تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الحَافِرَةِ [النازعات 10]، يقال: إنه الأمر الأوَّل، أي أنحْيا بعدما نموت. ويقال الحافرةُ من قولهم: رجع فلانٌ على حافرته، إذا رجع على الطريق الذي أخَذَ فيه، ورجع الشَّيْخُ على حافرته إذا هَرِم وخَرِف. ... " اهـ

فابن فارس يروى هذا التفسير بصيغة التضعيف " يقال " ولا يجزم فيها بشيء , فما هي هذه الحافرة المحيرة؟

الحافرة اسم فاعل من الحفر , وهو متعلق بالرد , وهو شيء يشك فيه الكافر , وهو شيء يستعمل معه حرف الجر " في " فما هو هذا الشيء؟ لا يمكن أن يكون الأرض لأنها ليست حافرة وليست الدنيا لأنها ليست حافرة وليست حياتهم الأولى لأنها ليست حافرة , بداهة هو يوم القيامة! فإذا كان يوم القيامة سُمي يوم القيامة والفصل والحشر ... إلخ الأسماء , فهنا أيضا سمي باسم هام من أسمائه وهو الحافرة , حيث تحفر الأرض فيخرج الناس " خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ [القمر: 7] يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ [المعارج: 43] " " يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ [ق: 44] " ففي يوم القيامة تُحفر الأرض وتقلب ويخرج الناس , وما يؤيد هذا الفهم حديث وجدته في لسان العرب عن سراقة وفيه: " قال: يا رسول الله، أَرأَيتَ أَعمالنا التي نَعْمَلُ؟ أَمُؤَاخَذُونَ بها عند الحافِرَةِ خَيْرٌ فَخَيْرٌ أَو شَرٌّ فَشَرٌّ أَو شيء سبقت به المقادير وجَفَّت به الأَقلام؟ ... "

فهذا مع كون السياق يرجح أن المراد من الحافرة هو يوم القيامة , إذا فالكافر العاصي الذي ينزل به العذاب يتساءل هل نعود إلى الحياة مرة أخرى و .... ولكن " أإذا كنا عظاما نخرة " أي هل من الممكن أن نخرج من الأرض مرة أخرى فنبعث بعد أن كنا عظاما نخرة , والمعنى معروف أإذا كنا عظاما بالية قد نخرت , والأصل في النخر هو صوت , لذلك يقال: إذا كنا عظاما بالية يخرج منها صوت إذا مر فيها الهواء! ويستمر الكافر الذي ينزل به العذاب في هذا التصور والتساؤل وفي نهاية المطاف يعترف بأنه إذا حدث ذلك فسيكون من الخاسرين , " قالوا تلك إذا كرة خاسرة " إي إذا حدث ذلك الذي نخافه ونخساه فسيكون رجوعا خاسرا , والكر هو الرجوع والتكرار وهو معروف , وهو كما جاء في اللسان:

" الكَرُّ: الرجوع. يقال: كَرَّه وكَرَّ بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى. والكَرُّ مصدر كَرَّ عليه يَكُرُّ كرًّا وكُروراً وتَكْراراً: عطف. وكَرَّ عنه: رجع، وكَرّ على العدوّ يَكُرُّ؛ ورجل كَرَّار ومِكَرّ، وكذلك الفرس. وكَرَّرَ الشيء وكَرْكَره: أَعاده مرة بعد أُخرى. والكَرّةُ المَرَّةُ، والجمع الكَرَّات. والكَرُّ الرجوع على الشيء، ومنه التَّكْرارُ. ابن بُزُرجٍ: التَّكِرَّةُ بمعنى التَّكْرارِ وكذلك التَّسِرَّة والتَّضِرَّة والتَّدِرَّة. الجوهري: كَرَّرْتُ الشيء تَكْرِيراً وتَكْراراً؛ .... والكَرَّةُ البَعْث وتَجْديدُ الخَلْق بعد الفَناء. اهـ

ونلاحظ أن هنا فاصل بين القول والسؤال وبين الإجابة , فنلاحظ أن الله تعالى قال " يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أإذا كنا عظاما نخرة " ثم عاد فقال " قالوا تلك إذا كرة خاسرة " فهم السائلون في الأولى وهم المجيبون المعترفون في الثانية! ثم يوضح لهم الله تعالى أن الأمر ليس بالكبير ولا بالصعب العسير ولا يأخذ من الوقت الكثير " فإنما هي زجرة واحدة , والزجر معروف وهو كما جاء في المقاييس: " الزاء والجيم والراء كلمة تدل على الانتهار. يقال زَجَرت البعيرَ حتَّى مضَى، أزجُره. " اهـ

يتبع .....................

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[28 May 2008, 10:03 ص]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير