصوص،* ?وهكذا فإنه قد يغيٌر لنا زاوية النظر إلي الموضوع،* ?فحين يتحدث عن فعل الترجمة فإنه يورد حادثة تاريخية خاصة بمؤلف* "?كليلة ودمنة*" ?بيدبا والملك الذي طلبها دبشليم*. ?كان بيدبا يري أن دبشليم* ?غير جدير بأن يوضع بين أسلافه لعدم اكتراثه بسمعته،* ?وواجهه بهذا،* ?وكان مصيره السجن،* ?بعد أن تراجع الملك عن فكرة قتله*. ?عاد دبشليم بعد فترة إلي صوابه،* ?وعرف أنه لا بد أن يتشبٌه بأسلافه،* ?وأمر الفيلسوف بأن يضع له كتابا* ?يخلٌد اسمه*. ?وبعد أن ينتهي بيدبا من تأليفه يلتمس من الملك أن يمنع انتشاره،* ?ويأمر الملك بوضعه في خزانته*:"?كثيرا* ?ما تجقدٌم الترجمة باعتبارها فعل حب وعلامة انفتاح وتسامح* ............. ?غير أن الواقع أقلٌ* ?مثالية،* ?فالترجمة* ?غالبا* ?ما تعمل في سياق من التباري والمنافسة*" ?لم يخش بيدبا* -?كما يذهب كيليطو*- ?أن تكون ترجمة كتابه رديئة أو* ?غير أمينة،* ?ما يخشاه أن يتملكه الفرس،* ?ويتمثٌلوا مضمونه،* ?ويستمدوا منه القوة والمجد،* ?و كما قال نيتشه*:"?الترجمة هي* ?غزو أرض أجنبية*"! ?

وفي فصل* "?الكلام إلي السلطان*" ?يعطي أهمية لكلام السلف بعدم الوثوق في الملوك،* ?أو واقع الخبرة القديمة معهم حتي لو كانت جيدة*. ?يورد كيليطو قول ابن المقفع*:"?الأخلاق مستحيلة مع المجلك*". ?كما يورد كثيرا* ?من الشواهد التي تؤكد عمل الأقدمين بالمعني السابق،* ?كالرجل الذي طلب الأمان من ابن محلٌي الذي ادٌعي المهدوية حتي يتحدث،* ?وحتي مع حصوله علي الأمان فإنه يتحدث بطريقة ملتوية،* ?باللجوء إلي حكاية،* ?أو مثال*. ?فالمسألة لا تتعلق بندٌين،* ?هذه النظرة تعيدنا إلي* "?كليلة ودمنة*" ?في الفصل الأول،* ?إذا كان الخصمان متكافئين،* ?ابنا آوي مثلا،* ?فإنهما يتبادلان الحكي والأكثر إقناعا* ?يفوز،* ?أما لو كان أحدهما ابن آوي والآخر أسدأ،* ?يصبح الوضع تراتبيا*. ?يسأل كيليطو*: ?من سيحس آنئذ بالحاجة إلي الحكي؟ بالتأكيد ذاك الذي يحس أنه الأدني،* ?فما حاجة الملك إلي السرد،* ?في حين أن بمقدوره بخبطة واحدة من كفه إهلاك مخاطبه؟

لهذا احتاط الرجل في مثال ابن محلي الذي بكي قائلا*:"?رمنا أن نحيي الدين فأتلفناه*". ?يعلق المؤلف*:"?ما معني هذه الدموع؟ يمكن أن نري فيها اعترافا* ?بصواب كلام الفقير،* ?وشكلا* ?من الندم،* ?ربما يبكي براءة ضائعة،* ?ربما أدرك فجأة هذه الحقيقة المؤلمة التي علمتنا إياها التراجيديا اليونانية والدراما الشكسبيرية،* ?أن امتلاك السلطة يعني حتما* ?أن تكون مذنبا*"! ?


حسن عبد الموجود: عن أخبار الأدب
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير