قيل: المراد الثياب الملبوسة، فعلى الأول يكون المعنى: وعملك فأصلح. قاله مجاهد وابن زيد والسديُّ، وروى منصور عن أبي رزين، قال: يقول: وعملك فأصلح. وإذا كان الرجل خبيث العمل، قالوا: إن فلاناً خبيث الثيابِ، وإذ كان الرجل حسن العمل، قالوا: إنَّ فلاناً طاهر الثياب، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " يَحْشرُ المَرءُ فِي ثَوبَيْهِ الَّذي مَاتَ فِيْهِمَا "، يعني: عمله الصالح والطالح، ذكره الماوردي.
ومن قال المراد به القلب، فالمعنى: قلبك فطهر. قاله ابن عباس وسعيد بن جبير رضي الله عنهما؛ ومنه قول امرىء القيس:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . فَسُلِّي ثِيَابِي مِن ثِيابكِ تَنْسُلِ
أي: قلبي من قلبك.
قال الماورديُّ: ولهم في تأويل الآية وجهان:
1 ـ أحدهما: المعنى: وقلبك فطهر من الإثم والمعاصي. قاله ابن عباس وقتادة.
2 ـ الثاني: وقلبك فطهر من القذر، أي: لا تقذر فتكون دنس الثياب وهو ما يروى عن ابن عباس أيضاً، واستشهدوا بقوله غيلان بن سلمة الثقفي:
فَإنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لا ثَوْبَ غَادِرٍ ... لَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرةٍ أتقنَّعُ
ومن قال: المراد به النفس قال: معناه: ونفسك فطهر، أي: من الذنوب. والعرب تكني عن النفس بالثياب. قاله ابن عباس - رضي الله عنه -؛ ومنه قول عنترة:
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الطَّويلِ ثِيابَهُ ... لَيْسَ الكرِيمُ على القَنَا بِمُحَرَّمِ
قال ابن العربي: وليس بممتنع أن تحمل الآية على عمومها من أن المراد بها الحقيقة والمجاز. اهـ.
ثم نقول لمن استشكل صدور مثل هذه الأوامر للنبي صلى الله عليه وسلم: الأمر محمول هنا على الدوام لعلوّ مقامه صلى الله عليه وسلم وعصمته. أو هو موجه للأمة في الحقيقة وإن خوطب به المصطفى ظاهرا صلى الله عليه وسلم.
ثم كيف يفسر منكرو المجاز قوله تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) .. ؟؟ وغيرها من الآيات التي لا تحصى كثرة والتي يراد بها خلاف الظاهر المتبادر لقرينة ما.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[26 Dec 2008, 10:51 م]ـ
مما يحسن أن يشار إليه في هذا المقام أن الآفاق التفسيرية لمنكري المجاز ضيقة جدا جدا،
علي العكس القول بالمجاز أضاع الفائدة من الصياغة ومن الآية وحصر تفسيرها في مجاز لايثير تساؤلات ولا يُوجب أحكام طلبا للراحة
فهل فكرت في علاقتها بما سبقها وبما جاء بعدها؛
هل استخرجت منها متي يجب أن يكون الثياب طاهرا؛
وهل طهارة الثوب من شروط القيام بالنذارة؛
هل هي مقدمة له صلي الله عليه وسلم أن المكذبين سيلقوا عليك القاذورات فلا تتراجع عن النذارة بل طهر ثيابك وعد فأنذرهم
ثم ومن كان جنبا هل يكفيه طهارة الثوب؛فقد طهر نفسه أو قلبه علي قولكم؟! إن كان لا؛ فطهارة الثوب شيء وطهارة النفس شيء وطهارة القلب شيء ثالث
وثم:؛ لم تبين لنا ماهي معانيه الراقية وإشاراته الباهرة فيما قلت بخصوص الآية التي معنا؛ هل القول أن الثياب يعني النفس يوصف بأنه معني راق!! بل المعني الراقي أن يكون كما جاء فيه " وقرآن مبين " والثياب لم يرد فيه ولا في حديث صحيح بمعني النفس أو القلب
وما هي النفس المقصودة؛ هل هي الروح الطاهرة أصلا؟!!
ويستحسن أن نبقي في هذه لننتهي هل فيها مجاز أم لا؛
ـ[أبو حسان]ــــــــ[27 Dec 2008, 12:47 ص]ـ
أبا فهر كل الأمثلة التي أوردتها واستدللت بها هي من المجاز أيضا فتأمل
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[27 Dec 2008, 02:16 ص]ـ
البينة علي من ادعي
أنا أقول الثياب ثياب كما هي في نص الآية؛فأنا لم أدع شيء؛
فمن ادعي أن اللفظة التي في القرآن علي غير حقيقتها فعليه الدليل
أخي الكريم
أيهما أعجب
الذي قال طالما أن النص قال الثياب؛إذن فهو الثياب؛
أم الذي ادعي أن الثياب تعني النفس؟ ودعنا لاندخل في كيف علم أن الله -أراد-!
حتي لو قلنا أن هذا كلام يعول عليه؛ لقلنا إنهم يقصدون كمال الطهر الذي عليه النفس ففاض علي الثوب؛ولانقول أن الثوب كناية عن النفس
هذا عين السؤال؛ما الذي جعل مجاز الأصمعي أولي من مجاز الطبري؛ولماذا لم يأخذ الطبري بما جاء في كلام العرب كما حكي الأصمعي:أم تري هؤلاء عرب غير هؤلاء؟!!
هذا بالاضافة إلي أمر هام قد غاب عن الجميع وذلك أنك إذا قلت أن المقصود - ونفسك فطهر - لدخلت في محظور؛ وهو .... لايصح أن يُقال
فأنا أعلم أن النفس البشرية العامة طاهرة طهارة الفطرة ثم تكون الطهارة الشرعية صفة للذات المسلمة؛فما بالنا نفترض غير ذلك؟
أخي الكريم أي بينة تطلبها مني وأنا وضعت لك ما قالته أئمة اللغة وما وضعه الإخوة من قبل نقلا عن المفسرين ... لماذا دائما تجزئ الأقوال؟؟
ولقد كان عجبي منك أنك تجيب بأنه بلا دليل .. والسطر الذي بعده أخبر الأصمعي بأنها لغة العرب .. فكيف تقول: لا دليل؟؟ ألم تقل العرب ذلك؟؟
¥