رحلت من أمامنا مواكب ومواكب وطوى الدهر جماعات وامماً امسكت بهم قبضة المنية فرادى ومثنى ومضوا فلا نسمع لهم حسا ولانستشعر لهم نبسا, وكأنهم خيال عارض او نسمة عابرة , فكم عظيما أو ملكا غرته نفسه واستهوته قوته فأعلى القصور وعمر الدور واحاط نفسه بالحرس والرتاج وظن في مكمنه ان دهره قد غفل عنه فلم يغن ذلك عنه شيئأ وأتاه الموت من حيث لم يحتسب فاختطفه اختطافا واقتلعه اقتلاعا وغيّب حضوره حتى اصبح نسيأ منسياً , وصار سكناه في حفرة لاتتجاوز اربعة أذرع فتفتت جسده وأكل الدود لحمه وصارت عظامه رميماً وصدق من قال:
من كان لايطا التراب بنعله= يطأ التراب بناعم الخد
من كان بينك في التراب وبينه= شبران فهو بغاية البعد
علينا ان نتوقف أمام أجيال من مواكب الشعراء الذين رثوا احباءهم ونستخلص من ذلك تفكرا وتدبرا فنحن سائرون على الخطا ونحن اللاحقون بعد مدة طالت ام قصرت , وسوف نجرع من نفس الكأس وستسخن عيون اولادنا علينا بمثل ما سخنت عيوننا على آبائنا , ولو ان الحزن باق مستديم لتعطلت الحركة وانشغل البشر حتى عن ذكر ربهم.
القصيدة جميلة وتعليق الاخت "احاول أن" فتيت مسك ورصف جواهر , وهي مثلها مثل غيرها من قصائد الحزن نوع من الشعور الانساني النبيل الذي لم تخربه انفاس الحضارة الحديثة حاملا نقاء الصحراء وصدق الرمال , وهاكم بعض ابيات مشهورة في الرثاء قالها الشريف الرضي في رثاء ابي اسحق الصابي:
اعلمت من حملوا عل الاعواد=ارأيت كيف خبا ضياء النادي
جبل هوى لو خر في البحراغتدى=من وقعه متتابع الازباد
ماكنت أعلم قبل حطك في الثرى=ان الثرى يعلو على الاطواد
بعدا ليومك في الزمان فانه=اقذى العيون وفت في الأعضاد
لاينفد الدمع الذي تبكي به=ان القلوب له من الأمداد
كيف امّحى ذاك الجناب وعطلت=تلك الفجاج وضل ذاك الهادي
طاحت بتلك المكرمات طوائح=وعدت على ذاك الجلال عوادي
قالو اطاع وقيد في شَطَن الردى=ايدي المنون ملكت أي قياد
أعزز علي بأن أراك وقد خلت=من جانبيك مقاعد العواد
اعزز علي بأن يفارق ناظري=لمعان ذاك الكوكب الوقاد
ولقد كبا طيف الرقاد بناظري=اسفا عليك فلا لعاً لفؤادي
ثكلتك ارض لم تلد لك ثانيا=أنّى ومثلك معوز الميلاد
ضاقت علي الارض بعدك كلها=وتركت اضيقها علي بلادي
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[02 - 12 - 2007, 01:27 ص]ـ
بارك الله في من وضع الموضوع ومن أضاف إليه ومن علق عليه ومن مر وقرأ.
وأرجو أن لا ننس الخنساء من المراثي فلها الكثير من القصائد العظيمة المثيرة للإحساس والوجدان ,
وهذه واحدة من قصائدها في رثاء أخيها صخر, أرجو أن تنال إعجابكم.
ياعَينِ جودي بِالدُموعِ السُجول = وَاِبكي عَلى صَخرٍ بِدَمعٍ هَمول
لا تَخذُليني عِندَ جَدِّ البُكا = فَلَيسَ ذا ياعَينِ وَقتَ الخَذول
اِبكي أَبا حَسّانَ وَاِستَعبِري = عَلى الجَميلِ المُستَضافِ المَخيل
نِعمَ أَخو الشَتوَةِ حَلَّت بِهِ = أَرامِلُ الحَيِّ غَداةَ البَليل
يَأتينَهُ مُستَعصِماتٍ بِهِ = يُعلِنَّ في الدارِ بِدَعوى الأَليل
وَنِعمَ جارُ القَومِ في أَزمَةٍ = إِذا اِلتَجا الناسُ بِجارٍ ذَليل
دَلَّ عَلى مَعروفِهِ وَجهُهُ = بورِكَ فيهِ هادِياً مِن دَليل
لا يَقصِرُ الفَضلَ عَلى نَفسِهِ = بَل عِندَهُ مَن نابَهُ في فُضول
قَد عَرَفَ الناسُ لَهُ أَنَّهُ = بِالمَنزِلِ الأَتلَعِ غَيرُ الضَئيل
عَطاؤُهُ جَزلٌ وَصَولاتُهُ = صَولاتُ قَرمٍ لِقُرومٍ صَؤول
وَرَأيُهُ حُكمٌ وَفي قَولِهِ = مَواعِظٌ يُذهِبنَ داءَ الغَليل
لَيسَ بِخَبٍّ مانِعٍ ظَهرَهُ = لا يَنهَضُ الدَهرَ بِعِبءٍ ثَقيل
وَلا بِسَعّالٍ إِذا يُجتَدى = وَضاقَ بِالمَعروفِ صَدرُ السَعول
قَد راعَني الدَهرُ فَبُؤساً لَهُ = بِفارِسِ الفُرسانِ وَالخَنشَليل
تَرَكتَني وَسطَ بَني عِلَّةٍ = أَدورُ فيهِم كَاللَعينِ النَقيل
ـ[أحاول أن]ــــــــ[02 - 12 - 2007, 06:24 ص]ـ
الاستاذة الاديبة احاول أن:
¥