[الاستطراد]
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[19 - 08 - 2009, 10:26 ص]ـ
- الاستطراد ظاهرة أدبية انتشرت في الكتابات النثرية في العصر العباسي.
- والاستطراد هو: الانتقال من باب إلى باب، ومن خبر إلى خبر، ومن شعر إلى نثر، ومن أدب إلى فلسفة، ومن جد إلى هزل في تشعب ظاهر.
وتعد كتابات الجاحظ أبرز الكتابات التي تتجلى فيها هذه الظاهرة حتى أنه قيل: " إن الموضوع عند الجاحظ ليس إلا وسيلة للاستطراد ".
- ويعترف الجاحظ بأنه يستطرد في كتبه وساعده في ذلك ثقافته الواسعة وإلمامه بجميع معارف عصره.
- وقد تكلم عن ذلك في كتابه الحيوان وعلل لفعله ذلك فقال:
"
كلام في الاستطراد
ولا بأس بذكر ما يعرض، ما لم يكن من الأبواب الطِّوال، التي ليس فيها إلا المقاييس المجرَّدة،
والكلامية المحضة، فإن ذلك مما لا يخفُّ سماعه ولا تَهَشُّ النفوسُ لقراءته، وقد يحتمل ذلك
صاحبُ الصناعة، وملتمس الثواب والحِسْبة، إذا كان حليفَ فِكَرٍ، أليفَ عِبَرٍ، فمتى
وجدنا من ذلك باباً يحتمل أن يوشَّح بالأشعار الظريفة البليغة، والأخبار الطريفة العجيبة،
تكلّفنا ذلك، ورأيناه أجمعَ لما ينتفع به القارئ.
ولذلك استجزْنا أن نقولَ في باب النار ما قلنا.
وأنا كاتبٌ لك بعد هذا؛ إذْ كنتُ قد أملْلتُكَ بالتطويل، وحملتُك على أصعَب المراكب، وأوْعَر الطُّرق، إذ قد ذكرنا فيه جملةً صالحةً من كلام المتكلمين، ولا أرى أن أزيد في
سآمتك، وأُحَمِّلكَ استفراغ طاقتك، بأن أبتدئ القول في الإبل، والبقر، والغنم، والأُسْدِ،
والذئاب، والحمير، والظباء، وأشباه ذلك، مما أنا كاتِبُهُ لك.
ولكني أبدأ بصغار الأبواب وقصارها، ومُحَقَّراتها، ومِلاحها، لئلا تخرج من الباب الأول،
إلا وأنت نشيط للباب الثاني، وكذلك الثالث والرابع إلى آخر ما أنا كاتبه لك، إن شاء اللّه."
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[19 - 08 - 2009, 02:21 م]ـ
مرحبا بك أخي الأديب في أول موضوع لك بالزي الأخضر:)
فعلا الاستطراد موجود في الأدب العربي منذ الجاهلي -في الشعر غالبا-، وينم في كثير من الأحوال عن ثقافة عميقة ونلحظ ذلك في أشعار القدماء عندما يبدأ الشاعر بالوقوف على الأطلال ثم وصف الطريق ثم يستطرد لوصف الناقة ثم يكمل وصف الطريق قبل أن يدلف إلى الغرض الأساسي،
وفي حياتنا المعاصرة نجده ذلك لدى العلماء المتمكنين والأساتذة الأفاضل ذوي الخبرات العالية والثقافات الواسعة، وهذا مشاهَد في المحاضرات الدينية والجامعية، والحصص المدرسية
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[20 - 08 - 2009, 08:49 ص]ـ
: rolleyes: ...:)
نعم كما تفضلتم هو موجود منذ القدم ولكنه انتشر في العصر العباسي.
ثم ذكرني كلامك بأمر عند ذكرك لكيفية الدخول في غرض القصيدة ومراحلها - وليكن من الاستطراد:) - فإن هناك في عصرهم الجاهلي من تمرد على هذه الظاهرة قبل أبي نواس ومن سار على نهجه وهم: شعراء الصعاليك، فلم يكن لديهم من الوقت الذي يصفون به أطلال وسير قبل أن يدخل الشاعر منهم إلى الغرض الأساسي وإنما كان الشاعر يبدأ مباشرة في غرضه، ثم في العصر الأموي نجد ذلك ظاهرا وجليا عند شعراء الخوارج، ولعلنا نتناول ذلك لاحقا.
ثم أتى أبو نواس - وغيره - وقال ما قال في المقدمة الطللية.
بارك الله فيك أخي طارق وسعدت بوجودك.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[20 - 08 - 2009, 09:05 ص]ـ
جزيت خيرا
يبدو أن الرتابة في أكثر مؤلفات هذا الزمن لفقدها هذا الفن، هل يصح هذا؟
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[20 - 08 - 2009, 09:56 ص]ـ
جزيت خيرا
يبدو أن الرتابة في أكثر مؤلفات هذا الزمن لفقدها هذا الفن، هل يصح هذا؟
مرحبا بأبي سارة:)
أرى أن الإطلاق لا يمكن أن يكون صحيحا في مثل هذا
ولو أخذنا نظرة "عامة " في سبب تأليف مجموعة كبيرة من الكتب لرأيناها إما: رسائل ماجستير أو دكتوراه قد طبعت
أو كتابٌ صُنف لأجل مسايرة منهج جامعي ليقرر! وهذه لا تفيد معها ولا لها الاستطراد فهي محكومة بأمر ما.
ثم إن الاستطراد ليس ممدوحا في كل شيء، وقد يكون هو سبب الرتابة من حيث أراد المؤلف طردها!
وقد تكون الرتابة بسبب مادة الكتاب وقد تكون بسبب مؤلفه فلا يستطيع إيصال الأفكار،
وقد تكون بسبب الطباعة، وقد تكون بسبب الأخطاء التي فيه، وقد تكون بسبب الوقت المقروء فيه،
وقد تكون بسبب الجو المحيط بالمرء، وقد تكون في المرء نفسه ...
ـ[الباز]ــــــــ[22 - 08 - 2009, 02:09 ص]ـ
بورك فيك أخي الأديب اللبيب
نعم الاستطراد فن رائع وكان من أوائل مَن نبه إليه أبو تمام والبحتري
-وهو بطبيعة الحال موجود قبلا-
ومما يعجبني في هذا الباب قول السموأل:
وإنَّا لقومٌ لا نرى القتل سبةً**إذا ما رأته عامرٌ وسلولُ
يقرِّب حبُّ الموت آجالنا لنا*وتكرههُ آجالهمْ فتطولُ
مدح قومه وقبيلته واستطرد بهجاء قبيلتين.
وكذلك قول حسان رضي الله عنه:
إِن كُنتِ كاذِبَةَ الَّذي حَدَّثتِني**فَنَجَوتِ مَنجى الحَارثِ بنِ هِشامِ
تَرَكَ الأَحِبَّةَ أَن يُقاتِلَ دونَهُم**ونَجا بِرَأسِ طِمِرَّةٍ وَلِجامِ
:)
بدأ بالحديث عن محبوبته واستطرد بهجاء الحارث بن هشام
الذي فر يوم بدر (وكان يومها في صفوف المشركين)
شكرا جزيلا لك
¥