ولتكون دراساتي منهجية صادقة فكرياً فصلت بين نظرية المعرفة البشرية العامة، ونظرية الحقل المعرفي الخاصة، ففي ميدان المعرفة البشرية تكون الدراسات الفكرية من ناحية قيمة العقل، وحدوده ودوره في المعرفة، وضروراته، واحتمالاته، وخيالاته، وأنواع مداركه ووظائفه، وتنظيم طرق الاستدلال؛ وذلك هو المنطق الفكري ولايراد المنطق منطق أرسطو بإجمال، وقد بينت في مناسبات عديدة بهذه الجريدة ضلاله وفضوله في مسائل جوهرية مثل القياس المنطقي وإنما المراد المصطفى من منطق أرسطو، واستخلاص البراهين التي عليها قناعة العقلاء منذ فجر البشرية في مباحثهم ومحاوراتهم استشهاداً بالعقل المغروز فينا
وفي ميدان المعرفة الخاصة يبدأ التأصيل باشتقاق نظرية الحقل المعرفي الخاصة من نظرية المعرفة البشرية؛ لينتظم الفكر، ويحصل الاختصار بالرد إلى المسلمات مثال ذلك المعرفة الشرعية التي نأخذ منها مراد الله منا في أوامره ونواهيه، وحقيقة التصور وفق المراد الشرعي فيما وقع أو سيقع مما ورد به الخبر الشرعي؛ فالمؤصل للمعرفة الشرعية مستغن بما فُرغ منه في نظرية المعرفة البشرية من دور العقل في المعرفة، ثم ما فُرغ منه في أصول العقيدة من ضرورة الشرائع، وعصمتها؛ فيكون مجال التأصيل تحقيق الثبوت والدلالة، والتقعيد لكيفية استنباط الدلالة من الخطاب الشرعي وجناحا الاستنباط الفكر واللغة وقد بينت في أول مسائل كتابي ·من أحكام الديانة الفضولي من الضروري من مسائل أصول الفقه
قال أبو عبدالرحمن: هذه قصة قيمتي الحق والخير، والمعايير منهما من الثوابت
والقيمة الثالثة القيمة الجمالية وسيلة وغاية، فالممارسة العلمية لا تكون موصلة، ومؤثرة، وذات جاذبية إلا بالعناصر الجمالية
والتذوق الجمالي، وتربية الحاسة الجمالية بأرقى النماذج في الموضوع، وإشباع غريزة الإحساس الجمالي بكل ما هو دون المحرم كل ذلك يريح ملكات العقل، ويكسب الذهن حدة ونشاطاً، ويطبع اللسان والسلوك على الأجمل والأحسن
وفي ميدان الدراسات الأدبية ما أنجزت منها، وما أنا بسبيل إنجازه على مستوى الشعر وحسب: اتخذت منهجاً فريداً؛ ولا أقول ذلك ادعاء، ولا افتخاراً، ولا تزكية للذات، وإنما أخبر عن حقيقة نافعة للدعوة إليها لا الافتخار بها وهذه المنهجية تقوم على ثلاثة أركان لا أكاد أعرف مدرسة أدبية جمعت بينهن، وأخلصت الوفاء لهن:
الركن الأول: نظرية معنى النص، وقد أقمت ذلك على أصول الظاهرية وحقيقة هذا الركن ألا تسقط من النص شيئاً من معناه، وألا تحمّله ما لا يحتمله، وأن يكون القياس لتحليل المعنى الكلي للنص الوفاء بكليته من غير إسقاط أو إضافة وقد أنجزت من ذلك تحليلي لقصيدة أبي العلاء الرائية التي طبعها النادي الأدبي بجيزان، وتحليلي لقصتي ·بنات آوى وعرب و ·مستوطنة العقاب لفرانز كافكا والسفر الثاني من كتابي مبادىء في نظرية الشعر والجمال وقف على ذلك
والركن الثاني: نظرية النقد التعاوني الجمعي، للإحاطة بالتصور للنص ومبدع النص؛ ولأجل استخراج معقول النص) معنى المعنى (؛ ولأجل التفسير والتعليل بجوانب خارج المعنى ومعنى المعنى تتعلق بالنص ومبدعه، وقد ذكرت جوانب من ذلك في دراستي المطولة لكافكا المنشورة بمجلة التوباد
والركن الثالث: نظرية الشرط الجمالي؛ فلا ينتقل النص من عموم القول إلى خصوص القول الفني إلا بالشرط الجمالي، وقد أسهبت في بيان ذلك بكتابيّ ·الالتزام والشرط الجمالي و ·مبادىء في نظرية الشعر والجمال ولا أزال أغذي هذا ا لجانب، وأتابع مستجداته
وما زاد عن ذلك فهو فضول خارج النظرية الأدبية، وقد بينت ذلك غاية البيان في صدر كتابي ·العقل الأدبي الصادر في سفرين عن النادي الأدبي ببريدة في بحثي عن التصنيف الأدبي، والله المستعان
المصدر http://www.aldahereyah.net/forums/showthread.php?t=2756