[الثريا المعلقة وأصل تسمية المعلقات]
ـ[أصيل الصيف]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 03:53 م]ـ
هذا المقال مقتبس من كتاب (الأوليات: العرب و الأدب والإسلام والجاهلية والشعر) لـ (أصيل الصيف الأصولي)
حدثنا أستاذي يوسف بكار قال: قال أحد المستشرقين: إن اصل معنى لفظ المعلقات من (العِلْق) وهو الشيء الثمين.
قلت: وهذا رأي موضوع على العرب، مردود على صاحبه المستشرق؛ لأن العرب لو أرادت أن تصف القصائد بالشيء الثمين لقالت:" هذه قصيدة عِلْق والجمع " هذه قصائد أعلاق"، ولا تقول" هذه قصيدة معلقة " وهي تريد العِلْق؛ لأن هذا ليس من كلام العرب.
فالعِلْق: زِنَةُ فِعْل و (فِعْل) صيغة بمعنى اسم المفعول نحو ذِبْحٌ أي مذبوح, و طِحْنٌ أي مطحون, و طرح أي مطروح (1) وليس من أسلوب العربية أن تأخذ اسم
المفعول نحو قولك: " معلقة " من صيغة تدل بنفسها على اسم المفعول, ألا ترى أن لسان العرب قال: " يقال هذا الشيء عِلْق مِضَنة أي يُضَنَّ به", ففسرها بالفعل المبني للمجهول؛ لأن العِلْق صيغة تدل على اسم المفعول.
ومثله قولهم: " فلان عِلْق علم وفلان تِبْع علم, وفلان طِلْب علم". قلت: الأصل أن يقال:" العلم عِلْق فلان" و" العلم تِبْع فلان " و" العلم طِلْب فلان " أي (العلم متبوع فلان) و (العلم مُعَلَّق فلان) و (العلم مطلوب فلان) , والمعنى أن (فلاناً) هو الطالب والتابع والعالق, والعلم هو المطلوب والمتبوع والمعَلَّق, غير أن الكلام جرى فيه إبدال المواضع, والعلق في أصله صفة للمال نحو قولك: " المال عِلْق بالقلب" أي " المال معلق بالقلب ", وكل شيء نفيس عند الناس فهو" عِلْق القلب " كالمال, والثوب والترس والسيف, جاء في اللسان: " سمي المال عِلْقاً لتعلق القلب به , والجمع أعلاق".
ـ 2 ـ
وقال أهل الأدب القدماء: سميت المعلقات بذلك لأنها علقت على ركن الكعبة. قلت: وهذا الرأي ظاهره حسن, وهو عند التحقيق ضعيف, لأن زمن المعلقات قريب جداً من عهد الإسلام, ونحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة المكرمة فاتحاً منصوراً بإذن الله , عمد إلى جوف الكعبة فحطم الأصنام وطمس الصور, ولم يؤثر أن مزَّق أو طمس شيئاً من تلك المعلقات, ثم إن المعلقات طويلة جداً, فلو أردت أن تكتبها على الرقاع لكتبت كل معلقة على عشر رقاع في أقل الأمر, وهي عشر معلقات فحاصل المجموع مئة رقعة أو يزيد, فأين سيوضع هذا العدد مع كل ما في جوف الكعبة من أصنام وصور و أوابد جاهلية.
ـ 3 ـ
فإن قيل: فما تقول في أصل معنى لفظ المعلقة ".
قلت: إني لا أعلم غير موضعين ذكر فيهما لفظ " المعلقة " أحدهما: في قوله تعالى: (فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) (النساء 129) وثانيهما في قولهم:" هذه معلقة امرئ القيس، وهذه معلقة طرفة .... إلى آخر ذكرهم للمعلقات وأصحابها.
وعندي أن الموضعين بينهما شبه واحتلاف ,أما الشبه فهو أن (المعلقة) في الموضعين اسم مفعول واسم المفعول من الصفات ـ كما تعلم ـ والصفة لا بد لها من موصوف.
أما وجه الاختلاف بين الموضعين فهو في ماهية هذا الموصوف الذي جاء لفظ (المعلقة) وصفاً له.
ـ4 ـ
جاء في اللسان:" العَلَقُ: الحبل المعلق بالبكرة, وقال الأصمعي: العَلَقُ: اسم جامع لجميع آلآت الاستسقاء بالبكرة, ويدخل فيها الخشبتان اللتان تنصبان على رأس البئر ويُلاقى بين طرفيهما العاليين بحبل, ثم يُوتَدان على الأرض بحبل آخر يُمَدُّ طرفاه للأرض, ويُمَدَّان في وَتَدَيْن أُثبتا في الأرض, و تُعَلَّقُ القامةُ, وهي البكرة في أعلى الخشبتين ويُسْتََقى عليها بدلوين يَنْزِع بهما ساقيان". " وقيل: العَلَق: البكرة وأداتها يعني الخُطَّاف والرِّشاء والدلو ".
الخشبتان
الحبل البكرة
الحبل
الدلوان الوتدان
ماء
مقطع عرضي لصورة البئر، ويقف كل ساقٍ على أحد طرفي البئر لنزع الدلو الذي من جهته. (في هذا الموضع صورة لكنها لم تنزل)
¥