تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه الرِّواية ليست خطأ؛ فهي رواية أبي زكرياءَ الفراءِ (ت 207 هـ) في «معاني القرآن 1/ 37»، وأبي عبيدةَ معمرِ بنِ المثنَّى (ت 210 هـ) في «الديباج 112»، وابنِ سلامٍ الجمَحيِّ (ت 231 هـ) في «طبقات فحول الشعراء 1/ 76» ونقلَ كلامَه أبو عبيد الله المرزبانيُّ (ت 384 هـ) في «الموشح 15» بهذه الرواية. وهي أيضًا روايةُ أبي بكرٍ الأنباريِّ (ت 328 هـ) في «الزاهر في معاني كلام الناسِ 1/ 157»، وقدامةَ بنِ جعفر (ت 337 هـ) في «نقد الشعر 182»، والجوهريِّ (ت 393 هـ) في «الصحاح 7/ 60»، و الشريفِ المرتضى (ت 436 هـ) في «أماليه 2/ 258»، و الزمخشريِّ (ت 538 هـ) في «المستقصى في أمثال العرب 1/ 243»، وغيرِهم.

وهذا البيتُ لعَديِّ بن زيد العِباديِّ، يصِف فيه خبرَ جَذيمةَ الأبرشِ مع الزبَّاء عندما دعته إليها، وأوهمتْه أنها ستتزوجُه، وتَدينُ له؛ فلما جاءَ، غدرت به، وقدَّمت الأديمَ (وهو الجلد المدبوغ)؛ فجعلته تحت ذراعيه، حتى لا يسيلَ الدمُ، ثم قطعت راهشَيْهِ (وهما عرقان في باطن الذراعِ تراهما ظاهرينِ) حتى ماتَ.

بل إنَّ رِواية (قدَّمت) أبلغُ من (قدَّدت)؛ فهي تصوِّر جَذيمةَ وهو قادِمٌ إلى الزبَّاءِ يطمعُ أن تقدِّم له نفسَها، ومُلكَها كما وعدته؛ فإذا هي تقدِّمُ له الأديمَ، لتقتلَه. وهذه مفارقةٌ بلاغيَّةٌ بديعيَّةٌ تعملُ على إبراز مفاصلِ الحدثِ، ومقاطعِه، ومواضعِ العجَب منه بأجلَى صورةٍ؛ ألا ترى أن ذلك أشعرَك مقدار الخيبة، والخُسْر اللذينِ مُنِِي بهما، وأيُّ شيء أحاطَ به، وكم من الآمال التي تحطَّمت دون أن ينالَها. ونظيرُ هذا اللون من البلاغة قوله تعالى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلاً http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif ، وقوله: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif هذا نزلهم يوم الدين http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif .

فيصل المنصور

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير