تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن التحليل السيميائي هو ذاته تحليل للخطاب، وهو يميز بين "السيميوتيقا النصية " وبين اللسانيات البنيوية "الجملية 0. ذلك أن هذه الأخيرة حين تهتم بالجملة تركيبا وانتاجا _ وهو ما يسمى بالقدرة الجملية _ فإن السيميوتيقا تهتم ببناء نظام لانتاج الأقوال والنصوص. وهو ما يسمى بالقدرة الخطابية. ولذلك، فمن المناسب الآن وضع القواعد والقوانين التي تتحكم في بناء هذه الأقوال وتلك النصوص " (26).

إن التحليل السيميائي للخطاب ينطلق مما انتهت اليه جهود اللسانيين حول النظرية العامة للغة، وبمسائل التصورات التي أحيطت بالخطاب ويقتضي أن يكون متجانسا مع الثنائيات الأساسية: (اللغة / الكلام) _ (النسق /العملية) ( process) _ ( الكفاية /الأداء الكلامي)، كما أنه لا يغفل العلاقة التي تربطه بمقوله التلفظ. فالمعجم السيميائي لجريماس وكور تيس وهو يناقش مصطلح الكفاية من وجهة نظر تشومسكي ينظر اليها على أنها مجموعة من الشروط الضرورية في عملية التلفظ، كما أنه يتوافر على صورتين مستقلتين لهذه الكفاية:

أولا: كفاية السرد السيميائي

ثانيا: الكفاية القابلة للوصف أو التعبير بالكلام.

بالنسبة لكفاية السرد السيميائي حسب منظور يامسليف وتشو مسكي يمكن تصورها على أنها تمفصلات تصنيفية وتركيبية - في الآن ذاته - وليس بوصفها استبدالا بسيطا على منوال دي سوسير للغة فالتحليل السيميائي ينظر لهذه الأشكال السر دية نظرة كونية مستقلة عن كل مجموعة لسانية وغير لسانية لأنها مرتبطة بالعبقرية الانسانية. وهنا ينبغي الاشارة الى فضل مدرسة الشكلانيين الروس وعلى وجه الخصوص مؤلف "مورفولوجية الحكاية الخرافية" وتأثيره في المدرسة الفرنسية ذات التوجه البنيوي (كلود بريمون: منطق الحكاية، جريماس: البنيوية الدلالية، وكلود ليفي ستروس: البنيوية الانثروبولوجية). ولا يستطيع أن ينكر أي باحث بأن عبقرية بروب وبحوثه العلمية كانت تمهيدا لظهور التركيب السردي وقواعده.

أما فيما يخص الكفاية القابلة للوصف، فبدلا من أن تقام على ساقلة النهر، فإنها تتأسس وفق عملية التلفظ مسجلين صياغة الأشكال الملفوظة القابلة للتعبير عنها بالكلام، ويرى مؤلفا المعجم السيميائي بأن الحديث عن الطبيعة المزدوجة للكفاية تعد ضرورة لانجاز تصور جديد ومضبوط للخطاب.

وفي كل الأحوال فإن الخطاب يطرح مسألة علاقته بالتلفظ وبالتواصل. ولكن المجال السيميائي يهتم بأطره المرجعية مثل الايحاء الاجتماعي ونسبته للسياق الثقافي المعطى المستقل داخل تحليله التركيبي أو الدلالي. إن نمطية الخطابات القابلة للتشكل داخل هذا المنظور ستكون إيمائية خالصة، ومهما كانت التعريفات الايمائية للخطاب مجردة فإن مشكلة معرفة ماهية الخطاب تبقى مطروحة، وحتى عندما يحدد الخطاب الأدبي بأدبيته ( Litterarite ) كما نادى بها الشكلانيون الروس. فالأدب في تصورهم: "نظام من العلامات Signes دليل مماثل للنظم الدلالية الأخرى، شأن اللغة الطبيعية والفنون والميثولوجيا .. الخ. ومن جهة أخرى، وهذا ما يميزه عن بقية الفنون، فإنه يبني بمساعدة بنية أي لغة، إنه، إذن، نظام دلالي في الدرجة الشانية، وبعبارة أخرى إنه نظام تعبيري خلاق Comrotatif وفي نفس الوقت، فإن اللفة تستخدم كمادة لتكوين وحدات النظام الأدبي، والتي تنتمي إذن، حسب الاصطلاح اليامسليفى ( Hjelmslsvime) الى صعيد التعبير، لا تفقد الالتها الخاصه، مضمونها " (28).

إن الشكلانية الروسية حددت المعطيات الخاصة التي يمكن أن نسمي بها خطابا ما أنه أدبي. إن رومان جاكبسون هو الذي أعطى لهذه الفكرة صيغتها النهائية حين قال "إن موضوع العلم الأدبي ليس هو الأدب، وانما "الأدبية " Litterarit أي ما يجعل من عمل ما عملا أدبيا" (29).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير