تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله وبين ما تكتبه الكتبة المكلفة بإحصاء عمل بني آدمَ , ولا أظنُّ اختلاف الإسناد فيها من الله إلى الملائكة إلا كاختلاف إسناد توفي الأنفس في القرآن إلى الله تارةً وإلى الملائكة أخرى , والمؤدى واحدٌ والتفريق بينهما في الكتابة في الدنيا والآخرة يحتاجُ دليلاً عسى أن توردوه أو تبينوا وجه الفرق.

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[16 Jul 2008, 04:32 م]ـ

أما قوله تعالى " وكل شيء أحصيناه كتابا " النبأ 29 فهو في وصف القدر وكل شيء بقدر ومسطور من قبل ولا علاقة له بكتابة أعمال المكلفين التي يحاسبون عليها وإنما في سياق بيان علم الله ما كان وما سيكون.

ها أنت يا شيخنا تعود بحمد الله ومَنِّه إلى التراث والمألوف لتتبع رجالاً وقروناً خلت ممن تدارسوا القرآن وفسَّروا تلك الآية بما ذكرتضه أنت من أن المراد بها وصف القدر , ولم تزد عليهم إلا نفي علاقة الآية بشيء غير ذلك.

وهناك غيرهم ممن فسرها على أن مراد الله منها أنا علمنا أعمال العباد كلهم وكتبناها عليهم وسنجزيهم على ذلك إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

وهناك غير هاتين الطائفتين ممن رأى اتساع لفظ الآية لهذا وذاك.

وأما قوله " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها" وشبهه فهي في سياق الأعمال الجماعية التي لا تغفر أبدا بل تكتب في الدنيا ويحاسبون عليها وهكذا نتبين خطورة المجاهرة بالمعصية ونتبين خطورة المشاركة في الإثم والعدوان.

أيها الأستاذ الفاضل:

لا أفهم وجه الدلالة التي عنَّت لكم في الآية على أنَّ المراد بالكتاب هنا ما كتبه الملائكة من الأعمال الجماعية التي لا تغفر وكيف توصلتم إليه , مع أنَّ الأولى من ذلكم والأصرحُ أن يكون لفظ (الكتاب) هنا تعبيراً عن جنس الكتاب ويشمل بذلك كتب الصالحين ووغيرهم من أهل الذنوب والمعاصي الفردية والجماعية , لأن الله قال في غير هذا الموضع عقب الحديث عن النفخة التي تصعق برَّ الخلق وفاجرَهُم (وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون) وهو هنا كذلك اسمُ جنسٍ يشمل كلَّ كتاب.

وأنا أثمَّن لكم يا شيخُ هذا التنزل واتساعَ الصدر ورحابته , وهذا عنوان خيرٍ إن شاء الله و وإن لم تتسع لنا صدوركم فإلى من تكلونا , فمنكم نتعلم ونستفيد وفقكم الله وسدد خطاكم.

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[20 Jul 2008, 10:51 م]ـ

قلتم حفظكم الله تعالى:

وتعني هذه المثاني وغيرها أن أعمال المكلفين لن تكتب في حياتهم الدنيا وإنما بعد البعث حين يقوم الحساب كما هو صريح حرف يس أن كتابة أعمال المكلفين هي مما يستقبل بعد نفاذ الوعد بإحياء الموتى.

و أعودُ من حيثُ انتهيت لأصارحكم أيها المباركُ بالقول: إنَّ موضوع كتابة الأعمالِ في الدنيا شغل ذهني حتى صرتُ كلما مررت بنص من نصوص الوحيين الدالة صراحةً على خلاف ما قررتموه - من تأجيل الكتابة إلى الآخرة - تعزّز عندي اليقينُ بأن أعمال المكلفين خيرَها وشرّها تكتب في الدنيا وتعرضُ عليهم في الآخرة ويحاسبون عليها يومئذ.

وقد أشار العلماء إلى أجوبتهم عما استدللتم به من أفعال المضارعة الدالة على استقبال الكتابة والتدوين في الآخرة (وأنتم أعلم بذلك مني) وتمنيتُ أن لو جعلتم من منهجكم في التفسير الردَّ على ما سبق تدوينه واستقراره في أذهان الناس من أجوبة السابقين مما يمكن أن يعترضَ به عليكم المُجِلُّون للتراث والمألوف , ولكني احتراماً لشرطك بجعل الدليل المستَدَل به على خلاف قولكم آيةً أو حديثاً فلن أذكر من ذلكم شيئاً , ولو كنتُ أعتقد أنّ أفهام العلماء وتراثهمُ المألوفَ دليلٌ شرعيٌ حمد الله المصيرَ إليه عند الاشتباه ونسبَ المخرجَ فيه - لا إلى الظاهر المتبادر - بل إلى الاستنباط المعتمد على إعمال الفكر في الألة والخروج منها بما يغيب عن أبصار وبصائر كثيرٍ من الناس.

قال الله تعالى عن صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم في أول سورة القتال (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير