تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال آخرون: ليس ذلك من الأضداد، إنّما هي لغات. قال الخليل: من عجائب الكلام ووُسْع العربيَّة، أنَّ الشَّعْب يكون تفرُّقاً، ويكون اجتماعاً.

وقال ابن دريد: الشَّعب: الافتراق، والشَّعْب: الاجتماع.

وليس ذلك من الأضداد، وإنّما هي لغةٌ لقوم. فالذي ذكرناه من الافتراق.

وقولهم للصَّدْعِ في الشيء شَعْب. ومنه الشَّعْب: ما تشعّبَ من قبائل العرب والعجم، والجمع شعوب. قال جل ثناؤه: وَجَعلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ [الحجرات 13]. ويقال الشَّعب: الحَيُّ العظيم. قالوا: ومَشعب الحقّ: طريقُه. قال الكميت:

فما لِيَ إلاَّ * آلَ أحمدَ شيعةٌ وما لي إلاّ مَشعَب الحقِّ مَشْعَبُ

ويقال: انشعبت بهم الطُّرق، إذا تفرَّقَتْ، وانشعبت أغصانُ الشجرة. فأمَّا شُعَب الفَرَس، فيقال إنَّه أقطارُهُ التي تعلُو منه، كالعنق والمَنْسِج، وما أشرف منه. قال: ويقال ظبيٌ أشعبُ، إذا تفرَّق قرناه فتبايَنَا ببينونةً شديدة. قال أبو دُؤاد:

وقُصْرَى شَنجِ الأنسا ءِ نَبّاحٍ من الشُّعْبِ

والشِّعب: ما انفرَجَ بين الجبلَين. وشَعوبُ: المنِيّة؛ لأنَّها تَشعَب، أي تفرِّق.

ويقال شَعبتْهم المنيّة فانشعبوا، أي فرّقتْهم فافترقوا. والشَّعِيب: السِّقاء البالي، وإنَّما سمِّي شَعِيباً لأنَّهُ يَشْعَب الماء الذي فيه، أي لا يحفظُهُ بل يُسيله. قال: قال ابن دريد: "وسمِّي شعبانُ لتشعُّبِهم فيه، وهو تفرُّقُهم في طلب المياه".

وفي الحديث: "ما هذه الفُتْيا التي شعَّبت الناس؟ ". أي فرّقتهم.

وأما الباب الآخر فقولهم شَعَبَ الصَّدْعَ، إذا لاءمَه. وشَعَبَ العُسَّ وما أشبهه.

ويقال للمِثْقَب المِشْعَب. وقد يجوز أن يكون الشَّعْب الذي في باب القبائل سمِّي للاجتماع والائتلاف. اهـ

والذي أراه أن التشعب هو بمعنى التشعب أو التفرع بلغتنا المعاصرة , فلكي يحدث تشعب لا بد من وجود أصل واحد يتشعب منه المتشعبون , لذلك لا بد من حدوث التجمع والافتراق وليس في الأمر عجب , فهذا ما نراه مثلا في الشجرة ففيها أصل واحد ومنها يتشعب الفروع وكذلك في البحر يتشعب منه الخلجان , فإذا نحن نظرنا إلى الآية الموجودة بين أيدينا وجدنا أنها تشير إلى وجود أكثر من مصدر للضوء في هذا اليوم والله أعلم بكيفية وجود مصادر الضوء هذه , وعند وجود هذه المصادر المتعددة المختلفة يتكون هناك ظل ثلاثي الشعب , ونزيد الصورة توضيحا وتقريبا للقارئ فنقول:

لقد أصبحنا نرى هذا المشهد من الظل في أيامنا هذه , فلاعب كرة القدم في الملعب له أربعة ظلال لوجود كشافات في الاتجاهات الأربعة , ومن المعلوم أن الظل يتكون من وقوع الضوء على جسم فتحدث عملية حجب للضوء عن المساحة خلف هذا الجسم لأن الجسم حجب الضوء عنها ويظهر الظل متشكلا بشكل الجسم الحاجب للضوء , أما في حالة وجود مصادر الضوء في الاتجاهات المختلفة فإنا نرى ظلا فعلا ولكن هذا الظل يكون رفيعا نحيلا لا يجدي ولا ينفع. لذا فإن تصوري للمشهد يوم القيامة أنه مماثل لما نراه في أيامنا هذه من وجود مصادر مختلفة للضوء وليس مصدرا واحدا , ونذكر القارئ أن الله تعالى قال: " َيوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم: 48] " فالكون يوم القيامة كون غير كوننا هذا , فالله أعلم بمصادر الضوء فيه. ولكن لم سيكون الظل ذا ثلاث شعب لم ليس أربع؟ نقول والله أعلم لأن الاتجاه الرابع هو جهنم ومن هذا الاتجاه لا يأتي أي ضوء وإنما تأتي الأضواء من الاتجاهات الأخرى , لذلك كان الضوء ذا ثلاث شعب وليس أربع والله أعلم.

ولوجود الضوء من اتجاهات مختلفة فُقدت فائدة الضوء لذلك قال الله تعالى " لا ظليل ولا يغني من اللهب ". ثم يصف الله تعالى النار التي كذبوا بها فيقول: " إنها ترمي بشرر كالقصر " والشرر معروف وهو ما يتطاير من النار , ولكن هل المراد من القصر هو البناء العظيم المعروف؟ الناظر يجد أن بعض المفسرين قالوا أن المراد من القصر هو البناء الكبير المعروف! ولست أدري ما العلاقة بين القصر وشرر جهنم؟! فالقصر في الفكر البشري كله رمز للنعيم والثراء , فكيف يشبه به نار جهنم؟! أما إذا أراد التشبيه في الحجم فهناك الكثير من المشبهات والتي تناسب هذا الموقف! ثم إن السادة القائلين بهذا القول غفلوا عن أن القصر مشبه به بالنسبة للشرر وهو جمع وكذلك هو مشبه بالجمالات الصفر وهي جمع فكيف يأتي مفرد بين جمعين ويكون مشتركا بينهما؟! الراجح أن المراد إذا من القصر هنا هو صيغة جمع وليس اسما مفردا , فإذا نحن نظرنا اللغة وجدنا أن القصر جمع قصرة , كما أن التمر جمع تمرة! فما هي القصرة؟

القصرة هي الواحد من الحطب الجزل الغليظ وقيل أن المراد منها أصول النخل أو الشجر،ولقد روي عن ابن عباس " قال عبد الرحمن بن عابس: سألت ابن عباس عن القصر فقال: هو خشب كنا ندخره للشتاء نقطعه وكنا نسميه القصر " وبغض النظر عن كونه حطب غليظ أو أصول الشجر فالمعنى واضح وهو أن شرارة النار والتي هي شيء حقير في الدنيا مثل أصل الشجرة , ومن المعلوم بداهة وجود علاقة بين الشجر والنار. إذا فالمراد من القصر هو جمع وليس مفرد وهو نبات والنبات يستعمل في الإيقاد , فهناك علاقة بين القصر والشرر , وكذلك فإنه من الممكن أن يشبه هذا القصر بالجمالات الصفر والمراد من الجمالات الصفر جمع جمل أو جمالة وهي الحيوان المعروف وقيل أن المراد منها حبال السفن الغليظة والأرجح والله أعلم أن المراد من ذلك الحيوان لا الحبال , لأن الحيوان فيه حركة واندفاع كما يكون من الشرر بخلاف الحبال الخاملة , والناظر في أقوال المفسرين في الصفر يجد أنهم يميلون إلى جعلها مسودة وليست صفراء!

يتبع ......................

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير