العربية، التي ترجع إلى أصل سوري أو عراقي، فهم لا يزالون يقولون: ألفا، بيتا، جاما، دلتا، ... بل إنّ سبعين في المائة من جذور اللغة اليونانية ترجع إلى أصول عربية.
إذن نحن بحاجة إلى تعميق الدراسات، فلعلنا نكتشف أنّ جذور النهضة الفكرية اليونانية ترجع إلى عهد يونس، عليه السلام، كما ترجع جذور النهضة الفكرية في عصور العباسيين إلى عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم.
وفق رواية سفر يونان يتضح أنّ البحر هو البحر الأبيض المتوسط. ووفق المنطق الجغرافي نُرجِّح أنه فعلاًً البحر الأبيض المتوسط، لأنّ أقرب بحر يمكن أن يوجد فيه حيتان كبيرة هو البحر الأبيض المتوسط، لأنّه أقرب إلى نينوى (الموصل) من بحر العرب. ثم إنّ فلسطين، الأرض المقدّسة، كانت مهاجر إبراهيم، عليه السلام، وعليه فمن المتوقع أن يهاجر يونس، عليه السلام، إليها.
سورة يونس هي السورة العاشرة في ترتيب المصحف. واللافت أنها أول سورة في ترتيب المصحف سميت باسم نبي من الأنبياء. وقد جاءت سورة يونس تتصدر مجموعة السور التي تبدأ بالأحرف المقطعة (الر) هكذا: (يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر)، واللافت أنها جاءت متسلسلة في ترتيب المصحف هكذا: (15،14،13،12،11،10). فلماذا يونس أولاً على الرغم من كون إبراهيم، عليه السلام، هو الأبرز في النص القرآني، وكذلك يوسف وهود، عليهم السلام؟!
وإليك الآية الأولى من كل سورة:
يونس:"الر تلك آيات الكتاب الحكيم".
هود:" الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير".
يوسف:" الر تلك آيات الكتاب المبين".
الرعد:" الر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون". إبراهيم:" الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد".
الحجر:" الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين".
واللافت هنا أنّ الآيات الست، التي استهلت بها السور، قد أكدت على موضوع الكتاب. وقد يوحي هذا إلى أنّ ليونس، عليه السلام، دوراً بارزاً في مسالة الكتاب إلى درجة أن يسمى (ذا النون) أي (ذا الحرف). أمّا لماذا النون دون باقي الحروف؟! فسيأتي الكلام إن شاء الله.
وردت الإشارة إلى قصة يونس، عليه السلام، في سورة الأنبياء وسورة الصافات وسورة القلم. واللافت أنّ القصة لم ترد في سورة يونس، بل لم يرد الحديث حول يونس، عليه السلام، في سورة يونس. ولكن ورد الحديث حول قوم يونس؛ جاء في الآيات 98 من السورة:" فلولا كانت قريةٌ آمنت فنفعها إيمانها إلا قومَ يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين". فقط آية واحدة ذكرت قوم يونس، وعلى الرغم من ذلك سميت السورة (يونس)!!
هذا يعني أنّ إيمان هذه الأمّة والمنفعة التي تحصلت نتيجة هذا الإيمان هي النقطة المركزية التي لا بد من الانتباه إليها في قصة يونس، عليه السلام. واللافت أنّ الآية قد ختمت بقوله تعالى:" ومتعناهم إلى حين"، أما الآية 148 من سورة الصافات فختمت: " فآمنوا فمتعناهم إلى حين". وفي هذا لفت الانتباه إلى أهمية الحديث عن الفرصة التي حصلت لهم في الدنيا نتيجة إيمانهم، مما يعني أنه قد يكون بإمكاننا أن نرصد ذلك تاريخياً. ويجدر هنا أن نلفت الانتباه إلى أنّ عدد الآيات التي تنتهي بحرف النون في سورة يونس هو 98 وهذا يوافق رقم الآية التي ذكر فيها قوم يونس فسميت السورة يونس. وهذه الملاحظة تضاف إلى غيرها من الملاحظات المتعلقة بحرف النون وعلاقته بيونس، عليه السلام.
يُقدّر شُرّاح العهد القديم زمن النبي يونان (يونس) حوالي القرن الثامن قبل الميلاد. ومعلوم أنّ مثل هذه التقديرات لا يُركن إليها، فقد يكون زمنه أبعد من ذلك بقرون، ففي الوقت الذي يقدر البعض زمن إبراهيم، عليه السلام، بـ 1800 ق. م نجد البعض الآخر يذهب إلى زمنه يقارب 3000 ق. م. وما نلمح إليه هنا هو احتمال أن يكون يونس، عليه السلام، هو من وضع الأبجدية- وما ترمز إليه من حساب- والتي تُعتبر من أهم الاكتشافات في تاريخ البشرية. ومعلوم أنّ اليونانيين من أوائل من تأثر بهذه الأبجدية، بل أخذوها بترتيبها المعروف، وأخذوا ما ارتبط بها من حساب، وهو ما يُسمى بحساب الجُمّل. ثم تأثرت باقي الأمم الغربية بهذه الأبجدية؛ فأنت تجد، على سبيل المثال، أنّ ترتيب أبجدية اللغة الإنجليزية
¥