تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لآخر ومن مكان لآخر.

إذا فحتى الآن لا يزال المعنى والتصور متصلا فالله تعالى يعرض لنا مشهد نزع الأنفس وإنزال العذاب والاجتثاث عن طريق الملائكة النزعات وصورة الملائكة الناشطات التي تنشط وتتحرك وتخرج لتنفذ وكيف أنها ملائكة سابحات في الجو تسبح الله وتطيعه وهي تسبق سبقا في تنفيذ الأمر الآتي لها من الله (وهنا مثلا الإهلاك و قبض الأنفس بشكل من الأشكال يريده الرب القدير) فإذا أتته دبرته كما أراد الله تعالى! ويحدث كل هذا يوم ترجف الراجفة!

الناظر في أقوال المفسرين بدأ من هذه الآية يجد أنهم قد نزعوا! هذه الآية عن سابقتها من الآيات فجعلوا هذه في واد وتلك في آخر! وذلك لظنهم أن يوم رجف الراجفة هو في يوم القيامة , حيث أن الراجفة عندهم هي النفخة الأولى والرادفة هي النفخة الثانية التي تكون في الصور , فهل هذا ما تقوله الآيات؟

إذا قبلنا بقولهم هذا من أن المراد من الراجفة والرادفة هو النفخة الأولى والثانية لا يستقيم للكلام أي معنى , لأنه يفترض على قولهم أن المشركين والكافرين يقولون يوم القيامة: أئنا لمرددون في الحافرة أإذا كنا عظاما نخرة .... إلخ فهل يعقل أن يقول الكافرون أو العصاة هذا الكلام يوم القيامة؟ وعلى الاحتمالية الأخرى للكلام أن يقطعوا الكلام عن بعضه , فيصبح الكلام قد انتهى قبل ذلك ثم حدث استئناف جديد بدون أي عود للضمير المذكور , فيأتي الكلام هكذا عن غاب بدون أي ذكر مسبق له! أما نحن فنربط الكلام ببعضه فنقول أن الملائكة تفعل هذا الفعل يوم ترجف الراجفة؟ والرجف معروف بالنسبة للقارئ , ولكنا نزيده إيضاحا فنقول: الرجف كما جاء في اللسان:

" الرَّجَفانُ: الاضْطِرابُ الشديدُ: رجَفَ الشيءُ يرجُف رَجْفاً ورُجوفاً ورجَفاناً ورَجِيفاً وأَرْجَفَ: خَفَقَ واضْطَرَبَ اضْطِراباً شَديداً، أَنشد ثعلب: ظَلَّ لأَعلى رأْسه رجِيفا ورَجْفُ الشيء كرَجَفانِ البعير تحت الرحل، وكما تَرْجُفُ الشجرةُ إذا رَجَفَتْها الرِّيحُ، وكما تَرْجُف السنّ إذا نَغَضَ أَصْلُها. والرجْفةُ الزَّلْزَلَةُ. ورجَفَتِ الأَرض تَرْجُفُ رجْفاً: اضطَربت. وقوله تعالى: فلما أَخذتهم الرَّجفةُ قال رَبِّ لو شئتَ أَهلكتهم من قبل وإيَّاي؛ أَي لو شئتَ أَمَتَّهم قبل أَن تقتلهم. ويقال: إنهم رَجَفَ بهم الجبلُ فماتوا. ورجَفَ القلبُ: اضْطَربَ من الجَزَعِ. والرّاجِفُ: الحُمّى المُحَرِّكَةُ، مذكَّر؛ قال: وأَدْنَيْتَني، حتى إذا ما جَعَلْتَني على الخَصْرِ أَو أَدْنى، اسْتَقَلَّك راجِفُ ورجَفَ الشجرُ يَرْجُفُ: حرّكَتْه الريحُ، وكذلك الأَسْنانُ. ورجَفَتِ الأَرضُ إذا تَزَلْزَلَتْ. ورَجَفَ القومُ إذا تَهَيَّؤُوا للحرب. وفي التنزيل العزيز: يوم تَرْجُفُ الراجفة تَتْبَعُها الرَّادِفةُ؛ قال الفراء: هي النَّفْخةُ الأَُولى، والرّادِفةُ النفخةُ الثانية؛ قال أَبو إسحق: الرَّاجِفةُ الأَرض تَرْجُفُ تَتحرَّكُ حركة شديدة، وقال مجاهد: هي الزَّلْزَلَة. وفي الحديث: أَيها الناسُ اذكُروا اللّه، جاءتِ الراجفةُ تتبعها الرّادِفةُ؛ قال: الراجفةُ النفخةُ الأَُولى التي تموت لها الخلائق، والرادفة الثانية التي يَحْيَوْنَ لها يومَ القيامة. وأَصل الرجْف الحركةُ والاضْطِرابُ؛ ومنه حديث المَبْعَثِ: فرجع تَرْجُفُ بها بَوادِرُه. الليث: الرَّجْفةُ في القرآن كلُّ عذاب أَخَذَ قوماً، فهي رجْفَةٌ وصَيْحةٌ وصاعِقةٌ. " اهـ

إذا فالرجف هو الحركة والاضطراب وهو على هذا المعنى في كتاب الله , كما جاء في قوله تعالى " َفأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ [الأعراف: 78] , وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ [الأعراف: 155] , لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَفِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً [الأحزاب: 60]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير