تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإذا نحن نظرنا في المقاييس وجدنا أن النقع هو كما يتبادر إلى ذهن كل منا:

" النون والقاف والعين أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على استقرارِ شيءٍ كالمائعِ في قراره، والآخر على صوتٍ من الأصوات. فالأوّل نَقَع الماء في مَنْقعه: استقرّ. واستَنْقع الشيءُ في الماء. والنَّقُوع: ما نُقِع في الماء، كدواءٍ أو نبيذ. والمِنْقَع ذلك الإناء. والمِنْقَع كالقُدَيرة للصَّبيّ يُطرح فيه اللَّبن ويُطعَمه.

ويقال له مِنْقَع البُرَم، ويكون من حجارة. والنَّقيع: شراب* يتَّخَذ من زَبيب، كأنَّ الزَّبيب يُنقَع له. والنَّقِيع: الحَوْض يُنقَع فيه التَّمر. والنَّقِيع والنَّقْع: الماء الناقع.

وماءٌ ناقعٌ كالنَّاجع، كأنَّه استقرَّ قرارَه فكَسَر الغُلَّة. وكذلك النَّقُوع. والنَّقيع: البئر الكثيرة الماء. ونَقْع البئر الذي جاء في الحديث: ماؤها، كأنها قرارٌ له.

والأنقوعة: وَقْبَةُ الثَّرِيد. ....... والنَّقيعة: المحض من اللَّبن. ..... ويقال: بل النَّقيعة: الطَّعام يُتَّخَذ للقادم من السفر، كأنّه إذا أُعِدّ له فقد نقع أي أُقِرّ.

وهذان الوجهان أحسَنُ ما قيل في ذلك، لأنَّهما أقْيَس.

ويقولون: النَّقيعة: الجَزُور تُنقَع عَن عدّة إبل، كالفَرَعةِ تُذبَح عن غَنَم. وأمَّا الأصل الآخر فالنَّقيع: الصُّرَاخ، وهو النَّقْع أيضاً.

ونقَعَ الصوتُ: ارتفَعَ. قال:

فمتَى يَنْقَعْ صُرَاخٌ صادقٌ يَحلِبُوها ذاتَ جَرسٍ وزَجَلْ " اهـ

إذا فالمعنى الأعم والغالب للنقيع هو النقع , أما ذلك الأصل الآخر والذي بمعنى الصوت فليس متبادرا لذا يبعد أن نحمل عليه المعنى , كما أن السياق يجعله مستبعدا!

ونعود إلى الضمير فما هو عود الضمير؟ إذا نحن نظرنا في الآيات وجدنا أن الإمكانية الوحيدة لعود الضمير هو قوله تعالى " قدحا " أي أن السحب المغيرة تثير بهذا القدح والذي يترتب عنه كما قلنا برق (مغيرات صبحا) فالعاديات أثارت بالقدح نقعا وهو الماء المنقوع والموجود في السحاب بشكل من الأشكال , فمن خلال هذا القدح يثار النقع! ثم بعد ذلك تأتي النتيجة المنطقية وهي قوله تعالى " فوسطن به جمعا " أي أن النقع والذي هو المطر الذي أنزل من السحاب يتوسط الجمع أي جمع كان , فنرى أن الماء ينزل ويصل إلى أي جمع لا حجزه حاجز فيعمه وينفعه! (ومن الممكن القول أن المراد من النقع المثار هو الماء الموجود على الأرض فعندما ينزل الماء من السماء يزيد الماء الموجود على الأرض فيسيل فيتوسط الجمع ومن المعروف أن الماء أو السوائل عامة لا تكون في الأطراف أو المرتفعات وإنما تتوسط بين العوالي!)

أما المفسرون فاختلفوا كالعادة في عود الضمير , فخصصوا بأدلة ما أنزل الله بها من سلطان وأضافوا كلمات ليس لهم بها علم , لذا نجدهم يقولون:

" قال الليث: وسطت النهر والمفازة أسطها وسطاً وسطة، أي صرت في وسطها، وكذلك وسطتها وتوسطتها، ونحو هذا، قال الفراء: والضمير في قوله: {بِهِ} إلى ماذا يرجع؟ فيه وجوه أحدها: قال مقاتل: أي بالعدو، وذلك أن العاديات تدل على العدو، فجازت الكناية عنه، وقوله: {جَمْعاً} يعني جمع العدو، والمعنى صرن بعدوهن وسط جمع العدو، ومن حمل الآيات على الإبل، قال: يعني جمع منى وثانيها: أن الضمير عائد إلى النقع أي: وسطن بالنقع الجمع وثالثها: المراد أن العاديات وسطن ملبساً بالنقع جمعاً من جموع الأعداء. "اهـ ولست أدري ما أدلتهم على تخصيص قول الله عزوجل الذي أورده عاما , فجعلوه هم خاصا في مواقف أخص!!!

فانظر عزيزي القارئ إلى هذه الصورة البلاغية البديعة التي تقدمها السورة:

سحب تعدو مصدرة صوتا ثم تجتمع هذه السحب الكثيفة المثقلة فتحتك فتوري من خلال هذا الاحتكاك فيكون برق وبذلك تضيء هذه السحب وتصبح صبحا بالنسبة للناس وبهذا الاحتكاك والقدح تثار ذرات المياة الموجودة والراكدة في السحب فتنزل فتتوسط الجمع من نبات أو حيوان أو بشر! فانظر إلى عرض الله لنعمه على بني البشر ثم بعد ذلك يكون ردهم هو الجحد والنكران , لذا يكون من المنطقي أن تأتي الآية التالية معلقة على موقف الإنسان من ربه الذي أغرقه في هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى فتقول " إن الإنسان لربه لكنود "

يتبع ..............

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[10 May 2008, 11:15 ص]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير