تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و في المقابل، يخرج ثعلب شوقي بشكل مفاجئ، ليعظ الناس ويدعوهم إلى التوبة بل إلى الزهد في الطيور وهنا أيضا يستخدم شوقي ألفاظا معبرة جدا عن نفاق الثعلب ومكره، لعل أول لفظة تظهر واضحة هنا لتكشف لنا دلك، هي لفظة "برز " التي تبين أن الثعلب خرج بشكل مفاجئ في الشارع دون تفكير وتأمل في الأمر وهذا دليل على أن كل ذلك ليس إلا حيلة من حيله التي وردت بشكل مفاجئ على ذهنه واراد أن ينفذها بسرعة وهذا ما تؤكده لنا أكثر لفظة "يوما"، أضف إلى ذلك لفظة "شعار" التي كانت تحمل معنى سلبيا في البلاد العربية حينذاك، إذ كان رجال السياسية يستخدمونها بكثرة، لكنها كانت كلها كاذبة وزائفة، إذن كانت كلمة "شعار" مرادفة للكذب والنفاق و الخداع، وبهذا حاول شوقي أن ينبهنا إلى مكر الثعلب ونفاقه ويؤكد ذلك أكثر من خلال كلمة "يهذي "التي وردت في البيت الثاني،و المعروف أن الهذيان هو الكلام الذي يتلفظ به النائم أثناء نومه وهو كلام لا معنى له لأن صاحبه غائب عن وعيه ومن ثم لا يمكننا الأخذ به أو تصديقه، هكذا إذن كان يشبه شوقي كل الكلام الجميل الذي كان الثعلب يتلفظ به لاسيما ما يتعلق بالدعوة إلى التوبة والزهد في الطيور وكذا سب الماكرين ...

هكذا كان ثعلب شوقي أيضا يلجأ إلى استخدام الدين كوسيلة للتأثير على الديك وهي نفس الوسيلة التي كان الكثير من رجال السياسة حينذاك يستعملونها كأداة للتأثير على عامة الشعب حتى يؤثروا عليه ويصلوا من خلاله الى تحقيق مبتغياتهم و أهدافهم، نظرا لكون الدين نقطة حساسة جدا لدى معظم العرب.

هكذا لجأ كل من ثعلب لافونتين وشوقي إلى الدين للتأثير على خصمه مما يعكس ما كان يجري في تلك الثقافتين و في دلك العصرين.

إضافة إلى ذلك، يتفق كل من لافونتين وشوقي في استخدام البناء التناقضي، في تقديم شخصية الثعلب، بمعنى أنهما جعلا الثعلب يظهر بصورة مناقضة تماما لصورته الحقيقية، مما يثير الضحك والسخرية لدى القارئ، الذي يقوم دوما بالمقابلة بين الصورة الظاهرية للثعلب والصورة الحقيقية له والموجودة في ذهنه، هكذا كان كل من لافونتين وشوقي يجعلان المتلقي يسخر من الثعلب بل ربما حتى خصمه الديك.

أما عن رد فعل الديك فنلاحظ مايلي:

أول ما يمكننا الإشارة إليه هو أن المقابلة كانت مباشرة بين الديك والثعلب عند لافونتين ومن ثم كان الحوار مباشرا بينهما لذلك كان الصراع يشتد أكثر و الأحداث تنمو أيضا بشكل أسرع، هكذا أجاب الديك فورا ومباشرة، بعد عرضه لمشروعه بنفس الأسلوب إذ استعمل لفظة"صديقي " التي تقابل لفظة " أخي " التي تلفظ بها الثعلب قبل ذلك، فكلمة "صديقي " توهم الثعلب أن الديك قد بلع الطعم وسقط في فخه، بالإضافة إلى ترحيبه الحار بمشروع الصلح الذي جاء به الثعلب ذاته، لكنه سرعان ما اخترع حكاية من خياله، إذ ادعى أنه، وهو على غصن شجرة،راى كلبين قادمين ليشاركاهما فرحة الصلح هذه، لأن هذا الأمر لم يكن بالهين فكل الحيوانات فرحة له وتريد مشاركتهما هذا الاحتفال، مع العلم أن الديك يدرك جيدا مدى خوف الثعلب من الكلاب. هكذا انتصر الديك على الثعلب وكانت حيلته أكثر مهارة ودهاء من حيلة الثعلب الذي خاب أمله في تحقيق هدفه ووجد نفسه مضطرا للانصراف بسرعة تاركا ذلك المكان وهو يجر أذيال الخيبة و الهزيمة.

أما عند شوقي، فلم تتواجد الشخصيتان في نفس المكان و لم يكن الحوار بينهما مباشرا بل كان شبه غائب اد المؤلف او الراوي هو الدي كان يروي علينا ما كان يرد على لسان الثعلب فالديك لدا ارسل الثعلب رسولا الى الديك ليخبره بقراره و شخصية الرسول في المجتمع العربي كانت موجودة بالفعل و كانت مهمة عند كل صلح و هدا خاص جدا بالمجتمع العربي*.هكدا و بعد سماع الديك لرسالة الثعلب التي اوصلها اياها الرسول اجاب بشكل مباشر و دون استخدام الحيلة او الدكاء بالرفض معتمدا في دلك على تجارب اجداده ممن وقعوا في فخ الثعالب من قبل*.و بناء على هدا كانت صياغة الحكمة في نهاية النصين مختلفة تماما فحكمة ديك لافونتين كانت نابعة من تجربته الشخصية و الخاصة مع الثعلب لدا كان يشعربالانتصار و فرحة التغلب على خصمه بكل براعة و بهدا يكون قد استفاد من تجارب اسلافه بشكل فعلي وايجابي*. اما ديك شوقي فلم يرد أن يدخل في خصام مباشر مع الثعلب بل أراد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير