وما المانع أخي فيما قلتُ، أليس من السفاهة عدم الإيمان بالله!
حسنا بحثتُ في المصادر وخرجتُ بما يأتي:
- قال الله تعالى: " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين "
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير:
"و " الجهل " هنا ضد الحلم والرشد، وهو أشهر إطلاق الجهل في كلام العرب قبل الإسلام،
فالمراد بالجاهلين السفهاء كلهم لأن التعريف فيه للاستغراق، وأعظم [ص: 229] الجهل هو الإشراك،
إذ اتخاذ الحجر إلها سفاهة لا تعدلها سفاهة، ثم يشمل كل سفيه رأي."
- وقال الله تعالى: " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما "
قال ابن عاشور في نفس الكتاب:
" وقرن وصفهم بالتواضع في سمتهم وهو المشي على الأرض هونا بوصف آخر يناسب التواضع وكراهية التطاول
وهو متاركة الذين يجهلون عليهم في الخطاب بالأذى والشتم وهؤلاء الجاهلون يومئذ هم المشركون إذ كانوا يتعرضون للمسلمين بالأذى والشتم فعلمهم الله متاركة السفهاء،
فالجهل هنا ضد الحلم، وذلك أشهر إطلاقاته عند العرب قبل الإسلام وذلك معلوم في كثير من الشعر والنثر."
وقال أثير الدين الألوسي في البحر المحيط:
" والمراد بالجهل السفه وقلة الأدب وسوء الرغبة من قوله:
ألا لا يجهلن أحد علينا ..... فنجهل فوق جهل الجاهلينا "
- وقال الله تعالى: " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين "
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير:
" وصيغة أن أكون من الجاهلين أبلغ في انتفاء الجهالة من أن لو قال أعوذ بالله أن أجهل كما سيأتي في سورة الأنعام
عند قوله " وما أنا من المهتدين " والجهل ضد العلم وضد الحلم وقد ورد لهما في كلام العرب، فمن الأول قول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ومن الثاني قول الحماسي فليس سواء عالم وجهول وقول النابغة:
وليس جاهل شيء مثل من علما "
- وجاء في تاج العروس:
"ج - ه - ل:
جَهِلَه، كسَمِعَه، جَهْلاً وجَهالَةً: ضِدُّ عَلِمَهُ. وقال الحَرالِيّ: الجَهْلُ: التَّقدُّمُ في الأُمور المُنْبَهِمَةِ
بِغَير عِلْمٍ. وقال الراغِبُ: الجَهْلُ علَى ثلاثَةِ أَضْرُبٍ: الأول: هو خُلُوُّ النَّفْسِ مِن العِلْم، وهذا
هو الأصلُ، وقد جَعل ذلك بعضُ المُتكلِّمين معنًى مُقتضِياً للأفعال الخارِجةِ عن النِّظام،
كما جَعَل العِلْمَ معنًى مقتضياً للأفعال الجارِية علَى النِّظام. والثاني: اعتقادُ الشيء بخِلافِ
ما هو عليه. والثالث: فِعْلُ الشيء بخلاف ما حَقه أن يُفْعَلَ، سواءٌ اعتُقِد فيه اعتِقاداً
صحيحاً أم فاسِداً، كتارِكِ الصَّلاةِ عَمداً. وعلى ذلك قولُه تعالى: "أَتتخِذُنَا هُزُواً قَالَ
أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ" فجَعل فِعلَ الهُزُؤِ جَهلاً. وقولُه تعالى: "فَتَبيّنُوا أَنْ تُصِيبُوا
قَوماً بِجَهَالَةٍ". "
- ويمكن أن أضيف هنا أسطرا لبحث نشر بعنوان " حديث القرآن عن الجاهلية " د. صلاح الخالدي
كلية أصول الدين - جامعة البلقاء التطبيقية
" وردت مادة "جهل" في القرآن، وأساس معنى "الجهل" هو: الخفة والطيش. والجهل خلاف العلم،
لأنه يدفع صاحبه إلى الخفة والطيش والاضطراب والقلق، والجاهل هو غير العالم وغير العارف، وهو مندفع خفيف طائش، لا حلم عنده ولا اتزان.
ولهذه المادة ثلاثة مصادر: المصادر القياسي: "جهل" على وزن: "فعل". تقول: جهل يجهل جهلاً. والمصدر السماعي: "جهالة"، على وزن "فعالة". والمصدر الصناعي: "جاهلية". "
- مما سبق يتبين لنا أن الجهل له معنيان:
1 - ضد الحلم بمعنى الطيش والغضب والسفه ...
2 - ضد العلم.
وما أراه منطبقا على العصر الجاهلي هو المعنى الأول بناء على أدلة سبق توضيحها.
ولو أني لا أميل إلى هذا المصطلح لأنه يعتد بالجوانب الروحية والدينية في الأدب والمعلوم أن الأدب لايرتبط قوة وضعفا بدين الأديب، وأكبر الأدلة على ذلك أن دارسي الأدب العربي قسموا الأدب العربي إلى عصوره السياسية أما ماقبل الإسلام فلم يعدوه عصرا سياسيا بل نسبوه إلى الأخلاق.
نعم نسبوه إلى الأخلاق وهو ما أقوله.
أمّا قولك " والمعلوم أن الأدب لا يرتبط قوة وضعفا بدين الأديب ":
فقد تكلم النقاد كثيرا حول هذا، وما حكمت به حكما عاما، لا يسلّم به النقّاد على إطلاقه.
أشكرك أخي اليافع على مرورك وتعقيبك فجزاك الله خيرا.
ـ[اليافع]ــــــــ[13 - 06 - 2009, 03:17 م]ـ
أشكرك على تواضعك الجم وبحثك المتميز وردك اللطيف
ثم إن اختلاف التنوع مما يثري في حصيلة الفكر ويوسع مدارك الإدارك
شكرا على هذه الإثارة العلمية
ونلتقي دوما على الخير
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[13 - 06 - 2009, 07:57 م]ـ
بارك الله فيك أخي اليافع، وصدقت فـ: " من رحم النقاش يولد الإبداع "
ألقاك في مواضيع قادمة إن شاء الله.
¥