[سر محور "مأساة هاملت" في نصوص ابن عربي و الغراب]
ـ[عنزي]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 09:03 م]ـ
[سر محور "مأساة هاملت" في نصوص ابن عربي و الغراب]
ألا ترى بأن في كتاب الله كل شئ؟
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَ?ذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ?المائدة: 31?
[ line]
يذكر ابن عربي في إحدى رسائله عن سبب كون الغراب معلماً لقابيل قاتل هابيل:
قال: لما قبل قربان الابن الواحد دون أخيه, قلت: لأنك جعلتهما أصل بنيه و هما قبضتان فلا بد أن يختص أحدهما بالرضا و الآخر بالخسران, قال: لم كان الغراب له [قابيل] معلماً, قلت: لأنك ألبسته ثوباً من اليل مظلماً, فأعطاه العلم فعلاً و حالاً فكساه من ظلام القبر سربالاً."
رسائل أبن عربي (دار إحيلء التراث العربي - مؤسسة التاريخ العربي - الطبعة الثانية 2002م - بيروت): الجزء الأول من رسائل ابن عربي - كتاب الإسرا إلى مقام الأسرى. ص 185.
[ line]
ألا ترى أن شخص هاملت كانت محطة كل غربي ذي الفكر, عندما كانت غرب أوربا تبجل الفكرة, محاولا فك سره و تصنيف حاله و التأكد من جنونه, كرمز اقتداره في عالم الفكر؟ أتذكر جوته, كولريدج, شللي, بو, نيتشه ... و أكثر. بل شخص هاملت من الطلاسم التي لا يستطيع المرء المرور عليه إلا و استحوذت عقله لبلوغ الأسباب.
و التراجيديا بطبيعتها هي الخسارة. العلة الأصلية من القدر لسقوط من هو عال. الم يصف عز و جل خليفته في الأرض: (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) ?العصر: 2?؟
و كان إختصاص هاملت هو "خسران قابيل" لكونه تراجيديا.
من صفات و سمية هاملت في المأساة (التراجيديا) , هو لباسه الأسود الذي لازمه حتى أشهر (و ربما سنين) بعد موت والده الملك. و الظن لم يكن سواد ملبسه تسلبا و حدادا, بل ينبع من سر أعمق و أقدم و الظروف ساعدت و ساندت للفحش بهذا الباطن الغامض و فضحه؛ و هنا في لباسه الأسود سر هاملت المتنبئ وهو النفس اللوامة.
فتناجيه أمه:
" يا هاملت الخير, أخلع لباسك بلوّن اليل عنك."
من: تراجيديا هاملت: الجزء الأول: المشهد الثاني: سطر: 68
فيرد:
"ليس هو فقط ردائي المحبر يا أمي الخير,
و لا ملبس التقاليد الأسود الحالك [تسلباً]."
من: تراجيديا هاملت: الجزء الأول: المشهد الثاني: سطري: 76 - 77
و أنظر إلى ما وصل إليه شخص نيتشه الألماني في وصف حقيقة المرء هاملت و هي الأقرب لحقيقته الكلية من وصف غيره التي تصف إدراك هاملت و حاله و علمه العال الذي جعل منه يرى الظلمة و الهاوية:
"هل هاملت مفهوم؟ ليس الشك, اليقين ما هو يقود المرء إلى الجنون. , و لكن المرء عليه أن يكون عويص, هاوية, فيلسوف لكي يشعر بهذه الطريقة. كلنا نخاف من الحقيقة."
من: أبصر الرجل! - لماذي أني فائق الذكاء: 4: نيتشه
و هنا إذ عقلنا مبلغ ابن عربي في وصف الغراب " ... لأنك ألبسته ثوباً من اليل مظلماً, فأعطاه العلم فعلاً و حالاً فكساه من ظلام القبر سربالاً" بفاضح هاملت, أي لباسه الأسود, لنجد حال الغراب هو حال الشخص هاملت الذي أنقاد الي نوع من الجنون من "يقينه" حسب فكرة نيتشه " ليس الشك, اليقين ما هو يقود المرء إلى الجنون".
و لا ننسى مشهد هاملت عند القبور و المقبرة و محاورته لدفان الموتى و لجمجة مهرج القصر يوريك و كأنه غراب القبور.