الإْخْبَارِ، بِحَسَبِ الْمُخْبِرِ، وَالْمُخْبَرِ عَنْهُ، وَالْمُخْبَرِ بِهِ، وَنَفْسِ الإْخْبَارِ، فِي الْحَال وَالْمَسَاقِ، وَنَوْعِ الأْسْلُوبِ: مِنَ الإْيضَاحِ وَالإْخْفَاءِ، وَالإْيجَازِ، وَالإْطْنَابِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَذَلِكَ أَنَّكَ تَقُول فِي ابْتِدَاءِ الإْخْبَارِ: قَامَ زَيْدٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ ثَمَّ عِنَايَةٌ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ، بَل بِالْخَبَرِ. فَإِنْ كَانَتِ الْعِنَايَةُ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ قُلْتَ: زَيْدٌ قَامَ. وَفِي جَوَابِ السُّؤَال أَوْ مَا هُوَ مُنَزَّلٌ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ: إِنَّ زَيْدًا قَامَ. وَفِي جَوَابِ الْمُنْكِرِ لِقِيَامِهِ: وَاَللَّهِ إِنَّ زَيْدًا قَامَ. وَفِي إِخْبَارِ مَنْ يَتَوَقَّعُ قِيَامَهُ، أَوِ الإْخْبَارِ بِقِيَامِهِ: قَدْ قَامَ زَيْدٌ، أَوْ زَيْدٌ قَدْ قَامَ. وَفِي التَّنْكِيتِ عَلَى مَنْ يُنْكِرُ: إِنَّمَا قَامَ زَيْدٌ.
ثُمَّ يَتَنَوَّعُ أَيْضًا بِحَسَبِ تَعْظِيمِهِ أَوْ تَحْقِيرِهِ - أَعْنِي الْمُخْبَرَ عَنْهُ - وَبِحَسَبِ الْكِنَايَةِ عَنْهُ وَالتَّصْرِيحِ بِهِ، وَبِحَسَبِ مَا يُقْصَدُ فِي مَسَاقِ الإْخْبَارِ، وَمَا يُعْطِيهِ مُقْتَضَى الْحَال، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأْمُورِ الَّتِي لاَ يُمْكِنُ حَصْرُهَا، وَجَمِيعُ ذَلِكَ دَائِرٌ حَوْل الإْخْبَارِ بِالْقِيَامِ عَنْ زَيْدٍ.
فَمِثْل هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ مَعْنَى الْكَلاَمِ الْوَاحِدِ بِحَسَبِهَا، لَيْسَتْ هِيَ الْمَقْصُودَ الأَْصْلِيَّ، وَلَكِنَّهَا مِنْ مُكَمِّلاَتِهِ وَمُتَمِّمَاتِهِ. وَبِطُول الْبَاعِ فِي هَذَا النَّوْعِ يَحْسُنُ مَسَاقُ الْكَلاَمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُنْكَرٌ. وَبِهَذَا النَّوْعِ الثَّانِي اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَاتُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَقَاصِيصِ الْقُرْآنِ؛ لأِنَّهُ يَأْتِي مَسَاقُ الْقِصَّةِ فِي بَعْضِ السُّوَرِ عَلَى وَجْهٍ، وَفِي بَعْضِهَا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَفِي ثَالِثَةٍ عَلَى وَجْهٍ ثَالِثٍ، وَهَكَذَا مَا تَقَرَّرَ فِيهِ مِنَ الإْخْبَارَاتِ لاَ بِحَسَبِ النَّوْعِ الأْوَّل، إِلاَّ إِذَا سَكَتَ عَنْ بَعْضِ التَّفَاصِيل فِي بَعْضٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي بَعْضٍ. وَذَلِكَ أَيْضًا لِوَجْهٍ اقْتَضَاهُ الْحَال وَالْوَقْتُ. {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (1)
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلاَ يُمْكِنُ لِمَنِ اعْتَبَرَ هَذَا الْوَجْهَ الأْخِيرَ أَنْ يُتَرْجِمَ كَلاَمًا مِنَ الْكَلاَمِ الْعَرَبِيِّ بِكَلاَمِ الْعَجَمِ عَلَى حَالٍ، فَضْلاً عَنْ أَنْ يُتَرْجَمَ الْقُرْآنُ وَيُنْقَل إِلَى لِسَانٍ غَيْرِ عَرَبِيٍّ، إِلاَّ مَعَ فَرْضِ اسْتِوَاءِ اللِّسَانَيْنِ فِي اعْتِبَارِهِ عَيْنًا، كَمَا إِذَا اسْتَوَى اللِّسَانُ فِي اسْتِعْمَال مَا تَقَدَّمَ تَمْثِيلُهُ وَنَحْوُهُ. فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي اللِّسَانِ الْمَنْقُول إِلَيْهِ مَعَ لِسَانِ الْعَرَبِ، أَمْكَنَ أَنْ يُتَرْجَمَ أَحَدُهُمَا إِلَى الآْخَرِ. وَإِثْبَاتُ مِثْل هَذَا بِوَجْهٍ بَيِّنٍ عَسِيرٌ جِدًّا. وَرُبَّمَا أَشَارَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَهْل الْمَنْطِقِ مِنَ الْقُدَمَاءِ، وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ كَافٍ وَلاَ مُغْنٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
وَقَدْ نَفَى ابْنُ قُتَيْبَةَ إِمْكَانَ التَّرْجَمَةِ فِي الْقُرْآنِ يَعْنِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الثَّانِي، فَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الأْوَّل فَهُوَ مُمْكِنٌ، وَمِنْ جِهَتِهِ صَحَّ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ وَبَيَانُ مَعْنَاهُ لِلْعَامَّةِ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَهْمٌ يَقْوَى عَلَى تَحْصِيل مَعَانِيهِ، وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِاتِّفَاقِ أَهْل الإْسْلاَمِ، فَصَارَ هَذَا الاِتِّفَاقُ حُجَّةً فِي صِحَّةِ التَّرْجَمَةِ عَلَى الْمَعْنَى الأْصْلِيِّ.
والله الموفق.
ـ[البازالأشهب]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 08:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أخي الفاضل (بحر الرمل)، للإمام (ابن تيمية) كلام ٌجميلٌ، في فتاويه يخصُّ هذه المسألة، وقد كانت مثارةً من قبلُ ومعلومةً من مسائل خاض فيها المتكلمون، وأهل الفلسفة، وعلماءالقرآن.
أمَّا ما خصَّ التراجم الجيدة لمعاني القرآن إلى الإنجليزية، فأنا أنصح أخي الكريم، أن يراجع بحوث المستشرقين الإنجليز، فلا أعلمُ في الناس من اهتمَّ بالقرآن وترجمة معانيه
إلى لغات العالم،كهؤلاء المستعربين، لأنَّه كان مجالاً لإظهار البراعة،والتمكن من لغة العرب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 10:16 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيكم أجمعين أغنيتم الموضوع وكفيتموه حقه.
¥