وقد يطلقه الفقهاء على المندوب,, في جامع الرموز: وما وراء ما ذكر من الفرائض والواجبات في الحج سنن تاركها مسيء، وآداب تاركها غير مسيء,, وقد يطلقونه على
السنة,, في جامع الرموز في بيان العمرة: وما سوى ذلك سنن وآداب تاركها مسيء,, وفي البزازية في كتاب الصلاة في الفصل الثاني: الأدب ما فعله الشارع مرة
وتركه أخرى، والسنة ما واظب عليه الشارع، والواجب ما شرع لإكمال الفرض، والسنة لإكمال الواجب، والأدب لإكمال السنة,, انتهى كلامه,
وقيل: الأدب عند أهل الشرع الورع، وعند أهل الحكمة صيانة النفس,
وحكى أن حاتم الأصم قدم رجله اليسرى عند دخوله المسجد، فتغير لونه وخرج مذعوراً وقدم رجله اليمنى فقيل: ما ذلك؟ ,, فقال: لو تركت أدبا من آداب الدين خفت ان
يسلبني الله جميع ما أعطاني,
وقال حكيم: الأدب مجالسة الخلق على بساط الصدق، ومطابقة الحقائق,
وقال أهل التحقيق: الأدب الخروج من صدق الاختيار والتضرع على بساط الافتقار,, كذا في خلاصة السلوك,
وقيل: ليس الأدب كسباً للعبادة، ولا سعيا في طلب حق,, بل هو لين الجانب,, وحيث افتقدت الناس ذلك كان منها سوء أدب,
والعلوم الأدبية هي العلوم العربية، وقد سبق بيانها في المقدمة) 11 (,
قال أبو عبد الرحمن: تعريفه الأدب بالتهذيب غير صحيح؛ لأن ذلك صفة المؤدب بصيغة اسم الفاعل لا معنى الأدب, وتعريفه بالعلم معنى مجازي حادث، والمراد ها هنا
المعنى الحقيقي,, والصواب بقية كلامه من التعريف بحميد الخصال، والسداد وحسن السيرة,
وهكذا ما نقله عن بحر الجواهر، وأبي زيد وفتح القدير: فكله مفهوم الصحيح منه والخطأ بما اسلفته من النقد,
وذكر من المصطلحات علوم العربية وفصاحتها وبلاغتها ولذلك حديث يأتي,
وتأتي ان شاء الله مناسبة للكلام عما ذكره من الأدب في اصطلاح الفقهاء, والشرع، والصوفية، وانما أختم بنصين:
الأول قول الشيخ قاسم القونوي]-978ه [: الأدب ما فعله عليه السلام مرة وتركها أخرى,, وفي البزازية الأدب ما فعله الشارع عليه السلام مرة وتركها اخرى,,
والسنة ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم ولم يترك إلا مرة أو مرتين) 12 (,
والثاني قول الاستاذ إدريس الناقوري: تدور لفظة أدب) 13 (في اللغة) 14 (حول المعاني الآتية:
،1 - الخلق الحسن) 15 (,
،2 - اكتساب رياضة النفس وتلقين محاسن الأخلاق) 16 (,
،3 - التأديب الذي يعني العقاب الخفيف,
،4 - الظرف وحسن التناول اي التأدب) 17 (,
،5 - المنهج الواجب سلوكه في فن من الفنون والعلوم أو عمل من الأعمال) 18 (,
وفي الاصطلاح يراد بالأدب ذلك الفن الجميل الذي يتخذ الكلمة قواماً وأداة له، ويؤلفه الشاعر او الناثر بطريقة خاصة يتجلى فيها جانب ابداعه وصناعته او تغري
المتلقي بقبوله والافادة منه او التمتع به,,, سواء عن طريق الاستماع اليه او حفظه او كتابته,, ويمكن القول: إن هذا هو المفهوم الاصطلاحي العام الذي يحدد
مدار هذه اللفظة، وإن كان المصطلح اتخذ معاني اخرى فرعية عكست تطور المفهوم في الزمان والمكان,
وهذا المدلول العام للأدب هو ما نجده عند ابن سلام) 19 (، وعند ابن قتيبة الذي استعمل لفظة أدب) 20 (وأهل الأدب) 21 (وأديب) 22 (,, وقد اكثر الجاحظ من
استعماله لكلمة ادب بمعناها الاصطلاحي العام في اكثر من موضع,, يقول: ومن شعراء العرب من كان يدع القصيدة تمكث عنده حولاً كريتا) كاملاً (، وزمناً طويلا
يردد فيها نظره؛ اتهاماً لعقله، وتتبعاً على نفسه؛ فيجعل عقله زماماً على رأيه، عيارا على شعره، إشفاقاً على أدبه) 23 (,, ويقول كذلك: الانسان بالتعلم
والتكلف وبطول الاختلاف الى العلماء ومدارسة كتب الحكماء يجود لفظه ويحسن أدبه) 24 (,
ونجد عند ابن وهب مفهوماً يقترب من المعنى الاصطلاحي الذي ذكره) كارلونالينو (ونعني به المنهج الواجب اتباعه في فن من الفنون أو علم من العلوم وهو ما يطلق
عليه ابن وهب ادب الجدل) 25 (,
وعند الصولي: الأدب هو مجموع المعارف العربية من شعر وأخبار وخطب وسجع التي تجعل من الرجل أديباً وراوية) 26 (,
ويتحدث ابن المعتز عن أهل الأدب ويقصد بهم العلماء المتأدبين الذين يتعاطون الأدب بشعره ونثره) 27 (,
أما قدامة فلم يذكر كلمة أدب إلا مرة واحدة، وأوردها بصيغة الجمع: يقول بعد ان فرغ في تحليله لنعت ائتلاف اللفظ والوزن:,, وغير ذلك مما لو ذهبنا الى شرحه
¥