تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

" في التأقيت قولان: الأول: وهو قول مجاهد والزجاج أنه تبيين الوقت الذي فيه يحضرون للشهادة على أممهم، وهذا ضعيف (!! وهو الصحيح بإذن الله)، وذلك لأن هذه الأشياء جعلت علامات لقيام القيامة، (النص لا يقول بهذا بل هي في يوم القيامة ومذكور لغاية) كأنه قيل: إذا كان كذا وكذا كانت القيامة، ولا يليق بهذا الموضع أن يقال: وإذا بين لهم الوقت الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم قامت القيامة لأن ذلك البيان كان حاصلاً في الدنيا ولأن الثلاثة المتقدمة هي الطمس والفرج والنسف مختصة بوقت قيام القيامة، فكذا هذا التوقيت يجب أن يكون مختصاً بوقت قيام القيامة القول الثاني: أن المراد بهذا التأقيت تحصيل الوقت وتكوينه، وهذا أقرب أيضاً إلى مطابقة اللفظ، لأن بناء التفعيلات على تحصيل تلك الماهيات، فالتسويد تحصيل السواد والتحريك تحصيل الحركة، فكذا التأقيت تحصيل الوقت ثم إنه ليس في اللفظ بيان أنه تحصيل لوقت أي شيء، وإنما لم يبين ذلك ولم يعين لأجل أن يذهب الوهم إلى كل جانب فيكون التهويل فيه أشد فيحتمل أن يكون المراد تكوين الوقت الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم وأن يكون هو الوقت الذي يجتمعون فيه للفوز بالثواب، وأن يكون هو وقت سؤال الرسل عما أجيبوا به وسؤال الأمم عما أجابوهم، كما قال: {فَلَنَسْئَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ المرسلين} [الأعراف: 6] وأن يكون هو الوقت الذي يشاهدون الجنة والنار والعرض والحساب والوزن وسائر أحوال القيامة، وإليه الإشارة بقوله: {وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ}. اهـ

فانظر كيف أن عدم وجود تصور كامل للسورة يؤدي إلى تخبط ما بعده تخبط , وتتبع باقي تفسيره للآيات التاليات فسترى قولا عجيبا , ونظرا لوقوع الخطأ منه في أول الأمر كان لا بد لهذا الخطأ أن يتواصل فنجده يقول بعد ذلك:

" أين جواب قوله: {فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ}؟ الجواب: من وجهين أحدهما: التقدير: إنما توعدون لواقع، إذا النجوم طمست، وهذا ضعيف، لأنه يقع في قوله: {فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ}، الثاني: أن الجواب محذوف، والتقدير {فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ} وإذا وإذا، فحينئذ تقع المجازاة بالأعمال وتقوم القيامة. " اهـ

وكلا القولين ضعيف وتقول على الله يغير علم , فجواب الشرط موجود في السورة كما أن الرد على قوله تعالى " وما أدراك ما يوم الفصل " موجود كذلك , ولكنهم لا ينظرون إلا في الآية تلو الأخرى! فإذا نحن نظرنا في السورة وجدنا أن جواب الشرط لقوله تعالى " فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَاالْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ وُقِّتَتْ (11) لأَيِّ يَوْمٍأُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ " هو قوله تعالى " انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " فهذا هو جواب الشرط , فالآيات تقول للمكذبين المنكرين للبعث بعد أن أخبرتهم أن ما يوعدون به واقع: إذا حدث كذا وكذا فانطلقوا إلى النار التي كنتم بها تكذبون , وكما قلنا فلقد بدأ القرآن بتوجيه المكذبين إلى النار قبل عرض الأدلة على الوقوع – والتي سنعرض لها حالا – كأنه يشير بذلك إلى حتمية وقوع هذا الأمر وأنه لا يحتاج إلى تدليل ويقول لهم: إذا وقع فاعملوا كذا وكذا. أما الجواب على قوله تعالى " وما أدراك ما يوم الفصل " فهو قوله تعالى " هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ (35) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِجَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ (38) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ " فالله نعم يفخم هذا اليوم ولكنه يعود فيوضح للرسول كنه هذا اليوم بهذه الآيات.

وبعد أن يتوعد الله تعالى المكذبين فيقول لهم " ويل يومئذ للمكذبين " والملاحظ كما قلنا أن هذه الآية تكررت في السورة عشر مرات وفي هذا إشارة إلى أن التوعد حق للرحمن , فلقد أرسل إلى عباده النذر المتتاليات الجلي منها والخفي ولكنهم كذبوا وعاندوا فلذلك يستحقون الويل في هذا اليوم.

يتبع ............

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[13 Jun 2008, 09:05 ص]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير