تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والتربية الرفيعة، والأنس بالاخرين,, معبرة عن التهذيب البدوي الاصيل المتصدي للمفاهيم الجديدة المتسربة الى البيئة العربية في صدر الاسلام والعصر الاموي,, حتى كادت تكون آنذاك مرادفة للفظة ظرف او كياسة وما يندرج في بابهما,, وقد ظل هذا المعنى الخلقي ملتصقا بها خلال مرحلة زمنية طويلة فقيل: أدب النديم، وادب الحديث، وادب الدرس، وادب العالم والمتعلم,, الخ,, ومع ذلك فان دائرة شمولها اتسعت ابتداء من القرن الاول للهجرة، فتضمنت فضلا عن) 3 (فحواها التقليدي معنى ثقافيا خاصا ما عتم مع مرور الزمن ان اشتد بروزا، واصبح هو الاصل وغدا سواه ظلاً من ظلاله ودل على مجموع المعارف التي تجعل من المرء انسانا ظريفا مشاركا في شؤون عصره، مطلعا على فنون الشعر، والخطابة، والسير، وتاريخ القبائل، وايام العرب، متمكنا من اسرار اللغة، والقواعد، والبلاغة، ومحصلا من العلوم الدخيلة زبدة ما توصل اليه العلماء في مختلف المدارس الفكرية,, وقد تمثل هذا المفهوم للادب افضل تمثل في آثار الجاحظ وابي حيان التوحيدي) 4 (,

قال ابو عبدالرحمن: ما ذكره الاستاذ جبور في سياق كلامه عن شيوع الادب على الالسنة ومدلوله الابعد هو المعنى الوضعي الحقيقي للادب,

واما ان الادب من الدأب - بتقديم الدال على الهمزة - فذلك ظنون مرسلة، ودعاوى ميتافيزيقية,, ولكن نظرية الجذر الثنائي قد تكشف عن امور مشتركة في تقليب الادب الى جذورها هكذا: أدب، وأبد، ودأب، ودبأ، وبأد, وبدأ,, وعسى ان تتاح الفرصة لهذه المعالجة,

ومن الصحيح ما قاله الاستاذ جبور عن تضمن مادة الادب معاني ثقافية، ولكن ليس من الصحيح ان معناها اللغوي الوضعي، ومعانيها العرفية اللغوية اصبحت ظلا، بل ظل اطلاق الادب والآداب والتأدب لا ينصرف لغير التربية والفضائل,, ولا ينصرف الى العلوم الادبية الا بقرينة من اضافة، أو دلالة سياق، او معهود ذهني,

قال ابو عبدالرحمن: والىعصر النهضة الحديثة ظل الادب والآداب - بالمفهوم الاصطلاحي - يعني كتب الشذرات العلمية، والاخذ من كل فن بطرف مع تغليب عنصر النص الفني من الشعر والنثر وما يتعلق به من النقد والتنظير,, بل ظل يشمل تنويع العلوم، فمن الاول كتب الجاحظ وابي حيان وكتاب المعافى للنهرواني وبهجة المجالس لابن عبدالبر,, الىالمستظرف والكشكول، والمخلاة,, ومن الثاني العقد الفريد، ونهاية الادب للنويري، وكتاب الوطواط، والف باء للبلوي,

واذا تصفحت معجم الادباء لياقوت رأيت فيه جلة العلماء كابن جرير وابن حزم ولكنه طعّمه بشيء من قولهم الفني,

وبعصر النهضة الحديثة صار التأريخ للأدب تاريخاً للعلوم في مثل كتاب بروكلمان، وجرجي زيدان، والرافعي، والزيات,, الخ,, حتى استقرت نظرية الادب، فأصبحت القيمة الجمالية من ذات النص الفني هي التي تحدد تحديدا دقيقا مفهوم الادب الاصطلاحي وتقسمه الى انواع محصورة - اطلقوا عليها خطأ الاجناس الادبية، وانما هي انواع من جنس مثل الشعر، والرواية، والقصة، والمسرحية,, واصبحت تلك الكتب العامة تصنف في دائرة المتفرفات، والمعارف العامة، والموسوعات,

قال ابو عبدالرحمن: وقد حققت في احد كتبي المطبوعة تصنيف الادب، واخرجت اوشابا عن دائرةالنظرية الادبية,

واما آداب العلوم الاخرى فيراد بها الادب بمعناه الوضعي وهو الفضائل مثل علم آداب البحث والمناظرة، وعلم آداب التوبة، وعلم آداب الحسبة، وعلم آداب الدرس، وعلم آداب كتابة المصحف، وعلم آداب السفر، وعلم آداب السماع والوجد عند الصوفية، وعلم آداب الصحبة والمعاشرة، وعلم آداب العزلة، وعلم آداب الكسب والمعاش، وعلم آداب النبوة، وعلم آداب النكاح، وعلم آداب الملوك، وعلم آداب الوزراء، وعلم آداب الادعية والاوراد) 5 (,, بل لكل علم مقدماته العشر، كموضوعه، وواضعه، وثمرته، وآدابه,

ويلحق بهذا آداب استجدت اصطلاحا لدى المعاصرين كأدب الحيوان في اعمال مثل حكايات ايسوبوس، وجاتاكا، وكليلة ودمنة) 6 (,

وكذلك استجد اصطلاحا أدب الرحلات) 7 (,, وانما قلت اصطلاحا، لانها موجودة مادة في تراثنا، ولكنها ضمن مجاميع المنوعات الادبية التي تحرص على المستطرف والمستظرف,

واستجد اصطلاحا ايضا ادب السيرة، وادب علم الكلام، وادب العلماء) 8 (، وأدب الرواية مثل الكامل للمبرد) 9 (، وادب المجانين الذي مثله في تراثنا حكايا جحا والبهلول) 10 (,

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير